هذا الأسبوع نرتاح من همِّ الوطن الضائع التائه الى همِّ الوطن الجديد حيث العرب الأميركيون على موعد مع إستحقاق إنتخابي مصيري متعلِّق مباشرةً بمستقبلهم ومستقبل أبنائهم يوم الثلاثاء في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي حيث يتصارع المرشَّحون على مقاعد بلدية في مدينة ديربورن والجوار وحيث تكتسب هذه الانتخابات في هذا العام أهميَّة قصوى للجالية العربية الاميركية التي بلغتْ سنَّ الرُشد وليست بحاجة إلى تكرار التشجيع والتحفيز والطلب المتكرر أنْ تأخذ مصيرها وأمرها بيدها لأنه إذا لم يأتِ الحماس من تلقاء الذات بعد كل الذي جرى وسمعنا به، فلن تقوم لنا قائمة بعد الآن!
يوم الثلاثاء هو فعلاً يوم الإمتحان والحسم بالنسبة إلينا بعد الأداء المزري والإقبال المتدنّي جداً خلال الانتخابات الأوَّلية التي جرت الصيف الماضي في شهر رمضان المبارك عندما صام أغلبية العرب والمسلمين عن الطعام و.. الإقتراع معاً. ولكن رغم ذلك فاز المرشَّحون العرب الأميركيون بنسب أصوات عالية وحصلوا على مراكز متقدِّمة مما يعني أنَّ نقلة نوعية قد تمَّتْ حتّْى من قبل الناخب الأميركي الذي قد يكون أقرب الى الإستعداد والقبول بمسؤولين بلديين في ديربورن كانعكاس لثقل الجالية العددي والنوعي. وحقيقة أنَّ المرشحين العرب فازوا بأصوات أميركية غير عربية هي سابقة تاريخية بحد ذاتها وتعني أنَّ المرشحين هم على درجة عالية من الأحقَّية.
لكن نحن لا نريد إعادة هذه التجربة المريرة ولا نريد أنْ ننام على حرير ونترك الأمور للفرص والصُدف كما يفعل الحكَّام في البلاد العربية! علينا أنْ نأخذ ناصية مصيرنا بأنفسنا وأقل وأدنى الواجب في هذا المجال هو أنْ نخرج للتصويت بإقبالٍ كبير ونقوم بإخراج أهلنا وجيراننا وأقاربنا ومعارفنا وأصدقائنا وكل من يحتاج للمساعدة يوم الامتحان لكي يدلوا بأصواتهم لأننا سوف نكرم أو نهان. علينا دقَّ جرس الإنذار وإعلان النفير العام والإستنفار من أجل إيصال المرشحين العرب وأصدقائنا من المرشحين الآخَرين الذين اختارتهم اللجنة العربية الاميركية للعمل السياسي (أيباك) الى سدَّة المقاعد البلدية، والأسباب متعدِّدة:
١- حسب المعطيات الإنتخابية فان الإقبال على الانتخاب يتدنَّى كل عام وخلال هذا الإستحقاق الإنتخابي المصيري تفيد تقديرات البلدية في ديربورن إنَّ نسبة المشاركة لن ترتفع عن ٣٠ بالمئة، وهذا غير مقبول وغير كافٍ وبإمكان العرب الأميركيين المسجَّلين للإنتخاب أنْ يرفعوا هذه النسبة إلى أعلى من ذلك مما يزيد من حظوظ فوز لائحة «أيباك» ويمنح المرشحين أكثرية عددية وانتداباً كبيراً من الناخبين كما يرسل رسالة إلى من يهمُّهم الأمر إنَّ العرب الأميركيين فعّالين وجدّيين ولم يعودوا على الهامش.
