المحكمة الدولية اعتبرت اعتقالهم تعسفياًبيروت – شهد لبنان الأسبوع الماضي مفصلاً هاماً في الحياة السياسية اعتبره المراقبون نصراً لقوى الأقلية النيابية وعلى رأسها “حزب الله”، فيما تحاول قوى “١٤ آذار” التخفيف من وطأته حتى لا يترجم في السابع من حزيران (يونيو) القادم في صناديق الانتخابات النيابية. وقد بدا منذ اللحظة الأولى أن “المعارضة” ستسعى للإستفادة من المحطة الجديدة.. فوجهت سهامها الى القضاء اللبناني الذي أبقى الضباط الأربعة في السجن ٤٤ شهراً دون توجيه تهمة وبشكل تعسفي حسب المحكمة الدولية، كما دعت الى ملاحقة كل من ساهم في فبركة الشهود والوقائع في المرحلة الماضية لوضع الفريق المقابل تحت الضغط السياسي والإعلامي.. وطبعا الشعبي.
فقد أعلن قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانيال فرانسين أن المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان القاضي دانيال بلمار أمر بالإفراج فورا عن الضباط الأربعة الموقوفين منذ نحو أربع سنوات في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامتهم..وقال فرانسين في جلسة علنية عقدت الأربعاء الماضي في لاهاي انه يأمر بـ”الإفراج الفوري” عن الضباط الأربعة، موضحاً أن المدعي العام في المحكمة الدولية طلب منه إخلاء سبيل الضباط الأربعة لأنه لا يجوز احتجاز الموقوفين أكثر من ٩٠ يوماً احتياطياً. وطلب من السلطات اللبنانية تنفيذ هذا الأمر و”اتخاذ كل الإجراءات التي تضمن سلامتهم”. وأضاف فرانسين أن المدعي العام في المحكمة الدولية أوضح أن “المعلومات التي في حوزته حاليا لا تتيح له اتهام هؤلاء الأشخاص الموقوفين”. وتابع أن المدعي العام أفاد بأنه قام بـ”دراسة معمقة لكل المواد والمعلومات ذات الصلة” المتاحة حتى الآن، وانه “أعاد النظر في المستندات والتحاليل” الموجودة لديه والمأخوذة من السلطات اللبنانية ومن لجنة التحقيق الدولية، واخذ بالاعتبار “التناقضات في إفادات الشهود وفي الأدلة”.واعتبر في قراره انه لا يستطيع “في هذه المرحلة من التحقيق ان يعتبر الأشخاص الموقوفين مشتبها بهم او متهمين بحسب نظام الإجراءات المعتمد في المحكمة الخاصة بلبنان”. وأضاف أن هؤلاء الأشخاص “لا يستوفون الشروط الأساسية التي تبرر احتجازهم الموقت ولا الإفراج المشروط عنهم”. وأعلن قاضي التحقيق ان لا اعتراض لديه على القرار، بينما أوضح رئيس مكتب الدفاع ان المدعي العام ابلغ انه لن يستأنف القرار، وبالتالي فان القرار “يجب أن يتخذ طابعا تمهيديا فوريا”. علما أن أمام بلمار يوما واحدا للاستئناف، ومن الواضح انه ليس في هذا الوارد ما دام هو الذي طلب إخلاء السبيل.وبعد أقل من ساعة من صدور القرار، أعلن وزيرا العدل والداخلية اللبنانيان أن إجراءات تخلية الضباط الأربعة بدأت تنفيذا لقرار المحكمة. وفور إعلان قاضي المحكمة الدولية إعلان الإفراج عن الضباط الأربعة أطلقت في بيروت وبعض المناطق اللبنانية المفرقعات النارية احتفالا بإطلاق سراح الضباط الأربعة.. زادت حمى الأفراح وإطلاق النار في الهواء مع إطلاق سراح المعتقلين وكان أولهم وصولاً على منزله اللواء جميل السيد الذي ألقى كلمة بالمحتشدين. ودعا السيد في احتفال