واشنطن – بدأ الفلسطينيون والاسرائيليون بدفع من الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس الماضي محادثات مباشرة هي الأولى منذ 20 شهراً تحيط بها شكوك من كل جانب وأعمال عنف متجددة في الضفة الغربية المحتلة، وهناك من يعتبرها أنها لن تفضي إلى أي نتيجة وأكثر ما يمكنها تحقيقه هو رفع الأسهم الانتخابية لحزب الرئيس في المعركة الانتخابية المقبلة في أميركا خاصة وأن “المفاوضات السرية” جارية بين الطرفين أصلاً. أما المتفائلون في المفاوضات فيعولون في المرحلة الأولى على التوصل في غضون عام الى اتفاق يقيم دولة فلسطينية مستقلة ويوفر الامن لاسرائيل.
فقد حث أوباما الذي يقامر برأسمال سياسي كبير على محادثات واشنطن قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) الجانبين على الا يضيعا فرصة السلام هذه بعد ان اجتمع مع الجانبين بشكل منفصل في البيت الابيض الاربعاء الماضي.
وقال أوباما بعد يوم من “الدبلوماسية الشخصية” لحل صراع واجه أجيالاً متعاقبة من الرؤساء الاميركيين “هذه اللحظة التي تلوح فيها فرصة قد لا تأتي قريبا مرة ثانية. وليس بمقدورهم ان يضيعوها من بين أيديهم”.
كما تعهد أوباما الاربعاء بألا يخرج “المتطرفون والرافضون” المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية عن مسارها وهو يفتتح مفاوضات السلام المباشرة التي خيمت عليها اعمال عنف في الشرق الاوسط.
وندد أوباما في مستهل جولة جديدة من الجهود الدبلوماسية في الشرق الاوسط وسط شكوك عميقة بشأن فرص نجاحه، بالهجوم الذي قتل فيه أربعة مستوطنين اسرائيليين الثلاثاء الماضي ووصفه بأنه “قتل وحشي”. وتبنت “حماس” الهجوم الذي وقع قرب قرب مستوطنة يهودية في ضواحي الخليل بجنوب الضفة الغربية.
ويتوقع أن تؤثر هذه الهجمات على موقف المفاوض الفلسطيني خصوصاً وأن الملف الأمني سيكون أهم الملفات المطروحة على مائدة التفاوض.
ورأى مراقبون في الهجمات “مناكفات” من طرف “حماس” لإثبات الوجود وإفهام واشنطن أن تحقيق السلام غير ممكن بدونها. ووصفت “حماس” مفاوضات واشنطن بأنها لا شرعية لها وبأنها مرفوضة من الشعب الفلسطيني. واعتبر المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري أن الرئيس عباس لا يملك الحق في التفاوض باسم الشعب الفلسطيني.
ومع قرب موعد انتهاء مهلة لتجميد الاستيطان الاسرائيلي في 26 ايلول (سبتمبر) تخيم هذه العقبة على جو المحادثات. ويمكن أن يمثل انتهاء التجميد الجزئي لبناء مساكن جديدة في المستوطنات اليهودية في 26 أيلول بعد أن استمر عشرة أشهر عقبة مبكرة في طريق محادثات السلام. وكان الرئيس الفلسطيني الذي عقد اجتماعاً ثنائياً مع أوباما الاربعاء الماضي قبل عشاء جماعي قد هدد بالانسحاب من المحادثات اذا استؤنف البناء في الاراضي التي استولت عليها اسرائيل في حرب 1967.
وظل جورج ميتشل مبعوث السلام الاميركي للشرق الاوسط طوال أشهر يقوم بمهام مكوكية بين الجانبين ليمهد الطريق امام انطلاق المفاوضات.
والقمة التي جمعت عباس ونتنياهو هي أدق مساعي أوباما الدبلوماسية بخصوص الشرق الاوسط لعدة أسباب ليس أقلها رغبته في التوصل الى اتفاق خلال عام. لكن انعدام الثقة بدرجة كبيرة بين الجانبين هو احد اكبر العقبات التي ما زالت قائمة في طريق مسعى أوباما لتحقيق حل الدولتين الذي فشل في تحقيقه كثير ممن سبقوه.
وقال نتنياهو بينما كان يقف بجوار أوباما ان اسرائيل ستسعى الى اتفاق سلام “محوره الحاجة لوضع ترتيبات أمنية قادرة على منع مثل هذا النوع من الارهاب وغيره من التهديدات لامن اسرائيل”. ولم يقدم نتنياهو الذي يرأس حكومة تهيمن عليها أحزاب مؤيدة للمستوطنين مثل حزبه الليكود أي رد نهائي بخصوص الموضوع.
عباس نتنياهو
واختتمت الخميس الماضي في العاصمة الأميركية واشنطن الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة بين عباس وبنيامين نتنياهو مع اتفاق الجانبين على عقد لقاءات نصف شهرية لمواصلة التفاوض. ووصف جورج ميتشل الجولة الأولى من المفاوضات بأنها مثمرة، وقال إن الجانبين جددا خلالها تأكيد هدفهما المشترك المتمثل في قيام دولتين لشعبين، مؤكدا أن هدف المفاوضات هو التوصل إلى إطار اتفاق لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
وبهذا الصدد أشار ميتشل إلى أن الطرفين اتفقا في اجتماعاتهما الخاصة بمقر وزارة الخارجية الأميركية على إطار زمني مدته عام واحد للتوصل إلى اتفاق سلام وأنهما اتفقا كذلك على عقد لقاءات نصف شهرية وسيلتقيان مجددا يومي 14 و15 من الشهر الجاري لمواصلة التفاوض.
وأوضح أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عقدت بعد افتتاحها المحادثات مناقشة على نطاق أضيق مع كل من عباس ونتنياهو وميتشل فقط، وبعد ذلك عقد نتنياهو وعباس اجتماعا ثنائيا خاصا في الوقت الذي بدأ فيه مساعدوهما محادثات منفصلة للإعداد للجولة التالية من المفاوضات. وقال ميتشل إن المكان المقرر أن تعقد فيه الجولة التالية لا يزال قيد المناقشة، غير أنها ستعقد في منطقة الشرق الأوسط، منبها إلى أنه وكلينتون سيشاركان كذلك في الجولة الثانية من المفاوضات.
مبارك وعبدالله الثاني
وكانت كلينتون افتتحت في وقت سابق أول مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ 20 شهرا بحضور الرئيس المصري حسني مبارك وملك الأردن عبد الله الثاني اللذين عقدا اجتماعات منفصلة مع كافة الأطراف بالإضافة الى لقاء جامع مع أوباما عباس ونتياهو. وقد أشادت كلينتون في كلمتها بما وصفتها شجاعة الجانبين والتزامهما بتحقيق السلام الذي قالت إن الطرفين خطوا خطوة هامة نحو تحقيقه، مؤكدة أن واشنطن ستبذل كل ما أمكن لمساعدتهما على التوصل إلى اتفاق بغضون عام.
وكانت عدة وسائل اعلام اسرائيلية قد أفادت ان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك التقى سريا الاحد الماضي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان بعد لقائه العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني في اليوم نفسه. واوضحت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان هذا اللقاء الذي عقد في منزل خاص يقع في العاصمة الاردنية يأتي ضمن التحضيرات لاستئناف المفاوضات.
Leave a Reply