الرياض – تأزمت العلاقات الخليجية-الخليجية بشكل غير مسبوق الأسبوع الماضي، بعد سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة تحت عنوان «أمني»، لكن الأزمة تبدو متجهة نحو مزيد من التصعيد، رغم وجود وساطة كويتية وجهود عربية للملمة الأمور داخل البيت الخليجي.
وترى السعودية ومعها البحرين والإمارات أن قطر لا تزال داعمة لجماعة «الإخوان المسلمين» وتتهم المملكة قطر بنقض اتفاق سابق كان قد وقّعه أميرها الجديد قبل ثلاثة أشهر في الرياض.
ويعزو المراقبون الى أن خطبة الشيخ يوسف القرضاوي النارية التي القاها من فوق منبر جامع عمر بن الخطاب في الدوحة بعد اعتكاف استمر لثلاثة اسابيع، قضت على ما تبقى من علاقات بين دولة قطر وجيرانها السعوديين والاماراتيين، مما تسبب بإجراءات عقابية فورية ضد الدوحة، بالنظر الى التوتر القائم حاليا في العلاقات.
الصدام الخليجي بين الدوحة والرياض تأزم مع تداعيات الأزمة السورية وصمود نظام دمشق الذي أدى الى تراجع الدور القطري لصالح السعودية، فيما يسعى أمير الدوحة الجديد لملمة إمبراطورية والده التي يشكل «الإخوان» عصبها. الصدام استدعى تدخلاً كويتياً تحت عنوان الوساطة، وجهوداً عربية بقيادة جامعة الدول العربية لرأب الصدع. الوساطة أكدها وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح الذي أوضح أن «موقف الكويت الثابت حيال أي أزمة خليجية هو الحرص على احتواء الموقف»، مشيراً إلى أنه «ليس بغريب أن تكون هناك خلافات بين الدول الشقيقة، وفي أي بيت أيضاً»، ومعرباً عن اعتقاده بأن «حكمة» قادة دول مجلس التعاون الخليجي «ستسود» في مثل هذه المواقف، لتبقى «اللحمة الخليجية الدائمة بيننا».
وأشار بيان مشترك نشرته وكالات الأنباء في الدول الثلاث الأربعاء الماضي، إلى أن السعودية والإمارات والبحرين قررت سحب سفرائها من قطر «للمحافظة على أمن واستقرار دول المجلس»، وبسبب «عدم التزام الدوحة بمقررات تم التوافق عليها سابقا» بحسب مصدر رسمي سعودي. وأوضح البيان المشترك أن الدول الثلاث «اضطرت للبدء في اتخاذ ما تراه مناسباً لحماية أمنها واستقرارها وذلك بسحب سفرائها من قطر».
وجاء في البيان أن الدول الثلاث بذلت «جهوداً كبيرة» مع قطر للاتفاق على «الالتزام بمبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي».
وأكد البيان أنه تم التوصل إلى اتفاق حول هذه النقاط خلال قمة خليجية مصغرة عقدت في الرياض الخريف الماضي لكن قطر لم تتخذ «الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ». وأوضح أن الاجتماع الدوري لوزراء خارجية الدول الست في مجلس التعاون الخليجي، الذي عقد في الرياض الثلاثاء الماضي «بذل محاولات كبيرة لإقناع قطر بأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع اتفاق الرياض موضع التنفيذ.. إلا أن كافة تلك الجهود لم تسفر عنها مع شديد الأسف موافقة قطر على الالتزام بتلك الإجراءات».
وعبّر مجلس الوزراء القطري عن «الأسف والاستغراب لقرار الشركاء في مجلس التعاون الخليجي (بسحب السفراء من الدوحة)»، لكنه قال إن «الدوحة لن ترد بالمثل، لأنها ستظل ملتزمة بأمن كافة دول مجلس التعاون».
وكان أمير قطر قد وقّع اتفاقاً في 23 تشرين الثاني الماضي في الرياض، بحضور الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي يعالج حالياً في أميركا، وأيّده جميع قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، يقضي بـ«الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بنحو مباشر أو غير مباشر»، وبـ«عدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي».
Leave a Reply