بعد غياب طويل، هلّ هلال المحكمة الإسرائيلية-البيلمارية هذا الأسبوع مباشرة من قمامة النسيان الذي القيت فيه، بعد أن طغى “ربيع الشعوب العربية” على الحدث.
سبحان الله كم تتغير الأحوال من لحظةٍ إلى أخرى! فبالأمس فقط، أرغى وأزبد فريق “الدنيا هيك” و”التيار الزرقاوي” وهو يعلن تمسكه بالمحكمة والعدالة وموعد تسليم “القرار الظني” مع أكبر “طنة ورنة”. وفي يومٍ مشبوهٍ في توقيته لمساعدة “سعد الطائر” الذي “طار” من منصبه قبل أيامٍ من إطاحة زين المخلوعين في تونس، وبعد أن تراجع عن تعهده لوليد جنبلاط بالتخلي عن المحكمة وعن الذين خلفوها مقابل البقاء في السلطة، سلم “شاهد الزور الأول” دانيال بيلمار “القرار الإلتهامي” إلى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين.
هذا “القرار” المكتوب سلفاً والذي تم تعديله بنقل الإتهام من سوريا إلى المقاومة، وقع في إحدى شاحنات “سوكلين” بعد أن كرت سبحة الثورات الشعبية العربية ضد الحكام الطواغيت ولم يعد أي قرار صادر عن المحكمة الموسادية يستحق الحبر الذي كتب عليه! فما نفع أي إتهام الآن بعد أن انفضخ التسييس وشهود الزور وبالتالي لم يعد ورقة رابحة بسبب قلق إسرائيل من تفوق الشارع العربي على ذاته خصوصاً في مصر وانشغالها “بقلي سمكة أكبر” كما يقول المثل الأميركي؟
ما نفع القرار البيلماري في هذا الخضم المتلاطم بعد أن طغت فضائح “ويكليكس” ما كشفته من فقدان للضمير والحياء والتضمخ بالخيانة؟
أتساءل دوماً كيف ينام “سعد” ليلاً بعد أن كشفت الفضائح تآمره على سوريا، ليس من اليوم. بل منذ العام ٢٠٠٥وهو يحرض على دمشق وطهران ويعمل اليوم على زعزعة إستقرار سوريا، من خلال لعبة أكبر منه، مع إنه أكل خبزاً وملحاً مع الرئيس بشار الأسد الذي أحسن وفادته، بعكس رغبة أغلبية الشعب السوري المجروح من كلام وجنون “١٤ عبيد صغار”؟ بل كيف “له عين” وهو يهاجم الجمهورية الإسلاميه الإيرانية وينسى زيارته إليها ومدحه لها حتى كأنه أصبح من مقلدي “الولي الفقيه”، لا قدرالله؟!
إنه دليل كبيرعلى أن المحكمة كان دورها وسخاً، وما زال، وأداة إنتقام موجه ضد سوريا الأسد ثم المقاومة. لكن بعد سقوط هذه الورقة ضد المقاومة بالسلاح الأبيض، عادت المعركة لتستعر ضد أمن سوريا من أجل طعنها مع المقاومة بالظهر. وبالأمس كشفت دراسة للمخابرات الإسرائيلية (الشاباك) إن فك علاقة سوريا بقوى المقاومة والتحالف مع إيران كفيلان بعودة الاستقرار لسوريا دون أن تقول لنا كيف؟ فهل هي رسالة تقول أن المطلوب من سوريا تنفيذ هذه الشروط وإسرائيل تتكفل بوقف الأحداث وتعني بذلك أنها تمسك من وراء الستار بالتخريب الإجرامي في سوريا المتمثل بإغتيال العقيد الركن خضور والمقدم خرفوش ورجال الأمن الذين قتلوا غدراً ومثّل بجثثهم؟ من هنا نفهم أن التعويض عن إنهاء منظومة “كامب ديفيد” في مصر يكون بتفتيت سوريا إلى دويلاتٍ مذهبية.
كالعادة، “شبه الوطن” الذي يملك نشيداً وطنياً مسروقاً، أظهر قماشته الحقيقية الناكرة للجميل (الصديق وقت الضيق). فبعد تصريح السفير السوري بضرورة معالجة “الدولة” تداعيات تورط “التيار الزرقاوي” في التخريب بالداخل السوري، قامت قيامة “مسرح الدمى”وطلب من وزير الخارجية اللبنانية إستدعاء الدبلوماسي السوري الذي رد أن هذا الأمر يحتاج إلى جلسة لمجلس الوزراء، فرد عمار حوري (ما غيره) بقوله أن وزير الخارجية قام بسابقة إستدعاء السفيرة الأميركية مورا كونيللي. طبعاً، فحوري الحريص جداً على السيادة لا يجد فرقاً بين شاكٍ للمسؤولين ممن تحاول عصابات مسلحة تدمير بلاده وتدخل دبلوماسي في منع تأليف “حكومة غير سعدية”! أما جمال الجراح فقد إحتفظ بحقه في مقاضاة سوريا وهو يزور حامي الحمى سمير جعجع (نأسف لمصافحة سليمان فرنجية لمن يتّمه ودمر حياته وهو طفل، من أجل إرضاء بطريرك جديد- قديم مع العلم أن لا أمل من إصلاح الذي تقطر يديه دماً!).
أما رئيس الجمهورية فقد اصابته صواعق “ويكيليكس” وبيّنت أن ما يضمره هو غير ما يعلنه، مثله مثل باقي السياسيين اللبنانيين، بدليل أنه ماطل في مسألة ملف شهود الزور والتصويت عليه في آخر جلسة لمجلس الوزراء، منحازاً بذلك لـ”سعد”، لكنه دعا في اليوم التالي إلى “طاولة الحوار”، مستغرباً عدم حضور المعارضة السابقة! رئيس الجمهورية الذي جعل نفسه طرفاً في التشكيلة الحكومية معرقلاً بذلك تأليفها، إتصل أخيراً بالرئيس السوري معلناً دعمه من دون أن يحرك الإدعاء للتحقيق في الإتهام السوري حسب المعاهدات المبرمة مع الدولة الشقيقة الوحيدة التي وقفت مع لبنان في السراء والضراء. بل أن الدولة اللبنانية العليّة، لم تحرك ساكناً إزاء تصريح بان كي مون نتيجة تقرير مندوب إسرائيل لارسن المتناغم مع تحرك “أبو المراجل سعد”، للإيحاء أن هناك حركة شعبية ضد سلاح المقاومة حتى بدا وكأن مون هو الشقيق الروحي لـ”فارس سعيد الدروندي”!
أما “حزب التحرير” الذي كان ينوي التظاهر لنصرة أهل الشام في طرابلس، والذي أيده فوراً “تيار المستقبل” المحايد جداً، فلا يختلف عن واعظ السلاطين يوسف القرضاوي، حيث أن مسؤوله الإعلامي “أبو قصص” ذكر بوقوف حزبه “الطليعي” إلى جانب شعوب سوريا واليمن وليبيا بإستثناء… البحرين طبعاً. ماذا نتوقع من “حزب” أصدر رخصته أحمد فتفت؟ ما في أرخص من هيك!
Leave a Reply