يجتهد الكثير من أبناء الجالية العربية الأميركية في كل المجالات ويحققون نجاحات باهرة في مختلف الميادين الإقتصادية والعلمية ويتفوقون فيها على كثير من نظرائهم في سائر شرائح المجتمع الأميركي. هذا دليل على وفرة القدرات الذهنية وروحية العمل الخلاق والإبداع بين العرب الأميركيين الذين يبدون رغبتهم الدائمة في خدمة المجتمع ككل بروح إنسانية عالية. المجتهدون والمبدعون في جاليتنا كُثر، والدكتور حسن الفقيه، واحد منهم، فهو اليوم أبرز أطباء علاج عقم الإنجاب والتخصيب الإصطناعي (الأنابيب) ليس فقط على مستوى ميشيغن بل أيضاً على المستوىين الوطني والعالمي.. تراه يتنقل بكل حيوية لتلبية حاجات مرضاه في شبكة العيادات والمستشفيات التي يشرف عليها في الولاية (ديربورن وساغيناو وفلنت وآناربر وبرايتون وروتشستر) إضافة الى الشرق الأوسط، في بيروت ودبي وأبوظبي.
ولد الدكتور حسن فقيه في غرب إفريقيا لعائلة لبنانية ثرية. وفي سن العاشرة، بدأ حلم الطب يراوغه حتى جعله هدفاً لمسيرته المهنية الطموحة التي بدأت في «الجامعة الأميركية في بيروت»، ليهاجر في العام ١٩٨٢ الى الولايات المتحدة حيث أكمل دراساته وتخصصه. ولاية تينيسي كانت المحطة الأولى في أميركا، فهناك التحق بـ«جامعة فندر بيلت» المرموقة في مدينة ناشفيل، التي طور فيها مهاراته في تكنولوجيا التخصيب وتتلمذ على يد أبرز جراحي أميركا، قبل أن ينضم الى مستشفيات جامعة «يال» في ولاية كونتيكيت و«المركز الطبي في ساوث كارولاينا» حيث تخصص بتقنية علاج الغدد الصماء والعقم. وبحلول العام ١٩٨٧ بدأت العروض تنهال على الدكتور فقيه من مختلف المراكز الطبية التي كانت تبدي رغبة في تطوير قسم التخصيب الإصطناعي وترى أن الدكتور فقيه من أبرز المرشحين لهذه المهمة.
وجهة فقيه كانت ميشيغن بعد أن انضم الى «مستشفى ساغيناو العام» ليشرف على قسم معالجة الغدد الصماء والعقم، وهو اليوم يحتفظ بموقعه كرئيس له.
ويكمن سر نجاح الدكتور الشاب حينها بابتكاره تقنيات خاصة للتخصيب عبر استعمال السائل الجريبي للمرأة لمعالجة الحيوانات المنوية قبل استخدامها لعملية التخصيب الإصطناعي، وهو ما أظهر نسب نجاح مضاعفة لعمليات التلقيح، فهذه التقنية الناجحة جعلت الدكتور فقيه محط أنظار الجميع في حقل التخصيب الإصطناعي، حتى تمكن المهاجر اللبناني بالتعاون مع أربعة آخرين من فتح شبكة واسعة من عيادات التخصيب الاصطناعي في كافة أنحاء الولاية «آي في أف-ميشيغن» إضافة الى مراكز أخرى في أميركا ودبي وبيروت.
وقد أنشئ الفرع الأول من الشبكة في مقاطعة أوكلاند قبل أن تتوسع وتشمل ستة فروع أخرى في ميشيغن إضافة الى فرع آخر في مدينة توليدو (أوهايو).
شهرة «آي في أف-ميشيغن» وسعت من قاعدة المرضى الذين يرغبون بالعلاج تحت إشراف الدكتور فقيه بشكل مضطرد، ليس فقط في الولايات المتحدة بل أيضاً في لبنان والإمارات ما يتطلب منه اليوم مجهوداً خارقاً لتلبية حاجات مرضاه رغم تعاونه مع فريق كبير من الأطباء والأخصائيين. ويقول فقيه أن نظام عيادات «آي في أف- ميشيغن» لا يتطلب تواجد الاطباء باستمرار، حيث هناك فريق متخصص من الإخصائيين الذين يتمتعون بالكفاءات الطبية والتقنيين المدربين على يد الأطباء أنفسهم للاهتمام بالمرضى.
«فوجود الطبيب ليس هو أهم شيء بل آلية العلاج هي الأهم.. وهي ما يتم تعليمها للأطباء والتقنيين من قبل الأطباء المتخصصين… في المحصلة، ينال كل مريض نفس العلاج سواء كان الطبيب موجوداً أم لا»، يقول فقيه.
