واشنطن – الصحف الأميركية التي عكست بغالبيتها الفوز الذي حققه ترامب تراوحت عناوينها بين الإخباري التقليدي الذي يتحدث عن فوز أو انتصار وصولاً إلى توصيف ما جرى بأنه «انتفاضة ترامب» والعنوان لصحيفة «نيويورك تايمز».
وتحت هذا العنوان كتبت الصحيفة «لرئيس دونالد ترامب» هذه الكلمات الثلاث التي لم تكن واردة لدى عشرات ملايين الأميركيين وأكثر منهم في العالم، باتت الآن مستقبل الولايات المتحدة. وقالت الصحيفة إن ترامب الذي أربك النخب الجمهورية في الانتخابات التمهيدية فعل الأمر نفسه مع الديمقراطيين في الانتخابات العامة معتبرة أن فوزه بمثابة «ضربة مهينة» لوسائل الإعلام واستطلاعات الرأي وقيادة كلينتون الديمقراطية، علماً أن المرشحين كانا متقاربين جداً في التصويت الشعبي لكن ترامب تفوق على كلينتون في المجمع الانتخابي.
وتابعت «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها أنّ «ما نعرفه عن ترامب هو أنه أقل الرؤساء الأميركيين في التاريخ الحديث استعداداً لتبوء هذا المنصب، إذ إنه أظهر نفسه قولاً وفعلاً على أنه غير قادر على قيادة دولة متنوعة من 320 مليون شخصاً. ونعرف أنه هدد بمحاكمة معارضيه السياسيين ووضعهم في السجن. وأنه سيحدّ من حرية الصحافة. وأن بوسعه الكذب دون الشعور بتأنيب الضمير».
لائحة التخويف مما ينتظر أميركا في ضوء فوز ترامب تطول في «نيويورك تايمز». وفي هذا السياق نقلت الصحيفة ما غرّد به ديفيد ديوك عضو الكونغرس الأميركي السابق والناشط في حقوق الإنسان ساخراً بأن «الوقت حان لإعادة أميركا إلى الوراء».
العبارات المنمّقة التي اختارتها صحيفة «نيويورك تايمز» لتوصيف اللحظة التاريخية المفصلية في التاريخ الأميركي غابت عن قراءة مجلة «نيويوركر» التي هاجمت على نحو لاذع الرئيس الأميركي وذهبت إلى حد اعتبار فوز ترامب «مأساة للجمهورية الأميركية والدستور» في مقابل كونها انتصاراً لــ«قوى الاستبداد والعنصرية في الداخل والخارج التي تكن العداء للمهاجرين والنساء».
ورأت المجلة أن فوز ترامب «المفاجئ» ووصوله إلى الرئاسة هو بمثابة «حدث مقزز في تاريخ الولايات المتحدة والديمقراطية الليبرالية» لافتة إلى أننا «سنودّع أول رئيس أميركي من أصول أفريقية، رجلاً يتمتع بالكرامة والسخاء، ونشهد تنصيب مخادع لم يفعل الكثير لصدّ تأييد القوى المناهضة للمهاجرين والمؤيدة لتفوق البيض» معتبرة أنه «من المستحيل الردّ في هذه اللحظة بما أقل من النفور أو القلق العميق».
وتحدثت المجلة عن مآس تنتظر الولايات المتحدة، مضيفة أن ترامب الذي وصفته بـ«المبتذل على نحو غير محدود وبالجاهل بالمعرفة الوطنية، لن يكتفي بالتسبب بتراجع الأسواق بل سيزرع الخوف في قلوب الضعفاء والكثير ممن وجه لهم إهانات قاسية، من بينهم الأميركيون من أصول أفريقية والنساء واليهود والمسلمون.
مهمة صعبة
أما جلة «فورين بوليسي» توقفت عند المهمة الصعبة التي يواجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما في ما تبقى له من أيام في البيت الأبيض حيث سيحاول الحدّ من أضرار ما أحدثه فوز ترامب. وقالت في هذا السياق «إن أوباما سيحاول حماية سياساته في أشهره الأخيرة لكن الكثير من إرثه السياسي سيكون تحت رحمة ترامب والجمهوريين في الكونغرس».
وتابعت أن البيت الأبيض الذي بدا كما لو أنه تلقى قذيفة من شدة الصدمة، والذي كان يعوّل على فوز كلينتون في الانتخابات، سيكون من الصعب عليه جني إرث أوباما من في القضايا المحلية والدولية نظراً للصلاحيات الواسعة المتاحة للرئيس الجديد. ومن بين هذه القضايا الاتفاق النووي مع إيران حيث رأت «فورين بوليسي» أنه سيمكن لترامب الاعتماد على تأييد واسع من قبل زملائه الجمهوريين لمحاولة إعادة التفاوض حول الاتفاق أو إلغائه.
ونقلت المجلة عن خبراء ودبلوماسيين سابقين تحذيرهم من أن محاولة ترامب تنفيذ رؤيته يمكن أن تؤدي إلى أزمات دولية، وصولاً إلى «انسحابها من دورها كقائد للنظام العالمي الليبرالي» وفق ما نقلت عن توماس رايت من معهد «بروكينغز» الذي توقع انهيار النظام في ضوء ذلك وأن تتبارى الدول عندها للرد، مضيفاً «لا فكرة لدينا إلى أين ستنتهي بنا الأمور لكن هذه الظروف ربما تكون الظروف الوحيدة لاندلاع حرب كبيرة».
غير مَدِين بأي شيء لأي شخص
«ترامب غير مَدِين بأي شيء لأي شخص. فهم لم يقدموا له التمويل، ولم يعلموه، ولم يقولوا له ما الذي ينبغي عليه أن يفعله». كتب بن كسبيت في صحيفة معاريف الإسرائيلية. وأضاف أن ترامب وجّه ركلة إلى وجه كل ما عرفته السياسة الأميركية مؤكداً أن «القاعدة الوحيدة التي بقيت للدخول إلى الساحة السياسية هي أنه لم تعد هناك قواعد. فكل شخص يمكن له أن يفعل ما يراه جيداً من وجهة نظره، وبوسع كل شخص أن يصبح أي شيء يريده».
وتابع كسبيت القول «لا توجد حدود، ولا توجد تابوهات (محرمات)، وما هو صواب سياسياً قد مات ودفن، دفن الحمار» لافتاً الى أن فوز ترامب هو أقوى مفاجأة سياسية يمكن تذكرها في التاريخ الحديث، وهي تعود كلها لدونالد ترامب.
Leave a Reply