لا تعهدات إسرائيلية ولا ضمانات أميركية ولا شروط مسبقة
رام الله، القدس المحتلة – عشية الذكرى الـ٦٢ للنكبة انطلقت الأسبوع الماضي المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بوساطة أميركية بعد فترة توقف استمرت أكثر من عام “تخندق” الجانبان خلالها في مواقفهما وتفاقم انعدام الثقة بينهما.
وقد اختتم المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل، أمس، الجولة الأولى من مفاوضات التقارب بين إسرائيل والفلسطينيين، التي اتسمت بسرعة قياسية، بحيث لم تستغرق سوى بضع ساعات تلت قرار منظمة التحرير الفلسطينية القاضي بالموافقة على استئناف التفاوض.
ورغم الأجواء الإيجابية في هذه الجولة، التي ستستكمل الأسبوع المقبل بعودة ميتشل إلى المنطقة مجدداً، فإنّ حالاً من الشك تشوب هذه المفاوضات، خاصة بعد إعلان اسرائيل أن لا ضمانات إسرائيلية لواشنطن بوقف الاستيطان، وهو ما ترجم سريعاً بالإعلان عن بدء العمل في بناء 14 وحدة سكنية جديدة في القدس المحتلة.
وقالت حركة “السلام الآن” الإسرائيلية إن عمليات البناء الأولى بدأت في 14 وحدة استيطانية سكنية في بؤرة معاليه داود الاستيطانية في القدس الشرقية. والبناء المزمع هو مجمع إسكاني يُخطط لإقامته داخل حي رأس العامود، ويتوقع أن يصبح المجمع أكبر مشروع إسكاني يهودي في القدس الشرقية إذا سارت الأمور وفقا للمخططات.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أنّ “الطرفين اتخذا خطوات للمساعدة في خلق مناخ يساعد على إنجاح المفاوضات، بما في ذلك بيان الرئيس الفلسطيني عباس الذي تعهد بمواجهة أي استفزازات، وبيان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي قال إنّه لن يكون هناك أي بناء في (مستوطنة) رامات شلومو خلال السنتين المقبلتين”. وحذر البيان من أن “على الطرفين أن يدركا أنه في حال أقدم أي منهما على خطوات كبيرة خلال المحادثات غير المباشرة نراها تقوض الثقة على نحو خطير فسنرد بتحميله المسؤولية ونضمن أن تستمر المفاوضات”، مشيراً إلى أنّ ميتشل “شدد على أهمية تحقيق تقدم في هذه المفاوضات بهدف تمكين الفرقاء على المضي قدماً نحو مفاوضات مباشرة تقود إلى حل للصراع عن طريق إقامة دولتين، فيما يبقى هدفنا التوصل إلى سلام شامل في الشرق الأوسط”.
ومن جهته، قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات للصحفيين عقب الاجتماع الذي عقده المبعوث الأميركي للسلام جورج ميتشل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، “يمكن القول إن مفاوضات التقارب انطلقت”. ويرأس الرئيس عباس بنفسه الجانب الفلسطيني في المحادثات. واتفق عباس وميتشل في اجتماع سابق على أن المفاوضات ستستمر أربعة أشهر فقط.
وشدد عريقات على أنه سيتم خلال المفاوضات طرح جميع القضايا المتعلقة بالحل النهائي بما يشمل القدس واللاجئين والمستوطنات والمياه والأمن والحدود، إضافة إلى الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل.
وتابع عريقات بالقول: “في بداية الأربعة أشهر، سيتم التركيز على الحدود والأمن وهذا لا يعني إهمال أي من القضايا الأخرى، فلا يوجد شيء متفق عليه إلا بعد الاتفاق على كل شيء”. وأشار إلى أن الإدارة الأميركية ستصدر، بيانا توضح فيه كل مواقفها، قائلا، “نأمل أن تتجاوب الحكومة الإسرائيلية مع جهود الإدارة الأميركية لإعطاء الفرصة لعملية السلام ولجهود السيناتور ميتشل، بعيدا عن كل ما من شانه أن يكرس الإملاءات وفرض الحقائق على الأرض وبناء المستوطنات والاقتحامات”.
وقال عريقات إن “الذي يعنينا هو ما سنشاهده على الأرض، خاصة في مجال الاستيطان، ونحن قلنا إن هذه العملية تستحق أن تعطى الفرصة، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تختار إما أن تستمر في البناء الاستيطاني على الأرض، وإما إن تعطي فرصة لعملية السلام لا يمكن الجمع بين الأمرين”.
وحول طبيعة المفاوضات، قال عريقات “ليست هناك محادثات، أو مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي وإنما المحادثات مع الجانب الأميركي، ونحن طلبنا من الجانب الأميركي الإعلان عن مواقفه وتعهداته وضماناته وخطوات المحادثات”.
من جانبه أعرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن أمله في أن تؤدي المباحثات غير المباشرة سريعا إلى إطلاق المفاوضات المباشرة. وقال نتنياهو في بدء الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية في القدس “لا يمكن تحقيق السلام من مسافة بعيدة أو بجهاز تحكم عن بعد، خاصة أننا والفلسطينيين جيران”. وأضاف “بمرور الوقت، لا يتصور أننا سنتخذ قرارات ونبرم اتفاقات بشأن قضايا هامة، بدون الجلوس سويا في نفس الغرفة”. وأضاف أن هذه المباحثات ستجري بدون شروط مسبقة.
ورد عريقات على تصريحات نتنياهو قائلا “عندما يعلن نتنياهو وقفه للاستيطان بما يشمل النمو الطبيعي وبما يشمل القدس واستئناف المحادثات من النقطة التي توقفت عندها في كانون الأول (ديسمبر) 2008 سيصار الى المحادثات المباشرة. نتنياهو الذي يرفض المحادثات المباشرة من خلال إصراره على ان يقول بدأنا في هذه الوحدات الاستيطانية وسنستمر فيها. حال توقفه عن البناء الاستيطاني بشكل تام سيكون هناك محادثات مباشرة”.
مشعل: قرار العودة الى المفاوضات خاطئ
من جهته، أكد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن لجنة المبادرة العربية أخطأت في قرارها إعطاء فرصة لمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل.
وقال مشعل في حوار مطول مع صحيفة “المصري اليوم” المستقلة “من يراقب الموقف العربي أو الفلسطيني الرسمي في إدارتهم للمفاوضات مع العدو الصهيوني يلحظ للأسف اضطراباً وارتباكاً ومراوحة في ذات المربع، بل تراجعاً عن مواقف سابقة، فلجنة المبادرة ذاتها قبل شهر وتحديداً قبل القمة العربية ربطت بين العودة للمفاوضات وتجميد الاستيطان، وقمة سرت أكدت ذلك بقرار عربي، واليوم لجنة المبادرة العربية في اجتماعها الأخير فى القاهرة تتراجع عن ذلك، وبالتالي تتراجع عن شرط تجميد الاستيطان، وهذا يضعف الموقف العربي والفلسطيني ويغري إسرائيل بالمزيد من التشدد والإمعان في الاستيطان، وتجاهل المطالب الفلسطينية والعربية”.
Leave a Reply