في شوارع الديربورنين وديترويت عموماً تعترضنا أثناء قيادتنا لسياراتنا، ظواهر ومظاهر إيجابية كالتزام السائقين والسائقات بنظام السير وذلك ما يبعث على الارتياح، كما تعترضنا ظواهر سلبية تجعلنا في حالة استنفار ونفور كظاهرة بروز رؤوس الأطفال من داخل السيارة المفتوحة النوافذ وهم يلوّحون بأيديهم وكأنهم يقفون خلف شبابيك بيوت أهليهم لا خلف أبواب السيارات.
لشدّ ما يؤسفني أني أرى انتشار هذه الظاهرة السلبية ينحصر بين مجتمع جاليتنا، في حين أنها شبه غائبة في أوساط المجتمع الأميركي عموماً، حيث التزام الأمهات بضبط سلوك أطفالهن وإحكام ربطهم بأحزمة الأمان في مقاعدهم قبل البدء بقيادة السيارة، كما لو كانوا على متن الطائرة عند الاقلاع والهبوط، ولا يخفى على أحد من أن انفلات الأطفال داخل السيارة وفوضويتهم العشوائية بإخراج رؤوسهم من فتحات شبابيكها والتلويح بأياديهم، يعرّضهم لمخاطر الاصطدام لا سمح الله. والأخطر من ذلك إحداث الارتباك في الرؤيا لدى السائقين الذين يقودون سياراتهم في الطريق إن كانوا على مقربة من سيارة الاستعراض أو بموازاتها أو حتى بعيداً منها، كما يثبت ذلك وقوع العديد من حوادث الاصطدام بنتيجة مثل هذه الظاهرة المؤسفة حقاً.
نعلم بأن تلافي الأسباب المؤدية إلى وقوع الحوادث مسبقاً يكاد يضمن خلو السجلات المرورية منها لاحقاً، لذلك فإني آمل من الأمهات في جاليتنا أن ينتبهن إلى خطورة مثل هذا الأمر حفاظاً على أطفالهن وسلامتهم كما الحفاظ على سلامة السائقين في الشارع، وبذلك تجري الأمور بانسيابية، لتكون السلامة مصاحبة للجميع. وهذا لا يتأتى إلا من خلال الحرص على تنفيذ تعليمات السلامة لنضمن سيراً حضارياً يخلو أو يجنبنا من مخاطر الطريق واجتيازه رواحاً ومجيئاً بعد قضاء حاجاتنا من قطع المسافات في الطرقات والشوارع.
إن انصباب الاهتمام على ضمان سلامة الأطفال من قبل الأم قبل قيادة سيارتها المحملة بأرواح أطفالها، هو أفضل بما لا يقاس من اهتمام الأم بطلاء الشفاه بالأحمر والانهماك بمظهرها ساعة الخروج إلى القيادة والجلوس وراء المقود تاركة الأطفال يلهون ويلعبون داخل السيارة دون انضباط، فيما هي تلهو بتقليب الكاسيتات أو (السي دي) لسماع الأغاني والموسيقى، أو الانهماك بمتابعة المكالمات والرسائل الهاتفية وكأن السيارة هي المكان الوحيد الذي تمارس فيه هذه العادة.
فإذا نزف دم الطفل عند وقوع الحادث لاسمح الله، فإن الأم لن ينفعها الطلاء الأحمر على شفتيها، كذلك صراخه أثناء الحادث لن يغطي عليه سماعها الأغاني والموسيقى الصاخبة، ولن تنقذهم مكالماتها الهاتفية، وعند ذاك لا ينفع الندم، وحسناً ما فعلت جهات تشريعية في العمل على سنّ قانون يمنع بموجبه استعمال الهاتف والإلكترونيات أثناء قيادة السيارة.
لذلك فإني أتوجه لمثل أولئك الأمهات أن يمنحن اهتمامهن إلى أطفالهن، باستمرار التوجيه وربطهم إلى المقاعد قبل البدء في السياقة وقبل حصولهن على «تيكت» المخالفة من قبل البوليس، كفانا وإياكم شرور المخالفات وما يترتب عليها من غرامات، كما يكفينا الله وإياكم مغبة الحوادث.
Leave a Reply