خاص «صدى الوطن»
ثماني سنوات أمضتها العربية الأميركية هيذر شرارة في العمل كمستشارة لدى البحرية الأميركية منحتها فرصاً أكثر مما كانت تتخيل على الإطلاق. فمن عملها سافرت شرارة إلى أماكن كثيرة والتقت بأناس جدد مكونة صداقات حياة مع زميلاتها وزملائها. شرارة المولودة لأب لبناني وأم ألمانية إمتلكتها على الدوام الرغبة في دخول السلك العسكري، أمضت سنة في المعهد الجامعي بعد تخرجها من ثانوية كريستوود في العام 1999، غير أنها بكرّت في السعي وراء فرص أخرى. وبعد إستكشاف خيارات عدة والإستماع إلى مستشاري التجنيد المحليين لأجل الحصول على فهم أوضح طبيعة العمل في البحرية الأميركية قررت الإنخراط في عمر الـ 19 سنة.
«البحرية لها فرادة خاصة من حيث توفيرها فرصاً، بخلاف أي فرع آخر من القوات المسلحة» تقول شرارة. «لقد أردت أن أكون جزءاً من الجيش الأميركي. لكن لم أكن أتطلع لأن أصير مجرّد جندية عادية. وبعدما اكتشفت كل العمل الإنساني العظيم الذي تؤديه البحرية قررت الإنخراط فيها».
وفي حين تقول شرارة أن معظم صديقاتها كن داعمات لقرارها بالإنخراط في البحرية فإن عائلتها كانت مترددة بعض الشيء حول المهنة التي اختارتها. وفقط بعدما اصطحبت والدها للقاء مستشاري التجنيد الذين شرحوا بإسهاب الفوائد التي توفرها برامج البحرية، بدأ أفراد العائلة بالوقوف خلف قرارها.
«لم تكن هذه هي المهنة التي كانت عائلتي تفضلها لي» تقول شرارة وتضيف «إن الأمر اختلف بعد إطلاعهم على ما يمكن أن توفره لي هذه المهنة». «أحد الأمور الأكثر متعة في مهنتي هي السفر إلى أجزاء مختلفة من العالم».
خلال 8 سنوات من عملها مع البحرية سافرت هيذر إلى 27 بلداً من ضمنها الإقامة لمدة أربع سنوات في إيطاليا.
«لقد أردت دائماً السفر وأعطتني البحرية الفرصة لرؤية أماكن لم تخطر لي ببال. التزلج على جبال الألب السويسرية، زيارة معسكرات الإعتقال الجماعي في ألمانيا وتناول الغداء في قمة برج آيفل الباريسي – هذه التجارب سوف تلازمني طيلة عمري».
وبالإضافة إلى متعة السفر تعبر شرارة عن تقديرها للتدريب المكثف الذي تلقته في البحر. فخلال السنوات الست الأولى من خدمتها عملت كإطفائية على متن السفينة وكانت عضواً في فريق تولى مهمات الإستجابة الأولية للحالات الطارئة.
وتقول شرارة إن ذلك التدريب الذي تلقته لا يقدر بثمن. وتضيف إن هدفها بعد مغادرة البحرية هو العمل في المساعدة في ظروف الكوارث نظراً للخبرة التي اكتسبتها في هذا المجال.
وعلى الرغم من إستدعائها مراراً للعمل في بلدان عبر المحيط إلا أن هيذر لم تشعر أبداً أنها بعيدة عن عائلتها وأصدقائها. فجميع السفن التي عملت عليها كانت مجهزة بتسهيلات مثل مقاهي الإنترنت، ومواقع التواصل الصوري والهواتف التي تتيح للبحارة الإبقاء على تواصل دائم مع عائلاتهم.
واستطاعت شرارة إكمال معظم دراستها الجامعية خلال عملها مع البحرية. التي تقدم المساعدة الكاملة في تسديد أقساط الدراسة على متن سفنها. تقول شرارة إنه بعد إعتداءات 11 أيلول طارت فوراً للإلتحاق بسفينتها. وتقول «إنه في وقت بدت فيه الأمور غير واضحة بعد تلك الإعتداءات شعرت بالتوتر إزاء نوع الإستقبال الذي ينتظرني». ولكنها فوجئت بأن رؤساءها وزملاءها في البحرية كانوا أكثر قلقاً على سلامتها من أي شيء آخر. وتقول هيذر أن الدعم الذي تلقته تلك الآونة أعاد تأكيد العناية والإحترام اللذين كانت تكنهما لزملائها وزميلاتها البحارة.
«كوني عربية أميركية هو شيء أفتخر به وكل من عمل معي على ظهر السفينة كان يعرفه» تقول هيذر، وتضيف إن لقاء زملائها وزميلاتها البحارة بعد أيام قليلة من حصول إعتداءات 11 أيلول «كان عصيا على التوقع» إلا أن الإستقبال الذي لاقته غمرها بارتياح كامل. وتعلق هيذر بالقول: حينها أدركت حقاً أنه بالإضافة إلى عائلتي البيتية كان لدي عائلة أخرى هي عائلة البحرية. وشرارة العربية الأميركية المسلمة كان متاحاً لها إحياء ممارسة شعائرها الدينية، خصوصاً خلال شهر رمضان، وتشرح أنها بعدما التقت برئيسها على السفينة وشرحت له أساسيات الصوم، وجدت كل تجاوب وتسهيل لحاجياتها، ونتيجة لذلك جرى تعديل جدول عملها اليومي بحيث تتمكن من تناول الطعام في الأوقات المحددة التي يفرضها شهر الصوم وتضيف أنها بالإجمال، لاقت دعم الجميع وإحترامهم لواجباتها الدينية كمسلمة.
حالياً تتولى شرارة كمستشارة من الدرجة الأولى لدى البحرية الأميركية الإشراف على أكبر محطة تجنيد في ولاية ميشيغن، ومن مكتبها في مدينة وست لاند تقوم بالإشراف على خمسة مستشاري تجنيد وتمضي كثيراً من وقتها في التحدث مع أفراد الجيل الشاب ممن لديهم إهتمام في الإنضمام إلى البحرية.
وتقول شرارة إنها تستمتع بالعمل في وسط جاليتها العربية وتحب على وجه الخصوص المبادرات التي تنفذها البحرية الأميركية على المستوى المحلي، مشيرة إلى أنها قبل أسبوعين إلتقت مع طلاب ثانويين في ديربورن لشرح برنامج اللياقة وهو البرنامج الذي يستخدم معايير البحرية الأميركية لليّاقة البدنية لإختبار المدنيين حول مستوى لياقتهم البدنية. علماً أن ديربورن كانت واحدة من ثلاث مدن في كل أنحاء الولايات المتحدة جرى إختيارها للمشاركة في برنامج اللياقة البدنية لهذا العام. وتؤكد شرارة أن برنامج هذا العام كان ناجحاً على نطاق واسع.
وتختم شرارة: «إنني حقاً أحب ما أقوم به، فليس كل شخص يعرف عن كل العمل الكبير الذي تقوم به البحرية، وأنا فخورة أن أكون جزءاً من ذلك العمل».
ترجمة عدنان بيضون
Leave a Reply