خيبة أمل إسرائيل التي اعترفَتْ صراحةً على لسان أحد أكبر إرهابيي هذا الزمن، بنيامين نتنياهو، إنَّ العدوان الأميركي الإسرائيلي الخليجي التركي على سوريا هو عنوان والهدف الفعلي هو إيران، ضاهتها خيبة بندربن سلطان الأليمة وأذياله من «الإتلاف السوري» و«جيش لحد» الإدريسي والتكفيريين المجرمين الذين نفَّذوا مسرحية السلاح الكيميائي ثم جماعة العارمن “قرطة حنيكر” اللبنانية التي «سنَّتْ أسنانها» لسقوط النظام السوري وحلفائه في لبنان.
سوف يكتب التاريخ عددالمرَّات التي تنبَّأ فيها «منجِّمون» سياسيون، وعلى رأسهم سمير جعجع، بسقوط الرئيس بشَّار الأسد فحبطت أقوالهم وأفعالهم وظلَّ صامداً رغم الحرب الكونية على بلده وجيشه ونظامه.
آٓخر هذا الفشل المدوِّي جاء من باراك حسين أوباما أكثر رؤساء أميركا ليبرالية في الحزب الديمقراطي والذي يشير سجلُّه السياسي إلى نبذ الحروب ووقوفه ضد غزو العراق والذي إفتتن به العرب بسبب أصوله الإسلامية التي تحوَّلتْ عنده الى عقدة نقص لازمَتْه طيلة حياته وربما أجبرتْه على «ردِّ التهمة» عنه بالتصرف تماماً كـ«رامبو» مثل سلفه المقيت جورج دوبليو المضروب بالحذاء.
لقد اُخِذ العرب الأميركيون بأوباما على أساس سحنته السمراء ومعرفته بالظلم اللاحق بشعبه والأقليات علَّه يعطيهم حقوقهم ويكون عادلاً في القضايا العربية المحقَّة خصوصاً قضيَّة فلسطين، فتبين إنَّه جاحدٌ حتى بالأميركيين الأفارقة فلم يفعل لهم شيئاً طيلة خمس سنوات من ولايته إلى درجة أنَّ لقب أوَّل رئيس أميركي أسود يعود الى بيل كلينتون لمِا أعطى الأميركيين الأفارقة من حقوق. أوباما لم يقرّ ولم يذكر حتى مدينة ديترويت الواقعة تحت وطأة الإفلاس رغم رمزيتها كمدينة صناعية أميركية عريقة ومعقلاً للأغلبية السوداء.
إن تغيير الرؤساء في أميركا لا يعني شيئاً بالمطلق ولا يهم من أي حزبٍ يأتون فكلُّهم سواسية عندما تُمَس إسرائيل وأمنها الذي هو فوق أمن واعتبار أميركا نفسها. الذي يحكم أميركا فعلياً هو المؤسَّسة المُدارة صهيونياً لا الأشخاص ولا غيرهم. هذا هو الدرس الأول الذي يجب أنْ يتعلَّم منه العرب قبل أنْ تُعلِّم «عصاية» القدَر الخائب على أجناب مستقبلهم.
الدرس الثاني هو أنْ يبدأ العرب تحرُّكهم ونشاطهم السياسي الخاص بهم وتقديم أبنائهم للترشح للإنتخابات وخوض غمارها ليس على الصعد المحليَّة فحسب بل على مستوى الولايات والكونغرس. فلنتخلَّص من عُقد النقص والتفرُّق والشرذمة التي هي من اللعنات التي تلاحقنا حتى الممات.
والدرس الثالث هو معرفة اختيار أصدقائنا من الأحزاب الأخرى الذين يطالبون بعزل أميركا عن مشاكل العالم مثل السياسي رون بول وحزب «الخضر» وحتى حركة «الشاي» ولو كان متطرفاً جمهورياً (لكن لن نحبِّذ أبداً هذا الحزب إذا قرر أحمد فتفت تأسيس فرع «حزب شاي مرجعيون» في لبنان). علينا أنْ نبني تحالفاتنا على أساس مصالحنا حتى لا نُصاب بخيبة أمل مريرة في كل مرة ننتحب فيها مرشَّحاً كما أصابنا نحن العرب عندما صوتنا بكثافة لجورج دوبليو في ولايته الأولى ولأوباما مرَّتين! حتى بعض العرب الأميركيين الذين تسلَّقوا على ظهورنا لكي «يظهروا» على الشاشة السياسية ليسوا بأفضل حالٍ عندما يصلون، على طريقة نوَّاب لبنان! فمن يقول إن المدعو داريل عيسى يمثِّل اليوم وجهة نظرالعرب الأميركيين؟ ومن يذكرسبنسر إبراهام الذي «قتلنا» أنفسنا من أجله فلما تسلَّم حقيبة وزارية عند جورج دوبليو نسي الفتى العربي الأغرأصله وفصله وما قد حصل ولفَّه الصمت والنسيان؟! إن الوقوف مع دعاة عزلة أميركا عن العالم هو الحل الوحيد لفك الارتباط العضوي مع أصل العلَّة والدَّاء، إسرائيل.
