من المذهل أن نشاهد بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين يتزاحمون دفاعاً ومعارضة لقانون مقترح من شأنه جعل تأييد الحملة الدولية لمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل بسبب استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية، جريمة فيدرالية. وما يربط هؤلاء المسؤولين هي محاولاتهم التأكيد على «حبهم لإسرائيل» ومعارضتهم لحملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، وتأييدهم لحل الدولتين، والتزامهم بحرية التعبير.
ومشروع القانون المعروف باسم «إس 720» اقترحه السيناتور «بين كاردين» في 23 آذار (مارس) 2017، ويعارض دعوات الأمم المتحدة لمقاطعة الشركات التي تدعم الأنشطة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة عام 1967، أو إدراجها في قائمة سوداء. ويحظر مشروع القانون أيضاً على أي شخص أميركي تأييد تلك الدعوة الأممية للمقاطعة، وذلك بفرض غرامات رادعة أو سجن الأميركيين الذين ينتهكون ذلك الحظر.
غير أنه ثمة عدد من المشكلات التي تصاحب ذلك القانون،
أولاً: أن مؤيديه يسيئون توصيف قصد الأمم المتحدة باعتباره «معاداة لإسرائيل». وفي الواقع، يقر «إس 720» ذاته بأن مجلس حقوق الإنسان الأممي يستهدف على وجه الخصوص تلك الشركات التي تشارك في أنشطة داخل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. وتستهدف الأمم المتحدة ليس فقط إسرائيل وإنما الإجراءات الإسرائيلية التي تعمل على تعزيز سيطرتها على الأراضي المحتلة.
ثانياً: يوجد قلق من أنه بجعل مقاطعة إسرائيل، أو تأييد الدعوة إلى مقاطعتها أمراً غير قانوني، فإن «إس 720» يجرم حرية التعبير وينزع الشرعية عن الاحتجاج السلمي.
وأخيراً: إن التشريع يواصل البناء على تشريع سابق مرره الكونغرس، مستخدماً فيه لغة فضفاضة في محاولة لإزالة تمييز في القانون الأميركي بين إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وعلى الرغم من أن القانون السابق حقق ذلك الغرض بالإشارة إلى «إسرائيل والمناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل»، إلا أن «إس 720» يشير إلى أن حظر مقاطعتها ينطبق أيضاً على «العلاقات التجارية مع مواطني أو سكان إسرائيل، والكيانات التي ينظمها (قانون) أو حكومة إسرائيل”.
ونظراً لحصول القانون على تأييد 35 عضواً «جمهورياً» و13 عضواً «ديمقراطياً» في مجلس الشيوخ، وأيدته «لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية»، فقد كان من المتوقع أن يجد طريقه دون عناء في الكونغرس، وأن يوضع على مكتب الرئيس لنيل توقيعه. ولكن ذلك لم يحدث بسبب جهود كثيرين من بينهم «اتحاد الحريات المدنية الأميركي»، والمنظمات التقدمية الأخرى بقيادة «موف أون».
وفي حين بنى اتحاد الحريات معارضته لمشروع القانون على مخاوفه من انتهاك حقوق حرية التعبير للمواطنين الأميركيين، اتخذت «موف أون» موقفاً أكثر شمولاً بتأكيدها على القلق من انتهاك حرية التعبير، وحقيقة أن مشروع القانون يزيل التمييز الموجود في القانون الأميركي بين إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية.
وبعد 50 عاماً من الاحتلال، لا يزال الفلسطينيون يسعون لحمل المجتمع الدولي على التحرك، فقد سئموا رؤية منازلهم تُهدم وأراضيهم تُصادر من أجل إفساح الطريق أمام بناء طرق ومستوطنات لليهود. ويرغبون في إنهاء المعاناة اليومية كونهم شعباً أسيراً محروماً من الحريات الأساسية والعدالة. وبدلاً من الإذعان إلى المحتل، قرروا مقاطعته، وحضوا هؤلاء الذين يؤيدون حقوقهم الإنسانية على الانضمام إليهم في دعوة لإنهاء الاحتلال. وإذا عارض أو عاقب مجلس الشيوخ أولئك الذين يؤيدون تلك الدعوة الفلسطينية للأفراد والشركات والحكومات بمقاطعة أو سحب الاستثمارات أو فرض العقوبات على إسرائيل بسبب احتلالها الغاشم، فإن مجلس الشيوخ يعلن بذلك تأييده للممارسات الإسرائيلية، وبأنه لا يرغب في أن يستخدم الفلسطينيون وسائل غير عنيفة للاحتجاج، وأنه لا يؤمن ببساطة بأن الفلسطينيين بشر يستحقون حماية حقوقهم.
Leave a Reply