عند وجوده في ميشيغن، يتواجد الدكتور فقيه عادة في ديربورن وساغيناو وروتشستر.
وعن عيادة ديربورن، يقول فقيه «قدم الكثير من أبناء الجالية الى العيادة بأمل حصول معجزة وفي كثير من الأحيان تحققت أمانيهم».
ويقول الدكتور فقيه إن فرص نجاح عمليات التخصيب وعلاج العقم مرتبطة بالسن. «فالمرأة في سن 38 لها فرص نجاح تبلغ 63 بالمئة مقارنة بـ٤٥ بالمئة لدى النساء ما بين 38 و40 عاماً، أما النساء فوق سن الـ40 فتتضائل نسب النجاح لديهن الى ما دون 25 بالمئة. ويؤكد الدكتور فقيه أن الموافقة على إجراء عملية تخصيب يجب أن تكون مسبوقة بالتأكد من أن المريضة لا تعاني من أمراض القلب وسرطان الثدي.
يشير الدكتور فقيه الى أن العديد من المرضى الذين يزورون عيادته سبق وجربوا عيادات أخرى فشلت عمليات التخصيب فيها، «وهم يعتقدون أن عيادته هي آخر أمل بالنسبة اليهم وبأنها ستوفر لهم الحل السحري ولذلك عندما تفشل العملية يرون أنّ ذلك أمراً غير مقبول»، ويضيف الدكتور فقيه «نحن نجهد قدر المستطاع لنفهمهم أننا سنقوم بكل جهدنا لمساعدتهم وبأن نجاح عملية التخصيب أمر غير مضمون».
ويمارس الدكتور فقيه عمليات التخصيب الاصطناعي خارج الولايات المتحدة وله عيادات أخرى في دبي وأبوظبي وعيادة في بيروت، وهو مضطر الى توزيع وقته بين العيادات المنتشرة خارج وداخل الولايات المتحدة. لكن الدكتور فقيه يؤكد أن هناك سمات مشتركة بين مرضاه في ديربورن ومرضاه في بيروت. «مرضى ديربورن وبيروت لا يختلفون كثيراً فأغلبهم من طبقات محدودة الدخل بسبب الأزمة الإقتصادية التي سببت التوتر والقلق لدى الكثيرين»، ولكن المفارقة حسب الدكتور فقيه «أن المرضى في دبي وأبوظبي يتمتعون بالرفاهية نفسها التي يتمتع بها سكان روتشستر وساغيناو».
يذكر أن قاعدة مرضى الدكتور فقيه تتراوح بين عائلات محدودة الدخل وصولاً الى عائلات مشاهير العالم من فنانين وسياسيين وأثرياء.
يعمل الدكتور فقيه لمدة 12 ساعة يوميا مقسمة بين مختلف العيادات التي يعمل بها، ويقول إنه لا يرتاح إلا في الطائرة عندما يتنقل بين أميركا والشرق الأوسط. ولكن رغم ذلك يبقى فقيه متوهجاً بالحيوية وحب الحياة.
«أحب الطائرات لأني أقضي فيها الوقت الوحيد الذي أتمتع به بقسط من الراحة والنوم» يقول فقيه الذي مارس التدريس في «جامعة ميشيغن ستايت»، كما قام بنشر أكثر من عشرين مقالة وقدم أكثر من 25 محاضرة في ملتقيات دولية.
الدكتور فقيه متزوج من طبيبة متخصصة هي الأخرى في التخصيب الاصطناعي وتعمل حالياً في دبي وله سبعة أولاد. وهو يعتقد ان الوقت لم يحن بعد ليخفف من النسق المرتفع لعمله وهو يعتقد ان إسعاد الناس يستحق كل هذا الوقت الطويل والشاق، كما ان التطور السريع الذي يشهده ميدان التخصيب الاصطناعي يجعل من الدكتور فقيه أكثر حماسة لمزيد الاطلاع على التطورات والتقنيات الحديثة والمتجددة دائماً. «لقد تطور المجال الطبي وتقنيات التخصيب الإصطناعي كثيراً، حيث قطعنا شوطاً كبيراً مقارنة بما كنا عليه في الثمانينات والتسعينات وحتى مطلع الألفية، فعياداتنا تتوفر على التجهيزات الأعلى تكنولوجياً والأكثر تطوراً وحداثة، ونحن دائماً في المقدمة ومستمرون في تطوير أدائنا وإتقان عملنا».
Leave a Reply