انهيار الهدنة الهشة.. ومعارك ضارية في صعدة
صنعاء – يستمر الوضع الأمني على حاله في محافظتي صعدة وعمران شمال اليمن دون ان يدفع الوضع الإنساني في هذه المنطقة الجبلية باتجاه الهدوء العسكري لا بل أصبح تعليق القتال أو الهدنة مجرد تكتيك عسكري وحدهم المدنيون يدفعون ثمنه. سياسيا، أعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أن الحوثيين، الذي يخوضون قتالاً ضارياً مع القوات الحكومية في المحافظتين، يتلقون دعماً مالياً من “جهات معينة في إيران”، لكنه اتهم السلطات الإيرانية وزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر بإقامة صلات مع الحوثيين.
وقال صالح، في مقابلة مع قناة “الجزيرة”، إن “أجهزة الأمن عثرت على خليتين يمنيتين تقولان إنهما تسلمتا فلوساً (أموالاً) من جهات معينة في إيران تصل إلى 100 ألف دولار”.
وتابع صالح “لا نستطيع أن نتهم الجانب الرسمي الإيراني، ولكن الإيرانيين يتوسطون ويتصلون بنا مبدين استعدادهم للوساطة، ومعنى ذلك أن لهم تواصلاً معهم”. وأشار إلى أن “الصدر اقترح بدوره التوسط بين الحكومة والحوثيين وهذا يعني أن له صلة معهم”.
وفي النجف، قال المتحدث باسم التيار الصدري الشيخ صلاح العبيدي “حاولنا التدخل لإنهاء الأزمة بين أبناء الشعب اليمني بدوافع عربية وإسلامية، وفق الطرق الدبلوماسية الصحيحة، عن طريق السفير اليمني في بيروت”. وأضاف “حتى الآن لم نر تجاوباً واقعياً من الأطراف المعنية”.
من جهتها وصفت إيران ما تردد عن العثور على أسلحة إيرانية في منطقة القتال بين القوات الحكومية والحوثيين في صعدة، شمالي اليمن، بأنه مجرّد “أكاذيب”.
وفي سياق آخر، قالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ان الولايات المتحدة عرضت تقديم المساعدة لليمن في “مكافحة الارهاب” ودعم جهود الإصلاح بالبلاد.
وقالت الوكالة ان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح استقبل “مساعد الرئيس الاميركي لشؤون الامن ومكافحة الارهاب جون بيرنن الذي نقل لفخامته رسالة خطية من الرئيس الاميركي باراك اوباما… وقد أكد الرئيس أوباما وقوف الولايات المتحدة الى جانب اليمن ووحدته وأمنه واستقراره”.
الوضع العسكري
ميدانيا لم يكتب لتعليق العمليات القتالية التي أعلنته صنعاء مطلع الأسبوع ان يعيش طويلا حيث انهارت التهدئة بشكل غامض تبادل فيه الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك. ورفض كل جانب في السابق عرضا من الطرف الاخر بوقف اطلاق النار.
لكن مع انهيار التهدئة كانت القوات الحكومية تشن معركة عنيفة اندلعت فجر الاحد الماضي بين الجيش اليمني والمتمردين في البلدة القديمة في صعدة على بعد حوالي 240 كلم شمال صنعاء. وقام الجيش بنشر دبابات تمركزت عند مدخل الشوارع الضيقة في البلدة القديمة حيث اغلقت المحلات التجارية بينما لزم السكان بيوتهم.
وقال بيان صادر عن عبد الملك الحوثي زعيم المتمردين بأن قصف الطيران الشديد أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين في سوق أل عمار بمديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة في أقصى شمال اليمن والقريبة من الحدود السعودية.
وكشف بيان الحوثي عن قيام الجيش بعدد من الهجمات على حرف سفيان منذ إعلان وقف اطلاق النار كان آخرها هجوم شنه الجيش على مدينة حرف سفيان.
وتوعد الحوثي الجيش في حرف سفيان بمقاومة غير مسبوقة، بعد ما قال بانه افشل أكثر من 30 هجوما شنه الجيش والقبائل المتحالفة معه على مدينة الحرف منذ بداية الحرب قبل حوالي شهر من الآن.
وتشهد منطقة المنزالة، في مديرية الملاحيط، مواجهات منقطعة بين مقاتلي الحوثي وقوات الجيش التي تحاول منذ أكثر من أسبوع استعادة مدينة الملاحيظ عاصمة مديرية الظاهر والمواقع العسكرية المحيطة بالمدينة التي كانت قد سقطت جميعها في أيدي مقاتلي الحوثي، بحسب مصادر “الاشتراكي نت”.
وقالت صنعاء السبت الماضي ان المتمردين الحوثيين أعادوا اشعال القتال من جديد في محافظة صعدة بخرق هدنة استهدفت السماح بمرور مساعدات انسانية.
ومع مرور أيام الأسبوع واصل الطيران العسكري هجومه باستهداف معاقل الحوثيين، تمهيدا لهجوم شامل، وقالت مصادر عسكرية أن الجيش يهدف لاستعاده مدينة حرف سفيان بعملية تنفذها ثلاثة ألوية عسكرية، فيما توعد الحوثيون بالرد على الهجوم.
ونقل موقع “الاشتراكي نت” المستقل عن مصادر عسكرية قولها “ان الجيش يحشد في محور حرف سفيان لوحده أكثر من ثلاثة ألوية عسكرية بالإضافة إلى دعم الطيران والصواريخ بعيدة المدى ومن المتوقع ان تبدأ هجوما واسعا على مدينة حرف سفيان من عدة اتجاهات”.
وذكرت المصادر ان ألوية الجيش، التي تحتشد منذ أكثر من أسبوع في جبهة حرف سفيان استعدادا للهجوم الواسع على المدينة، هي “لواء العمالقة واللواء العاشر حرس جمهوري واللواء 119مدرع”، وان الهدف منه هو تحقيق انتصار صاعق على مقاتلي الحوثي يتم بموجبه فتح طريق صنعاء-صعدة بالقوة.
ولا تزال المعارك مشتعلة بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين إذ تبادلت القوات اليمنية والحوثيين، التراشق بالمدفعية والأسلحة الثقيلة في ضواحي مدينة صعدة حيث لا يزال آلاف من المدنيين عالقين.
واتهم المتمردون الشماليون السعودية بامداد الحكومة بالاسلحة وبثوا لقطات فيديو لقذائف مورتر تحمل شعار السعودية. وتشعر الرياض بالقلق من أن يسمح الاضطراب في اليمن للمتشددين بشن عمليات في السعودية من جديد.
وأدت خمسة أسابيع من القتال إلى تشريد عشرات الآلاف من المدنيين ومناشدة المنظمات الإنسانية فتح ممر آمن بهدف مساعدة العائلات المحرومة من المواد الغذائية.
واندلعت موجة جديدة من القتال في اب بين المتمردين الحوثيين وهم من الشيعة الزيدية والقوات الحكومية التي تحاول بسط نفوذ السلطة المركزية. وكان الصراع بدأ عام 2004. وتقول وكالات اغاثة تابعة للامم المتحدة ان اكثر من 100 الف شخص بينهم الكثير من الأطفال فروا من منازلهم خلال تصاعد حدة القتال. وناشدت هذه الوكالات في بيان في جنيف الاسبوع الماضي توفير مبلغ 23،5 مليون دولار لمساعدة اليمن. ويعتقد ان الاف الاشخاص يعيشون في خيام. ويصعب التحقق من صحة المعلومات عن الصراع لان المحافظات الشمالية مغلقة امام وسائل الاعلام.
Leave a Reply