مسرحية «الشخص» التي صفّقت لها بيروت في سبعينيات القرن الماضي، هي ليست صناعة رحبانية تحمل ختم الأخوين الرحباني وانتهى الأمر، بل هي صور رمزية لأحداث مطلقة تصلح لكل زمان ومكان.
عبقرية الأخوين تجلت في هذه المسرحية، عبر السيناريو والحوار والأغاني والموسيقى رغم أن القصة قد تبدو للوهلة الأولى أنها مجرد قصة عادية عن حاكم ظالم ومحكوم مظلوم.
الحاكم، هو «الشخص» الذي تسخّر الأحوال والأحداث له، ويحيطه الأتباع والنشطاء في «الحربقة» من خلال هالة من الإكبار والإجلال، وأحياناً الإرهاب، بينما هم أنفسهم يسومون الناس العذاب والإذلال باسمه، ويصورون كل تسلّط واستغلال على أنه أمر منه، أي من «الشخص» الحاكم ذاته.
أما الحقيقة فهي أن «الشخص»، بريء من كل ذلك، بل هو إنسان بسيط يحب الناس ويعيش مثلهم ويسعى لخدمتهم وخير مصالحهم.
القضية قضية الوسطاء المستغلين، الذين يقفون حاجزاً في الطريق بين الحاكم والمحكوم، والذين يٌغرقون الحاكم في الأبهة والملاهي ويدوسون الناس بأقدامهم لجمع الثروة والجبروت… أما الحاكم فمنغمس في الحفلات والتكريمات، و«الثعلب فات فات وبإيدو سبع لفات»، و«بيروح مختار وبيجي مختار والسيارة مش عم تمشي»!
هنا في ديربورن، بدأنا نشاهد الحفلات والتكريمات والمآدب لرئيس البلدية المنتخب عبدالله حمود، وعادت إلى الظهور الوجوه والشِّلل نفسها التي كانت تتزاحم حول «المختار» المنتهية ولايته، جاك أورايلي، قبل زمن كورونا.
وكم أخشى أن تغرق تلك المناسبات وأصحابها، «المختار الجديد»، فيفقدونه ثقة الناس الذين انتخبوه والذين لم ينتخبوه أيضاً.
نحن فخورون به ونريده رئيس بلدية لجميع الديربورنيين وليس فقط للعرب وللمسلمين الغارقين في حميّة الجاهلية.
نحن فخورون أيضاً بجميع المرشحين العرب الذين فازوا في الانتخابات البلدية الأخيرة في ديربورن وغيرها من المدن ذات الكثافة العربية، وكلنا ثقة بقدراتهم ومؤهلاتهم لتولي المسؤولية والقيادة. فلا العلم ولا الشباب ولا الخبرة تنقصهم، بل هم نبراس للطاقة والحماس والاندفاع للخدمة العامة، ومثل يحتذى للجيل الناشىء في الانخراط والمبادرة دون خجل من عروبتهم ودينهم.
وكما نريدهم أن يقفوا بجانب مجتمعاتنا العربية ويعالجوا قضايانا وهمومنا، نريدهم أيضاً أن يكونوا واجهة مشرفة لنا بالأداء والإقناع والثقة في مواجهة أصوات الإسلاموفوبيا والعنصريين.
لا نريد أن يكون رئيس بلديتنا –مثل «الشخص»– شخصاً محجوباً عن أهله وناسه ومحاطاً بشلة من المنتفعين والمطبلين. ولكننا لا نريد أيضاً للحفلات والمآدب التكريمية التي يُرمى معظمها في حاويات القمامة أن تتحول إلى وسيلة للمحسوبيات والصفقات المشبوهة. ليتهم يوفرون تلك التكاليف الباهظة وينفقون بعضها على مشاريع تفيد الناس والمجتمع.
في الختام، الشكر الله دوماً، والشكر للقراء في عيد الشكر. ليبارككم الله ويبارك أميركا.
غريب الدار
Leave a Reply