بعد أن حصلت سمر على الشهادة الثانوية، بقيت في البيت لتقوم بخدمة العدد الكبير من الإخوة والأخوات، وعندما بلغت الثلاثين، أحسَّت أن قطار الزواج قد مرَّ بالمحطة ولم تلحق به.
في يوم من الأيام تعرَّفت على محامٍ جاء لمراجعة بعض الأوراق التي تخص والدها المشلول، وتبادلت معه الحديث حول صحة والدها ووضعه القانوني. بدا المحامي مرهقاً، فقامت وأعدّت له كوباً من الشاي وقدمته له مع بعض البسكويت، فشكرها كثيراً.
لاحظت عند وداعه نظرته إلى فستانها البسيط، وكانت نظرة غير طبيعية، ثم حدّد موعداً آخر لزيارته الثانية للوالد، وكأنّه يحدِّد موعداً معها هي.
في يوم الزيارة، ارتدت أجمل فساتينها القليلة ولبست حذاءً من أحذية أختها الموظفة. كانت لحظات ارتباك عندما شاهدت في عيني المحامي نظرة إعجاب ورضى.
طال الحديث بينهما حتى لفت نظر الوالد، فقال لها المحامي وهي تودعه إن رقم تليفونه وعنوانه على الأوراق التي سلمها للوالد، وإنه يسعد عند سماع صوتها.
قررت سمر أن تنسى المسألة، فهو محام ناجح ومشغول وهي فتاة بسيطة لم تكمل تعليمها وليست لها صداقات ولا معارف سوى إخوتها وأخواتها. بدأت آمالها البسيطة تنسحب حتى فوجئت ذات يوم بأن المحامي وبلا مقدمات قد تقدم بطلب يدها للزواج… وتزوجها.
عاشت سمر حلماً رائعاً لم تتصوَّر أنه سيتحقق. وأنا أكتب قصَّتها للفتيات والأمهات اللواتي فاتهن قطار الزواج ويشعرن باليأس. فقد كانت سمر واحدة منهنَّ ولكن القدر ساق لها من يحبها ويتزوج بها.
والعبرة من قصَّة سمر الدافئة أنَّ هناك أملاً لكل فتاة تنتظر عريساً وأنه –ببساطة– سوف يأتي في موعده. فهذا المحامي الناجح وجد في سمر المرأة، ولمس فيها الصدق حين روت له ببساطة، قصَّتها واكتشف أمانتها ورغبتها في تغيير نمط حياتها نحو الأفضل، كما وجد فيها عناية واهتماماً افتقدهما في الحياة العملية الشاقة التي يعيشها.
أما كوب الشاي وطبق الحلوى فكانا الصنَّارة التي اصطادت بها قلب الرجل الذي أسعدها بعد سن الثلاثين.
Leave a Reply