٢- لا يمكن لأحد أنْ يصدِّق أنَّ العرب الأميركيين يقتربون من أنْ يصبحوا نصف سكَّان مدينة ديربورن ولكن عدد الموظفين العرب في البلدية لا يتعدَّى ثلاثة بالمئة من مجمل الموظَّفين وممنوعين من مناصب عُليا كرؤساء دوائر، أمَّا في مدينة ديربورن هايتس فالتوظيف الذي يعكس وجود الجالية هناك هو أفضل منه في ديربورن. كذلك لا يعكس المجلس البلدي في ديربورن التعددية السكَّانية الموجودة في المدينة أمَّا رئاسة البلدية فكأنَّها فاكهة محرَّمة على العرب الأميركيين الذين إذا ترشَّح واحد منهم لهذا المنصب يُقابَل بقلب الشفاه وتقليب الكفَّين وتقطيب الحاجبين مع إستنكار وإستهجان ولو كان هذا الشخص أكفأ من الرئيس الحالي للبلدية، كما حصل مع المحامي عبد حمَّود الذي ترشَّح ضد الراحل مايكل غايدو وكان أكثر أهليةً منه بسنين ضوئية، لكن صداقة غايدو يومها مع بعض أصحاب «البزانس» العرب وشعور الناخبين العرب أنَّ «المايور» السابق لا يُقهر وقلة الإقبال العربي على التصويت كل ذلك لم يساعد في إيصال أحد العرب الأميركيين المثقَّفين الأكفّاء لهذا المنصب.
٣- إقطاع مدينة ديربورن أسوأ من إقطاع كامل الأسعد إذ يكفي أنْ توضع عصا إسمها الأخير هابرد حتى تنال أعلى الأصوات بسبب حكم رئيس البلدية الأسبق أورفيل هابرد الطويل للمدينة، أو حتى إسم أورايلي بسبب «المايور» الحالي ووالده، أمَّا إسم عائلة عربية كريمة فهو «تابو» لا يجرؤ أحد على تخطِّيه، لماذا؟! وهل نحن ما زلنا في القرون الوسطى الإقطاعية رغم الديمقراطية المفرطة في أميركا؟ الطريقة الوحيدة لكسر إحتكار وأحادية الأسماء الشهيرة والعائلات والسلالات السياسية هي إقامة علاقات وتحالف مع باقي الأطراف والجمعيات الموجودة في المدينة والمشاركة في نشاطاتها والنظر الى أبعد من حدود شارعي «غرينفيلد» و«وايومنغ» فقط، ثم المشاركة بفعالية في الانتخابات تسجيلاً وترشيحاً واقتراعاً وإلا لن ننجح بعد ذلك أبداً! إنَّ الخالق العظيم لم يمنح آل غايدو وهابرد وأورايلي وغيرهم تفويضاً ليكونوا روؤساء البلدية دون غيرهم فهم ليسوا «أفهم» من غيرهم وأصبح لدى جاليتنا ما شاء الله متعلمون وأطباء ومحامون وقضاة ومهنيون ورجال أعمال ما يبزُّ الجاليات الاخرى بأضعاف فلتكن ثقتنا بأنفسنا كبيرة.
٤- خلاصة الكلام، «طلع على لساننا شعر» ونحن وكل الإعلاميين والساسة في جاليتنا دوماً يدعون الى الإقبال الشديد يوم الانتخاب وهذا يجب أنْ يكون تحصيل حاصل ولكن دائماً تُخلق الأعذار امَّا اليوم فلا مكان للتقصير والاعتذار والتقاعس عن العمل حيث انّ «أيباك» وزعت منشوراً باللغتين على ٤٢ منزلاً من اجل المساعدة في عملية الاقتراع وهناك متطوعون يعملون على مدار الساعة من اجل الفوز يوم الانتخاب فيا ليت لو يساهم كل فرد بواجبه وعلى طريقته هذه المرَّة من أجل الخروج من دائرة العجز الى رحاب النصر الكبير ولنتذكر أنََّ هذا زمن الانتصارات وإنّ زمن الهزائم قد ولَّى وانتهى.
Leave a Reply