لكن الدرس الأكبرهو أن سوريا كسرتْ الأحادية الأميركية في العالم التي تجلَّتْ بأبشع مظاهرها العنجهية بعد تدميرالعراق الشقيق الذي مازال يعاني حتى اليوم من الإرهاب التكفيري المجرم. فقد دخلَتْ روسيا مجدَّداً على خط القطبية الثنائية بدعمٍ من الصين ودول إقليمية هامَّة مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مقابل إنكشاف وفضح الدول الذيلية الراضخة التابعة كالسعودية ودول الخليج وتركيا. لن تعود أميركا بعداليوم الى دور حامل العصا الغليظة في الكون كما في السابق حتى لو وقع العدوان على سوريا، فالإدارة السابقة والتعثُّر الذي ساد إدارة أوباما السياسية من موقفها في مصر عبر دعم «الإخوان المسلمين» عكس ارادة الشعب المصري، ثم تأييدها للمتمردين في ليبيا وتونس التكفيريين، فعلتْ فعلها في هيبتها وجعلتها تخسرمن رصيدها ومصداقيتها في العالم الذي ملَّ الخلافات والحروب والقرارات المنفردة بعد أنْ تعاطف معها طويلاً وأعطاها «كارت بلانش» للتصرُّف أحاديَّاً إثر هجمات أيلول الإرهابية التي حلَّت ذكراها هذا الأسبوع الشاهد على فشل أوباما في العدوان المرتقب على سوريا والذي ورَّط نفسه به.
لقد تبين رياء أوباما واضحاً عندما إنخلع قلبه لرؤية أطفال «الغوطة» في سوريا وهم مصابون بالسموم الكيميائية وهذا فعلاً شيءٌ فظيع يدمي القلب، لكن الكل يذكر أنَّه في بداية ولايته الأولى مند خمس سنوات شنَّتْ إسرائيل حرباً بربريَّة على غزَّة قتلت فيها الأطفال والنساء بأسلحة أميركية محرَّمة دولياً فلم يتحرَّك وجدانه يومها ولم ينطق بكلمة إستهجان واحدة. وكلنا يذكر أنَّ آل النفط والغاز واتباعهم في لبنان لم يكترثوا لأطفال غزَّة بتاتاً بينما المساعدة الوحيدة لأبناء فلسطين جاءت من سوريا وإيران والمقاومة في لبنان. وبعد سنين من العدوان الإسرائيلي، استقبلتْ «حماس» بحماسٍ وترحاب منقطع النظير أنطوان زهرا وجماعة العار وتنصَّلَتْ من الذين وقفوا معها وقت الشدَّة. هكذا يكون عرفان الجميل وإلا فلا. والمضحك في الموضوع أنَّ أوباما المتردِّد في شن الحرب بسبب خوفه على إسرائيل والتداعيات التي ستنجم عنها، رئيس أقوى دولة في العالم يخاف من زوجته ميشال أوباما التي كانت تعارض التدخُّل العسكري في سوريا. وهذا شيءٌ جيِّد إذا حكم النسوان بأمرهن وساهمن في منع الحروب وحقن الدماء، شرط أنْ لا يكونَنَّ مثل مدام قطيش التي أمرتْ زوجها المهرِّج باقتحام السرايا!
إن الخطر لم يُزل تماماً بعد المبادرة العبقرية الروسية ورغم الانتصار الثاني المدوِّي لمحور المقاومة وتبخُّر أحلام بندر بإرسال ١٥ ألف مقاتلاً الى لبنان بالتزامن مع العدوان الأميركي، من أجل تشتيت قوات المقاومة وتوزيعها وإخراجها من سوريا بعد أنْ تشتعل أيضاً جبهة الجنوب وقطع الطرقات ومحاصرة الضاحية. من يلاحظ إنَّ الوضع هدأ أمنياً في لبنان أثناء إنشغال الجميع بالعدوان وترقٌُبه؟ لذا، سيكون كبيراً إنتقام بندر الذي كان يمنِّي نفسه بالنصر فتعرَّض لهزيمة مريعة، وساحة هذا الإنتقام ستكون في سوريا وفي لبنان حيث سيتم تزويد المعارضة بأسلحة فتَّاكة وبالمزيد من الأسلحة الكيماوية التي لا يستبعد أنْ تستعملها في لبنان، مع إستمرار تدفُّق الإرهابيين الى عرسال وجعلها مع طرابلس رهينتين لإبقاء السيطرة على الوضع اللبناني. كما لا يُستبعد عودة السيارات المتفجِّرة لأنَّ فجور الأعداء اللاّعقين لهزيمتهم أشدُّ مضاضةً والسلاح بيدهم يجرح. لكن التاريخ علَّمنا أن الشعب دائماً بالمرصاد في وجه خوارج العصر.
Leave a Reply