أنا
وحيدة ٌ
وكئيبة
لا تزعجني القنابلُ كثيراً
ولا أكترث لعويل الملائكة
او أذهب في الصباح الباكر
لشراء الخبز
أكتفي بقطرة حبر ٍ
تضمر لي ليلة خربة
وشمساً توهمني بضجيج
وذكرى لأصدقاء يحلّقون خارج الحب
قصائدها كوجبات الحب، تبدأ مع النهايات غير المتوقعة ومع مقالب القدر، وهي بمثابة شرفة تطلُ منها ما يحدث في داخل الوطن، وصلتها الوحيدة مع العالم تخرجها من سرية النفس الموغلة بالعذاب الى الضوء الساطع لتضعها امام ساحة أخرى هي ساحة “الحياة” كونها تستمد عزمها من الضيم الذي يحيط بها للتفاعل معه نحو بناء قصيدة تهندسها في الشكل والصورة البصرية، لكونها عاشت مع جيلٍ اشكاليٍ يحمل نزوعات كونية مما ولّد لنا من التفاعلات والتثاقفات. وهي بذلك تعانق بقصائدها الكون، وتزمر بأشواقها مدنها العتيقة، لتتناسل وعلى مدار السنوات قدرها المجنون، وهي لم تصغ للأصوات ذات الرغبات والشهوات، رافضة كل الشهقات التي تطاردها، وهي صبية متفهمة وداركة للافواه الجائعة التي تطاردها من خلف الستائر الصفراء.
بصمت بالغ
وعيون مطفأة مثل رغيف الخبز
كنت أتامل أصابع النار
التي تلعثمت في فمك
وانت تناصبني الهمس
هذا ما صنعته على وجهك
أنياب الكلام
ويبقى الشاعر هو الباحث عن مصداقية ولو جزئية ازاء التناقضات الحاصلة في هذا العالم المترامي الاطراف، وكونها شاعرة مستغلة مصداقية اللغة في الكشف او التعبير عن “الحقائق” بصيغة مبصومة بـ”سارترية” “ممركسة” ببنية الوضوح مستثمرة ثقافتها ودرايتها ، مجربة مهارتها اللغوية وبناءها المعماري من اجل اكمال قصيدتها، وهي تطرح شعريتها “البويطيقا” في مجال البنيات التي تتحرك داخل بنيات وضمنها نحن ، مستدعية مجموعة من الأشكال الحركية الافاق وتعددية التأويلات ، يقول عنها الشاعر المصري د.صلاح السردي “أن شعر نجاة عبدالله يتحرك بين ثنائية الوصف والكشف، حيث يعني الوصف التأويل والوصف المغاير للواقع والكشف رؤية ماوراء الاشياء وجوهرها، وان شعرها يتمتع بعمق فكرة الحرب ،والحرب والمأساة.
أشطبُ الرصاصة َ
من رأس أبي
وأقبل فوهة الحرب
لأنها أطلقتني الى العراء
حين احترقت بغداد من خلال الولائم والمشبوهين وزناة الليل، أصرت شاعرتنا العبدالله ان تعيد الزهور الى كل هذا الليل الحزين عبر قصائد فوضوية تجعلها مصدر الهامها، وهي تنظر الى قصيدتها بنظرة مختلفة وكما انها “الطين الحري” “دهشة البراري” “القمصان البرية” أو “تكسٌر دائم للمرايا”، واللغة الشعرية التي تستخدمها في معظم قصائدها فيها الكثير من التكثيف للصورة من خلال معالجة متكئة على القلق الوجودي.
يقول عنها أحد الشعراء المصريين “هناك اسئلة كثيرة تراودها في قصائدها وهي شاعرة حداثية مهمة في الخريطة الشعرية النسائية” وكلنا نعلم لا وجود لما يسمى بالبلاغة القديمة والحديثة، لأن اي شاعر يستطيع الانتقال بينهما بأسلوبه الخاص، هذه الزحمة من التفاعلات والتثاقفات شكلت لها أماكن قهرية موغلة في عزلتها الاضافية، مستغيثة من هذا الألم المزمن الذي أحاط بالعراقيين. ولهذا اختارت المضمون واللغة والصورة وهي تغترف من بحر الشعر من العصر الجاهلي الى يومنا هذا .
الى حياتي
التي كلمتني
ذات يوم
لأصاب بخرس العيش
وجنون الكلمة
الى العراق
الذي يبكيني
ويرسم وجهي
بتضاريس غيابه
تجدر الإشارة إلى أنه كان قد صدر للشاعرة العديد من الدواوين منها “حين عبث الطيف بالطين” عن “دار الشؤون الثقافية العامة” في بغداد . “ذات وطن” عن “دار المحروسة” في مصر و”قيامة استفهام” ونعاس الليلك” وفازت بجائزتين شعريتين هما الجائزة الثالثة في مسابقة “ديوان شرق غرب” لعام 2007. والجائزة الثانية في مسابقة نازك الملائكة التي اقامتها وزارة الثقافة العراقية لعام 2008.
Leave a Reply