“العراقية” تهدد بالانسحاب.. والأكراد يؤكدون عزمهم على الانضمام الى “تحالف شيعي”
بغداد – بالتزامن مع حمّى تشكيل الحكومة الذي يصطدم بصخرة التحالفات السياسية، يتخذ العنف في العراق منحى تصاعديا منذ الشروع في الانتخابات الأخيرة وبعدها إذ تواصل الأسبوع الماضي تفجّر الوضع الأمني ممثلا بسقوط العديد من القتلى في تفجيرات وعمليات مسلّحة متفرقة يعتبرها محللون نتيجة مباشرة لتعثر العملية السياسية ولتشابك التدخلات الإقليمية على الساحة العراقية، حيث يرى البعض أن العراق أصبح ساحة لصراع نفوذ بين السعودية وإيران.
سياسياً، هددت “القائمة العراقية” التي يتزعمها أياد علاوي الثلاثاء الماضي بالانسحاب من العملية السياسية كأحد الخيارات “إذا تم إعادة البلاد إلى مربع الطائفية الأول في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة”، مؤكدة أن “ائتلاف دولة القانون” الذي يترأسه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي فشل في تفكيك “العراقية” عبر استدراج وترغيب بعض أعضائها وسط أجواء إيجابية سادت زيارة وفد “العراقية” إلى طهران مطلع الأسبوع.
في حين أعلن التحالف الكردستاني أنه سينضم إلى التحالف المتوقع تشكيله والإعلان عنه قريبا والذي يضم الكتلتين الشيعيتين لتشكيل الحكومة المقبلة.
وتعتبر “القائمة العراقية” إن الانسحاب من العملية السياسية سيكون أحد الخيارات التي ستكون مفتوحة أمام القائمة لو أعيدت البلاد إلى الطائفية في تشكيل الحكومة من خلال اندماج أو الإعلان عن قرب اندماج “الائتلاف الوطني العراقي” الذي يتزعمه عمار الحكيم و”ائتلاف دولة القانون” لتشكيل كتلة برلمانية كبيرة تشكل الحكومة في ما بعد. وتعتبر “العراقية” ان هذه الخطوة هي محاولة للالتفاف على القانون والدستور. ويري المراقبون ان حصول اندماج بين “الائتلاف الوطني” و”ائتلاف دولة القانون” ليس مؤكدا بعد، كما أن تشكيل تحالف بين الائتلافين قد يوصلهما إلى السلطة لكنه لن يجعلهما قادرين على إدارة البلاد.
“العراقية” في طهران
من جهة أخرى قالت ميسون الدملوجي الناطق الرسمي باسم “العراقية” إن أطرافاً مهمة من “ائتلاف دولة القانون” حاولت استدراج ترغيب بعض أعضاء العراقية بكل الوسائل وبمحاولات وصفتها باليائسة، لتفكيك العراقية لكن المحاولات فشلت. وقالت إن القائمة العراقية متماسكة أكثر من أي وقت مضى، وتستعد لتشكيل الحكومة باعتبارها القائمة الأكبر في مجلس النواب. وأضافت أن هذه الممارسات تدل على ضعف الالتزام بالقيم الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وتشير إلى ابتعاد هؤلاء الأشخاص عن السلوك الحضاري والقيم الإنسانية الرفيعة.
وأكدت الدملوجي في سياق متصل أن نتائج زيارة وفد القائمة برئاسة رافع العيساوي إلى طهران كانت “ايجابية”. وقالت إن “الوفد حمل رسالة إلى إيران تتعلق بأواصر حسن الجوار بين البلدين، وضرورة ترسيخ علاقات متوازنة تضمن مصالح الجارتين واحترام سيادة الدولتين وعدم التدخل بالشؤون الداخلية لأي منهما، والتأكيد على أن “العراقية” لن تسمح باستخدام أراضي العراق أو أجوائه في شن أي هجوم على إيران”. وأضافت “إن المباحثات تكللت بالنجاح، ولاسيما رغبة إيران في أن تلعب العراقية دورا أساسيا في مد الجسور مع دول الإقليم”، موضحة أن “الزيارة التي استغرقت ساعات قليلة اقتصرت على لقاء المسؤولين الإيرانيين في طهران”.
