المملكة تتغيّر!
الرياض – في إطار رؤية ٢٠٣٠ التي تتطلع إلى تحويل السعودية إلى دولة عصرية والتخلص من قيود التشدد الديني الوهابي، أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز، الثلاثاء الماضي، أمراً سامياً يسمح بموجبه للمرأة بقيادة السيارة في المملكة، في خطوة قوبلت بكثير من «التهليل» السعودي والأميركي، وبغطاء من «كبار العلماء» الذين اكتشفوا فجأة أن قيادة المرأة للسيارة «مباحة» شرعاً.
وجاء القرار الجديد في سياق سلسلة خطوات داخلية متلاحقة اتخذتها السعودية مؤخراً، ليشي بأن المملكة تتجه نحو خلع العباءة الدينية المتشددة في إطار رؤية ولي العهد لمستقبل البلاد، في الوقت الذي تعيش الرياض على وقع أزمات إقليمية متفجرة وضغوط أميركية للتخلي عن الفكر الوهابي المتشدد الذي نشرته ودعمته السعودية وأثمر تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة» و«داعش».
وإلى جانب العوامل الخارجية، يلعب الصراع السعودي-السعودي على العرش دوراً رئيسياً لما ستؤول إليه الأحداث في المملكة نتيجة التغيرات المتسارعة التي تعيشها ومدى قدرة المجتمع على تقبلها من دون حدوث اضطرابات، لاسيما إذا ما تدخلت دول إقليمية لتأجيج الخلافات بين أطراف الأسرة المالكة، وتحديداً قطر.
ويربط المراقبون قرار الملك السعودي، بـ«معركة داخلية» في السعودية بين النظام الجديد هو نظام الملك سلمان وابنه محمد، اللذين يريدان أن يوصلا للعالم أن هناك مملكة سعودية جديدة، ويريدان أن يطيحا بالأيديولوجية الوهّابية.
غير أن الملك ووريثه حصلا على غطاء كبار العلماء ومباركتهم، وذلك عقب حملة اعتقالات طالت عدداً من رجال الدين الذين يشتبه بأنهم قد يثيرون الرأي العام ضد «الفتوى الاكتشاف»، بعد عقود طويلة من التحريم الذي أساء لصورة الإسلام والمسلمين حول العالم، لتصبح السعودية في العام ٢٠١٧ آخر دولة في العالم تسمح لنسائها بقيادة السيارة.
الأمر السامي
وقال الملك سلمان في أمره السامي الذي سينهي رسمياً الحظر الجائر على النساء بحلول حزيران (يونيو) 2018: «نشير إلى ما يترتب من سلبيات من عدم السماح للمرأة بقيادة المركبة، والإيجابيات المتوخاة من السماح لها بذلك مع مراعاة تطبيق الضوابط الشرعية اللازمة والتقيد بها».
وأضاف «كما نشير إلى ما رآه أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء بشأن قيادة المرأة للمركبة من أن الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وأن مرئيات من تحفظ عليه تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن، وأنهم لا يرون مانعاً من السماح لها بقيادة المركبة في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية اللازمة لتلافي تلك الذرائع ولو كانت في نطاق الاحتمال المشكوك فيه».
وقضى الأمر الملكي باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية، بما فيها إصدار رخص القيادة على الذكور والإناث على حد سواء، مما يعني إتاحة المجال أمام المرأة لقيادة السيارة.
ودعا الملك إلى تشكيل لجنة رفيعة من وزارات الداخلية، والمالية، والعمل والتنمية الاجتماعية؛ لدراسة الترتيبات اللازمة لإنفاذ ذلك، وعلى اللجنة الرفع بتوصياتها خلال ثلاثين يوماً من تاريخه، ويكون التنفيذ بعد عشرة أشهر.
ويعد الأمر الملكي بتغيير نمط الحياة للكثيرات من نحو عشرة ملايين إمرأة فوق سن العشرين، بينهن أجنبيات، يعشن في السعودية.
ونقل حساب وزارة الداخلية على «تويتر» عن الوزير قوله «قيادة المرأة للسيارة سيُحوّل سلامة المرور إلى ممارسة تربوية تؤدي للحد من الخسائر البشرية والإقتصادية الناجمة عن الحوادث» دون توضيح إضافي.
ترامب يرحب
أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقرار السعودية السماح للمرأة بقيادة السيارة واصفاً إياه بالخطوة الإيجابية.
وقال بيان للبيت الأبيض «إن الرئيس دونالد ترامب يشيد بقرار المملكة العربية السعودية اليوم التأكيد على حق المرأة في القيادة في المملكة».
وأضاف البيان «هذه خطوة إيجابية نحو تعزيز حقوق المرأة وفرصها في المملكة العربية السعودية».
وختم البيان بالقول: «سنواصل دعم المملكة العربية السعودية في جهودها الرامية إلى تعزيز المجتمع السعودي والاقتصاد من خلال الإصلاحات من هذا القبيل وتنفيذ رؤية السعودية 2030».
وقال سفير المملكة العربية السعودية بواشنطن، الأمير خالد بن سلمان، الذي كان أول من يعلن الأمر الملكي لوسائل الإعلام، إن «السماح للمرأة بقيادة السيارة خطوة كبيرة. وهو ليس فقط تغييراً اجتماعياً وإنما جزء من الإصلاح الاقتصادي». وأضاف خالد بن سلمان أن «المرأة لن تحتاج إلى إذن وليها لاستخراج رخصة قيادة».
هذا ورحبت الخارجية الأميركية في بيان، عقب إصدار الأمر الملكي، بقرار المملكة، فيما يتوقع مراقبون أن تتخذ السعودية خطوات أخرى في إطار رؤية تطوير المملكة ٢٠٣٠، وفق برنامج ولي عهد الأمير محمد بن سلمان.
تغييرات مفاجئة
وجاء الأمر الملكي الجديد بعد أيام قليلة من صدور قرار يجيز للمرأة السعودية التواجد في الملاعب لمشاهدة المباريات الرياضية. وتأتي هذه التطورات وسط تقارير تتحدث عن اتساع مساحة الترفيه في السعودية والسماح بتنظيم الحفلات الموسيقية.
وقد احتشدت مئات النساء السبت الماضي في ملعب رياضي للمرة الأولى، ونظمت عروض تضمنت حفلات موسيقية مع رقص شعبي وألعاباً نارية.
وكانت السلطات السعودية قد قررت الأربعاء الماضي رفع الحظر المفروض على تطبيقات إجراء الاتصالات بالصوت والصورة عبر الإنترنت، مثل و«اتساب» و«سكايب» و«فايبر».
امرأة تتحدث باسم السعودية في واشنطن!
واشنطن – عينت وزارة الخارجية السعودية فاطمة سالم باعشن متحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن لتكون أول سيدة سعودية في ذلك المنصب. وباعشن حاصلة على شهادة الماجستير من «جامعة شيكاغو» الأميركية.
شغلت باعشن مناصب قيادية عدة، أبرزها مديرة في مؤسسة الجزيرة العربية في العاصمة الأميركية واشنطن، كما عملت في وزارة العمل والاقتصاد والتخطيط بين عامَي 2014 و2017.
وشملت مجالات تركيزها سوق العمل، وتنمية القطاع الخاص، وتمكين المرأة اقتصادياً.
وعملت باعشن كذلك مستشارة في الاستراتيجية الاجتماعية والاقتصادية للبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية ومؤسسة الإمارات لتنمية الشباب.
Leave a Reply