هي سيدة ارستقراطية فقدت زوجها الثري وأصبحت وحيدة لا يؤنس وحشتها في هذا العالم الصعب، والخالي من الأحباء والأصدقاء، إلا الكلب “سونسن”، الذي تهتم به اهتماما خاصا. وكل ما تخشاه أن يقتحم حياتها، شقيق زوجها ومعه ابنه. هي تهرب وتتملص منهما لأنهما يهدادان حياتها ويريدان أن يرثاها وهي على قيد الحياة.
ووفقا للأصول الارستقراطية التي تربت عليها لا تكاشفهم بتلك النوايا الخبيثة، وتضع كل اهتمامها في خدمة الكلب، فتعين له حارسا خاصا من “البودي غاردز” الأشداء، وتوظف له “بيبي ستر” أو “دادة” تسهر على راحته واستحمامه وأكله ونومه.
في حفل عيد ميلاد “سونسن” تقوم السيدة بدعوة كل زملائه من الكلاب، أولاد الذوات الكلاب مثله، وتقيم في قصرها حفلا كبيرا تقدم فيه ما لذّ وطاب من الطعام، والألعاب وكل المغريات التي تسعد “سونسن” وضيوفه من الكلاب، وتجعل الجميع خداما لـ”سونسن” في تلك الليلة، حيث يقف “رامبو” وهذا اسم الحارس الشخصي له في وضع متأهب، لأنه المسؤول عن حياة “سونسن”، أهم من يعيش في القصر وحارسه الأمين الذي من الممكن أن يفتديه بعمره، خاصة وأن بعض الشائعات انتشرت عن هجوم مفاجئ لاختطاف “سونسن”، مما جعل سكان القصر يخافون على حياة الكلب المدلل، الذي هو كل شيء في حياة سيدته الارستقراطية.
إن هذه السيدة الارستقراطية الثرية تعتقد أن هذا العالم البشع، الصدئ، لم يعد يعرف معنى للصداقة والمحبة بقدر ما يعرف الكراهية والحقد والبغضاء. الكل يكذب ويسرق وينافق. الكل يلف ويدور حسدا وطمعا، بالمقابل، “سونسن” بسيط وواضح ومخلص ووفي. كل ما يريده طعام وحنان. إنه لا يفكر في قتل أو إيذاء أحد. ما أظرفه من مخلوق وصديق حقيقي في عالم يفتقر إلى الأصدقاء ويخلو من الأحباء.
المثير، أن الكلب سونسن يحس بكل مايدور حوله من مؤامرات، ويشتم رائحة الخيانة، ولا يأمن إلا لصاحبته الوفية،وكل ما كان يخشاه أن يبيعه أحد لآخر من أجل مصلحة ما، فالكل يبيع في عالمنا اليوم، ومن أجل المال والطمع والنزوات تتم معظم الصفقات دناءة.
في ظل ذلك الجو المليء بالتوتر، يتوسط أحد من موظفي القصر في محاولة لتزويج السيدة من الطامع في ثروتها، شقيق زوجها المتوفي، لكنها ترفض بشدة أخلاصا للزوج الراحل وذلك يجعلها تتمسك بسونسن أكثر. مما يدفع شقيق زوجها ليتبسط مع الكلب والتقرب اليه في محاولة لعقد صداقة معه وكسب مودة صاحبته. لكن الكلب الذكي، يرفض أن يكون جسرا لهذه العلاقة، فيتمرد ويثور.
في النهاية، تتجسد مختلف المشاكل في مخيلة الكلب الى الحد الذي يجعله يرفض العيش في ذلك العالم المزيف ويحاول الإفلات منه والهروب ولكن حارسه الأمين يستعيده، لا من أجل حب السيدة له، بل لأنه بدون سونسن لن يقبض مرتبه وسيصبح في الشارع!
“السيد ك” فيلم جميل ورائع للمخرج الراحل صلاح أبو سيف، رائد الواقعية السينمائية المصرية، قدمه كنوع من نقد الواقع نقدا لاذعا والسخرية منه. وهروب السيد “ك” منه نوع من ثورة الحيوان الوفي على صدأ عصرنا وزيفه. تحية للمخرج المبدع الراحل صلاح أبو سيف، وتحية للفنانة الرائعة الراحلة سناء جميل التي أدت دور السيدة، وتحية للسيد “ك” الكلب سونسن. فيلم جميل جدا. استمتعت بمشاهدته الأسبوع الفائت.
Leave a Reply