بعد اعتقال قائد التنظيم وعشرات الأعضاء
ديترويت – في إطار الجهود الفدرالية المستمرة منذ عدة سنوات لمكافحة الجريمة المنظمة في ديترويت، وجهت الحكومة الأميركية الأسبوع الماضي اتهامات جنائية لـ40 شخصاً ينتمون إلى واحدة من أكثر عصابات الشوارع دموية في المدينة، وتُعرف باسم «نوّاب الربّ» (ڤايس لوردز).
وشملت وثيقة الاتهام المكونة من 120 صفحة، والتي تم الكشف عنها أمام المحكمة الفدرالية في ديترويت مؤخراً، اتهامات تتراوح بين القتل والسطو المسلح وحيازة الأسلحة ومحاولة تصفية سجناء لأغراض انتقامية، وذلك بعد تحقيقات استمرت لأكثر من ثلاث سنوات.
وجميع المتهمين ينتمون إلى عصابة «أمة نواب الرب العظيم»، التي تقول السلطات إنها من أنشط عصابات نقل المخدرات عبر البلاد منذ عقود، فضلاً عن كونها من أكثر العصابات عنفاً وترويعاً بأي شخص يعترض سطوتها على الأحياء، وفقاً للمسؤولين الفدراليين.
ووصف مدير مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات (أي تي أف) في ديترويت، جيمس دير، «أمة نواب الرب» بأنها من أكثر المنظمات الإجرامية استخداماً للعنف في المدينة التي شهدت طفرة في الجرائم المسلحة خلال أزمة وباء كورونا.
وانتقد المسؤول الفدرالي بشدة، الدعوات إلى الحد من تمويل الشرطة، لافتاً إلى أن ديترويت بحاجة إلى تضافر جهود الوكالات الفدرالية مع الشرطة المحلية لبسط الأمن في المدينة التي استباحتها العصابات لعقود طويلة في إطار تنافسها على تجارة المخدرات في الأحياء المختلفة.
الوضع الأمني
بدأت الوكالات الأمنية الفدرالية بالانخراط في جهود مكافحة الجريمة في ديترويت منذ أواخر عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مروراً بعهد خلفه دونالد ترامب ووصولاً إلى الرئيس الحالي جو بايدن.
وإذا كانت تلك الجهود قد أسفرت عن اعتقال وإدانة المئات من أعضاء العصابات العنيفة ونجحت في الحدّ جزئياً من معدلات الجريمة في المدينة، فإن العام الماضي سجل ارتفاعاً لافتاً في مستويات العنف بالتزامن مع أزمة وباء كورونا والاضطرابات الأمنية التي هزّت الولايات المتحدة عقب مقتل الإفريقي الأميركي جورج فلويد على يد شرطي أبيض في مدينة مينيابوليس.
وفي السياق، أكد دير على ضرورة استمرار الجهود الفدرالية الداعمة لشرطة ديترويت، مستشهداً بتفكيك عصابة «نواب الرب» كدليل على أهمية هذا الدور.
وكشف دير أن جرائم القتل في المدينة ارتفعت بنسبة 47.7 بالمئة منذ بداية العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، مشيراً إلى أن عنف العصابات مسؤول عن الكثير من تلك الجرائم.
وأوضح بأن لائحة المتهمين من عصابة «نواب الرب» «ليسوا غرباء عن الأجهزة الأمنية، مؤكداً أنه تم اعتقالهم بالمجمل، 365 مرة في السابق بناء على مذكرات اعتقال جنائية، لكن ذلك لم يمنعهم من مواصلة نشاطهم الإجرامي في المدينة بعد فترة وجيزة.
وعادة ما تكون عقوبات الأحكام الفدرالية أكثر صرامة من الأحكام المحلية لاسيما إذا كانت الجرائم تتعلق باستخدام الأسلحة النارية، ما يعني أن المتهمين قد يُزجّ بهم خلف القضبان لسنوات طويلة في حال إدانتهم أمام القضاء الفدرالي.
كذلك، أشار دير إلى أن حوادث إطلاق النار غير المميتة في ديترويت ارتفعت بنسبة 87 بالمئة مقارنة بأرقام ما قبل وباء كورونا، موضحاً أن العام 2019 سجل انخفاضاً قياسياً لجرائم العنف التي تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ ستينيات القرن الماضي.
وقال المسؤول الفدرالي: «نحن ملتزمون بتزويد هذه المدينة بكل الموارد التي تحتاجها حتى لا يضطر السكان إلى القلق بشأن إمكانية إصابتهم برصاصة طائشة»، محذراً من أن السلطات الأمنية لن تتوانى عن شن حملات اعتقال جديدة في إطار جهودها لبسط الأمن في المدينة.
وأضاف: «لقد قتل الكثير من الناس، وذلك يجب أن يتوقف».
ولفت دير إلى أنه مع اقتراب فصل الصيف، من المرجح أن يزداد العنف المسلح في ديترويت، وبالتالي لا بد استمرار التعاون بين شرطة المدينة والوكالات الفدرالية لتحديد وتعطيل العصابات التي تنخرط في استخدام السلاح.
نواب الرب
من بين المتهمين الأربعين الذين تم كشف عن أسمائهم في قائمة الاتهام الأخيرة، زعيم عصابة «نواب الرب» في ميشيغن، كفين فوردهام المعروف باسم «سباغيتي» (51 عاماً)، والذي يتمتع بسجل عدلي نظيف وليست لديه أية إدانات جنائية سابقة، ونائبه مارتين مورف (52 عاماً).
وأوضح المحققون الفدراليون أن من آليات عمل العصابة التي يُرجّح أنها تضم حوالي 700 عضو في ميشيغن، توفير أعلى مستويات الحماية لقادة المنظمة من أجل حمايتهم من الملاحقة القانونية.
وباستثناء شخصين أحدهما مطلوب بجريمة قتل، نجحت السلطات الفدرالية في اعتقال جميع المطلوبين من أفراد العصابة، من خلال 12 مداهمة في ديترويت ومداهمة واحدة في شيكاغو أسفرت أيضاً عن مصادرة العديد من الأسلحة وكميات كبيرة من المخدرات المتنوعة.
ووفقاً للائحة الاتهام، فإن عصابة «نواب الرب» هي تنظيم وطني تأسس بمدينة شيكاغو في ستينيات القرن الماضي، ونشط على مدى العقود اللاحقة في تهريب وتجارة المخدرات، بما في ذلك الكوكايين والهيروين والفنتانيل ومواد أخرى.
ولدى التنظيم، فروع عصابات شوارع متعددة في أنحاء متفرقة من البلاد، يقودها «ملوك» و«أمراء». وتعمل تلك المجموعات لتحقيق هدف رئيسي وهو بيع المخدرات وحماية مناطق نفوذها وتوفير الأموال لأعضائها المسجونين فضلاً عن استخدام تكتيكات الخوف والترهيب للحفاظ على سلطتها. وتقول السلطات أيضاً إن العصابة تتمتع بنفوذ قوي داخل نظام السجون في ميشيغن.
ويمكن الانضمام إلى المنظمة، إما بمباركة أحد القادة وإما قسراً. لكن الجميع عليهم أن يؤدوا قسم التزام الصمت تحت طائلة «الموت أو الشقاء لمدى الحياة» كعقاب على فعل الخيانة.
وفي تعليق له على تفكيك عصابة «نواب الرب»، قال قائد شرطة ديترويت المؤقت، جيمس وايت: «هذه ليست سوى البداية» لافتاً إلى أن المتهمين تتراوح أعمارهم بين 24 و54 عاماً.
Leave a Reply