الإئتلافان والكردستاني
وتواصلت في بغداد طوال الأسبوع الماضي الاجتماعات المكثفة بين الائتلافين من جهة وفي داخل القوائم كالقائمة العراقية والتحالف الكردستاني. فقد أعلن الرئيس العراقي المنتهية ولايته جلال طالباني في تصريح متلفز عقب لقاء جمعه برئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري الذي ينتمي حزبه إلى “الائتلاف الوطني العراقي” أن “وجهات النظر بيننا متطابقة حول جميع القضايا الهامة”.
وأضاف “نحن ننتظر إنشاء الله الإسراع بين دولة القانون والائتلاف الوطني للتوحد ثم نحن أيضا كما هو معروف حلفاء طبيعيون للطرفين، ستعزز علاقاتنا بالمسقبل”. وأكد في إشارة إلى التحالف المتوقع بين الكتلتين أن “المرشح الذي يتقدم به الأخوة الشيعة سينال تأييدنا أيضا”.
وقالت مصادر مطلعة مقربة من هذه الاجتماعات إن التحالف الكردستاني يدرس بشكل فعلي عملية الانضمام إلى التحالف الشيعي الجديد لكن بفرض شروط أولها البدء بالعمل بالمادة 140 من الدستور وتضمين الاتفاق أن يكون رئيس الجمهورية مرشح التحالف الكردستاني.
صراع سعودي-إيراني
رأى محللون أن ايران والسعودية تخوضان صراع نفوذ حادا في العراق في وقت تتراجع فيه الهيمنة الاميركية على هذا البلد مع الانسحاب التدريجي للقوات بحلول نهاية العام 2011.
وقال بيتر هارلينغ الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط في “مجموعة الأزمات الدولية” ان “الانسحاب الفعلي وكذلك النفسي للولايات المتحدة سيفتح الطريق للاعبين آخرين، وقضية موقع العراق في المعادلة الاقليمية تتوقف خصوصا على طبيعية حكومته” المقبلة.
وأضاف هارلينغ “حتى الآن كانت مفاوضات تشكيل الحكومة تجري في المنطقة الخضراء، رمز الاحتلال الاميركي. لكنها باتت الآن تجري جزئيا في العواصم المجاورة”.
ومن جانبه، قال حميد فاضل استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد “لم نعد نشاهد أحدا من السياسيين يهرول الى السفارة الاميركية او الى واشنطن فقد اصبحت القبلة التي يحجون اليها وايهما يصل اليها اولا هي الرياض وطهران”. واضاف “لم نعد نسمع عبارات عداء ضد الرياض ولا كلمات معارضة لايران”.
وقال علي رضا نادر الباحث في مؤسسة “رند كوربوريشن” ان “ايران والمملكة العربية السعودية تعتبران العراق ساحة مهمة على صعيد التنافس الاقليمي بينهما.. لذلك فهما على استعداد للقيام بترتيبات سياسية تعود بالمنفعة عليهما”. واوضح أن “التاريخ يظهر ان ايران والسعودية حريصتان ايضا على ان لا تتحول المنافسة بينهما الى نزاع مفتوح”. واشار الى ان الدعوات الأخيرة التي وجهها البلدان للعراقيين تظهر ان هناك “محاولات من قبل مختلف الكتل السياسية العراقية للتوصل الى تسوية بين ايران والسعودية اللتين تمثلان اكبر القوى الاقليمية في الخليج”.
ويجزم حميد فاضل “في كل الاحوال، لن يكون هناك رئيس وزراء لا يحمل بصمات ايران والسعودية”، منبها إلى أن “الامر معقد للغاية لأن لكل من البلدين وجهات نظر متباينة”.
Leave a Reply