نيويورك – خاص “صدى الوطن”
يبدو أن الخروقات الدائمة التي تتعرض لها الحريات المدنية في أميركا بشكل عام، ومدينة نيويورك بشكل خاص لن تتوقف. حيث يعمل مسؤولون في المدينة مع السلطات الفدرالية لإضافة سلاح جديد الى ترسانة الأسلحة المستخدمة لخنق الحريات، إذ ينسق مفوض دائرة شرطة نيويورك راي كيلي مع وزارة الدفاع لتأمين أجهزة تتبع وماسحات ضوئية للأجساد لنشرها في أنحاء نيويورك.
واذا تحققت هذه الخطوة، سوف تتلقى مدينة نيويورك مجموعة من الماسحات الضوئية من كاشفات “تيراهيرتز” والتي تعتمد على إشعاعات ذات تقنية عالية تقيس الطاقة الصادرة عن جسم الانسان. وحسب تصريحات محطة “سي بي أس” الإخبارية، ان هذه التقنية تقيس الطاقة الناتجة من الأجساد عن بعد 16 قدم. وتستطيع أن تكشف أي شيء يعترضها، كالسلاح مثلاً.
لكن ما يثير حفيظة الحقوقين أنه إذا تم إقرار هذه الخطوة يسلب سكان نيويورك من الخصوصية كما أنها تسمح للشرطة تفتيش (مسح) أي شخص دون إذن قضائي الأمر الذي يعتبر مساساً للحريات المدنية.
لكن كيلي حاول طمأنة هؤلاء بالقول أن لن يتم استخدام الماسحات الضوئية سوى “في الظروف المثيرة للشبهة”. ولكن الحقوقيين يقولون أن ما يرادف الظرف المشبوه في منظور دائرة شرطة نيويورك يشمل الثمانية ملايين مقيم في مدينة نيويورك.
من ناحيته، عارض “إتحاد الحريات المدنية الأميركية” على هذا المشروع بناءً على مخاوف عديدة. وعبرت الممثلة عن إتحاد الحريات المدنية في نيويورك دونا ليبرمان لمحطة “سي بي أس” عن مخاوفها بالقول: “إن المشروع مثير للقلق ويخترق خصوصية وحرية الأفراد والحق في السير في الشارع دون التعرض للإنتهاك من قبل دائرة الشرطة، وفي الوقت الذي لا يقترف فيه الفرد أي خطأ”.
ويطرح نشر هذه الماسحات الضوئية السؤال العريض حول مدى قانونيتها وفقاً للدستور الأميركي حسب البند الرابع في تعديل النظام الأساسي للدستور.
لكن يبدو أن دائرة شرطة نيويورك، لا تأبه كثيراً للحقوق المدنية، ففي الربع الأول من العام 2011، أوقفت الشرطة ما يزيد عن 161,000 من الأبرياء من سكان نيويورك واستجوبتهم في شوراع المدينة. كما أظهرت الأرقام الصادرة عن الدائرة في أيار (مايو)، أن ما يزيد عن 180,000 تم ايقافهم و88 بالمئة منهم انتهى بهم الأمر اما بالاعتقال او الاستدعاء.
بالاضافة الى تلك الأبحاث، أشارت استطلاعات أن ما يقارب 80 بالمئة من هؤلاء الموقوفين هم إما أفريقيون أميركيون أو لاتينيون، وأن كل 9 من 10 موقوفين لم تكن أسباب التوقيف قائمة على أية إنتهاكات.
من ناحية أخرى، فإن تركيب الماسحات الضوئية من كاشفات “تيراهيرتز” من شأنه خرق التفتيش الجسدي الذي كان يعتمد على اللمس ليصبح اختراقاً سافرا للحريات وسيمنح سكان نيويورك أسباباً جديدة للخوف من التجول بحرية في الشوارع. ويجدر الاشارة الى أن هنالك أكثر من 2,000 كاميرا موزعة في شوارع منطقة مانهاتن وحدها.
كما رأت محطة “سي بي أس” أن المشروع يضع دائرة شرطة نيويورك في تعاون مباشر مع وزارة الدفاع (البنتاغون)، التي تعمل حاليا على فحص الماسحات ودراسة كيفية تنفيذ المشروع في شوارع المدينة. وإن هذا التعاون يطرح تساؤلات عديدة حول مساعي “البنتاغون”، فيبدو أن المشروع كان يخطط له مسبقاً.
وأشار تقرير صدر في العام الماضي عن إرتباط دائرة شرطة نيويورك بوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي). كما أظهرت الوثائق أن الشرطة المحلية والحكومة تتجسس عبر تثبيت عملاء سريين في المناطق ذات الغالبية المسلمة في نيويورك.
وأظهرت مراجعة تقنية صادرة عن “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا” أن استخدام الماسحات الضوئية من كاشفات “تيراهيرتز” له عواقب قد تكون كارثية على الصحة البيولوجية، كون أن هذه التقنية تسبب مشاكل مرتبطة بقدرة الجسد البشري على العمل. كما أن الموجات الاهتزازية التي تبعثها الماسحات تعمل على فك الحمض النووي (دي أن أي) وتخلق فقاعات قد تؤثر وتتدخل بشكل مباشر مع العمليات البيولوجية لجسم الانسان كالتشكيل الجيني وتكرار الـ”دي أن أي”.
وقد حظرت أوروبا إستخدام تقنيات الماسحات الجسدية المعدة على النمط الأميركي في مطاراتها بسبب مخاوف من مخاطرها الصحية.
Leave a Reply