نيويورك – تطلب الأمر خمسة تريليونات دولار وتحالفا عالميا غير مسبوق لدول مجموعة العشرين لإرساء الاستقرار بالاقتصاد بعد انهيار بنك الاستثمار “ليمان براذرز” في 2008. غير أن التغلب على المرحلة القادمة من الأزمة المالية ربما يكون أصعب. وتتعاظم الخشية من أن العالم مقبل على ركود اقتصادي عالمي جديد حاد في ظل أزمة الديون التي اندلعت شرارتها من اليونان قبل أن تستشري في دول أوروبية كثيرة.
ولوقف موجة الذعر التي اندلعت قبل نحو عامين حولت الحكومات تلالا من الديون من حسابات خاصة إلى حسابات عامة. لكن تلك الديون الحكومية الآن تثير الاضطراب بالأسواق المالية ولا يوجد مكان آخر يمكن تحويل تلك الاعباء إليه.
وتسلط الاستجابة الأوروبية غير الملائمة لمخاوف ديون اليونان الضوء على المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تنتظر الدول التي ينوء كاهلها بالديون ومن يمولون القروض.
ولم يفلح الزعماء الأوروبيون حتى الآن في إقناع المستثمرين بأن لديهم خطة قصيرة الأجل ذات مصداقية لاحتواء عجز الميزانيات الحكومية وحل طويل الأجل لبطء النمو في المنطقة. وإلى أن يفعلوا ذلك ستظل الأسواق المالية متقلبة وسيظل التعافي الاقتصادي الصعب معرضا للخطر.
وتبدو الاضطرابات التي تشهدها أسواق الأسهم، والانخفاض الحاد لليورو مقابل الدولار الأميركي من بين علامات تشير إلى أن الأزمة الراهنة قد تطيح بالانتعاش الاقتصادي العالمي الهش الذي مضى على بدئه شهور قليلة.
ودفعت حالة الاضطراب في الأسواق المراقبين إلى إطلاق تحذيرات من أن الاقتصاد ربما ينزلق إلى ركود كالذي تسببت فيه الأزمة المالية، وكان الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية وربما منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.
ماذا يقول الاقتصاديون
– يقول دومينيكو لومباردي رئيس “معهد أوكسفورد” للسياسة الاقتصادية “تحاول أوروبا حل مشكلة ديون بديون أخرى”. وسيتطلب حل المشكلة توفر المال والإرادة السياسية. ولا يغني أي منهما عن الآخر وكلاهما غير متوفر.
– يحذر محللون في مصرف “دويتشه بنك” الألماني من أن نمو الاقتصاد الأميركي قد يتقلص بواقع النصف إلى 1 بالمئة فقط في العامين المقبلين إذا فشلت حزمة إنقاذ أوروبية بقيمة تريليون دولار، أقرها قادة الاتحاد الأوروبي هذا الشهر لمساعدة أعضاء، عن الوفاء بالتزاماتها المالية. وأضافوا أن فشل برنامج الإنقاذ الأوروبي سيفضي على الأرجح إلى تجدد الركود الذي ضرب الاقتصاد العالمي في العامين الماضيين
– يشير خبراء إلى أن هناك أعراضا لأزمة اقتصادية تشبه بصورة كبيرة أعراض الأزمة الماضية، كما أنهم يشيرون إلى علامات على ذلك في النظام المالي، خاصة البنوك. ومن أولئك الخبراء دانيال تارولو العضو في مجلس إدارة الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) الذي توقع في للمرحلة المقبلة انهيارا ماليا على شاكلة ما حدث في أيلول (سبتمبر) 2008 حين انهار “بنك ليمان براذرز” الاستثماري لتتفجر الأزمة المالية بعد ذلك مباشرة. وقال تارولو أثناء جلسة استماع في الكونغرس الأسبوع الماضي إن هناك احتمالا بأن تؤثر أزمة الديون في أوروبا على الاقتصاد الأميركي من خلال إضعاف أصول المؤسسات المالية الأميركية.
– يوضح أوري دادوش المدير السابق للتجارة الدولية في البنك الدولي أن فقدان الثقة بين بنوك أوروبية وأميركية قد يكون عاملا أساسيا في أزمة مالية واقتصادية جديدة تتشكل ملامحها الآن على ما يبدو. وأشار في هذا الإطار إلى أن أكبر عشرة بنوك أميركية تملك حوالي ستين مليار دولار من ديون دول أوروبية، ويشكل المبلغ نحو عشر رؤوس أموال تلك البنوك.
– يقول إدوين ترومان من “معهد بيترسون” للاقتصاد الدولي والمسؤول السابق بوزارة الخزانة إن وزير الخزانة الأمريكي تيموثي غايتنر سيحث الأوروبيين على الأرجح على الوفاء سريعا بوعودهم بشأن خطة المساعدات التي تتكلف تريليون دولار لكنه لن يتحدث بنفس الشدة بشأن خفض الانفاق العام. ويضيف “لن يتعافى الاقتصاد العالمي بدون تعاف أوروبي معقول”.
– يرى أندرو بوش الخبير الاستراتيجي لدى “بي أم أو كابيتال ماركتس” في شيكاغو إن البنك المركزي الأوروبي يمكنه عمل المزيد لتعزيز الثقة. ووصف بوش زعماء الاتحاد الأوروبي بأنهم تجسيد لما وصفه الفيلسوف رالف والدو امرسون بـ”العقول الصغيرة” “إذ أنهم يركزون بثبات على التضخم في حين يتفاقم الانكماش ويغرق الاقتصاد
Leave a Reply