حاشد أمام منزله النائب سعد الحريري الى محاسبة الدائرة المحيطة به والتي عملت على تضليله.. كما شكر كل من وقف معه في محنته وعلى رأسهم السيد حسن نصرالله. ورحب المحامون وعائلات الضباط الأربعة بقرار المحكمة الدولية الإفراج. وقال المحامي ناجي البستاني، وكيل قائد الحرس الجمهوري السابق مصطفى حمدان والمدير السابق للاستخبارات العميد ريمون عازار، لوكالة “فرانس برس” إنه “بعد ٤٤ شهرا، قالت العدالة كلمتها، وهذا ما كان يجب أن يحصل قبل ٣٤ شهرا”. < span class=”text22″>ورحب البستاني بقرار المحكمة الدولية، معتبرا أن قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين اظهر حيادا وعدلا في إصدار قراره. وقال المحامي عصام كرم، وكيل اللواء علي الحاج: “هذه هي النتيجة التي كنت انتظرها من وقت طويل”، مؤكدا على أن “ليس في الملف ما يؤكد تورط الضباط الأربعة”.من جهته قال العميد عازار انه سامح من كان السبب بظلمه. أما اللواء الحاج فقال انه باق بمنصبه وأن دخول الضباط السجن كان الخطوة الأولى ضمن أكبر مؤامرة على تاريخ لبنان والمقاومة. وقال ان المؤسسة الأمنية هي لكل اللبنانيين. فيما لم يتلق العميد مصطفى حمدان التهنئة بسبب وفاة والدته مؤخراً إلا أن حشدا من الأقارب والأصدقاء كان بانتظاره في منزله الذي أقلّه اليه موكب الرئيس السابق إميل لحود.ولوحظ توجه العديد من الشخصيات السياسية والنواب الى منازل الضباط فور ورود خبر اطلاقهم من “سجن رومية”.الحريريومن جهة أخرى، وفيما أعلن رئيس تيار المستقبل عن تأييده لأي قرار تصدره المحكمة التي أكد أنها “مستمرة” وأن القرار يرفع من مصداقيتها وصولاً إلى كشف الحقيقة، التزمت الأكثرية الصمت أو لجأت الى التهوين من وقع الحدث، وأكدت على انه لن يؤثر في الحياة السياسية.الحريري من جهته قال إن لبنان وعائلته تطلبان الحقيقة والعدالة، وجدد الثقة بالمحكمة رافضاً التشكيك بمصداقيتها، وقال إنها باقية ومستمرة حتى “جلاء الحقيقة” وكشف أقنعة المجرمين. وأعلن الحريري انه يرحب بأي قرار يصدر عن المحكمة الدولية. وقال إن القرار الصادر عن القاضي فرانسين والتوصية الصادرة عن بلمار “لن يكونا موقع تشكيك، وعلى كل معني أن يعلم أننا لن نعطي المتضررين من المحكمة أي إشارة سلبية تؤثر على عملها”، ودعا جميع اللبنانيين إلى “التضامن” حول المحكمة والابتعاد عن التشكيك بعملها”، وقال إن “لبنان لايريد الانتقام”، وأنه يرحب ويدعم أي قرار تصدره المحكمة. وأن قرار الأمس “خطوة نحو تحقيق العدالة” من ناحيته، رحب “حزب الله” بقرار المحكمة معتبرا أنها “إدانة” للسلطة التي أوقفتهم لحوالي أربع سنوات. وأوضح “حزب الله” في بيان أنه “يرحب” بالإفراج عن الضباط “بعد طول احتجاز تعسفي في الزنازين”.واعتبر أن “سلطة ١٤ آذار” التي وصلت إلى السلطة بعد اغتيال الحريري في نيسان (ابريل) ٢٠٠٥، فرضت حجز الضباط “افتراء وظلماً من دون أي حجة أو دليل”. وشدد على أن إطلاق الضباط “يشكل إدانة صريحة للسلطة التي قامت به ويؤكد أن منطق الثأر والعصبية والتشفي والأداء الكيدي لا يجلب الحقيقة أو يحقق العدالة”. وهنأ حزب الله الضباط الأربعة وعائلاتهم بالإفراج عنهم”.
Leave a Reply