سامر حجازي – «صدى الوطن»
تجميل الأنف، شفط الدهون، حقن البوتوكس، نفخ الشفاه، تكبير الأثداء والمؤخرات .. كل عمليات التجميل هذه والهوس بها ليس مقتصراً فقط على الأخوات كارداشيان اللواتي لسن الأيقونات الوحيدات في عالم الجراحة التجميلية.
فقد لحق عرب أميركا بهذه الصرعات، بل أصبحوا في الطليعة إلى حد أنهم جعلوا من عمليات التجميل هذه صناعة مزدهرة في منطقة مترو ديترويت. وهذا واضح وجلي من خلال المظاهر المتحولة والمتبدلة وأشكال وألوان الكثير من الفتيات المتبرجات في مجتمعنا المحلي.
ففي السنوات الأخيرة، أخضعت المرأة العربية نفسها لتحسينات تجميلية روتينية بشكل يشبه الإدمان. ميمي البالغة من العمر 42 عاماً والمقيمة في مدينة فارمنغتون هيلز هي أفضل مثال على ذلك. إنها أميركية تنحدر من أصول آشورية وهي أم لأربعة أطفال، وهي صريحة ولا تتجنب الحديث عن خوضها غمار تجربة عمليات التجميل التي خضعت لها لبعض الوقت. وقد ذكرت لـ«صدى الوطن» أنها اكتشفت فوائد العمليات التجميلية منذ أن قامت بتكبير ثدييها قبل 11 عاماً.
«لقد أحسست بشعور عارم بالفرح. عندما قمت بعملية تكبير الثديين.. واو» أكدت ميمي وأضافت «طولي ٨ أقدام وخمسة إنشات ولكن جسمي كان متعرجا وصدري مسطحاً، وكنت غير واثقة من نفسي. الجراحة التجميلية كانت استثماراً جيداً. لقد كنت -حينها- واحدة من عدد قليل من النساء العربيات اللواتي فعلن ذلك، ثم أصبحت صريحة حول هذا الموضوع. وأنا أنصح كل امرأة أن تفعل ما يريحها ويسعدها».
منذ خضوعها لهذا التعديل، عادت ميمي لزيارة الطبيب للقيام بالمزيد من التحسينات الجمالية، وقامت بتكبير شفتيها وحقن مادة البوتوكس في وجهها.
وأضافت «الناس ينتقدون أحياناً مكياجي الفاقع (ميك أوڤر) والمبالغ به وقد أخبرني البعض أنَّي أبدو كمن حقنت بكمية أكبر من البوتاكس كما شكك آخرون بشفتي المكبرتين حديثاً».
«يا إلهي، هل كبّرتِ شفتيك؟ لقد كانتا أفضل في السابق.. قال لي شخص لم أره منذ 19 عاماً»، صرحت ميمي واستدركت «كل شخص لديه وجهات نظر مختلفة. أسمع الكثير من التعليقات السلبية، كذلك أحصل على المجاملات الجيدة جداً.. أنت لا يمكنك أن ترضي الجميع وفي نهاية المطاف يمكنك إرضاء نفسك فقط».
تركز ميمي على مسيرتها المهنية كفنانة تجميل ومكياج. وقد أعربت عن اعتقادها بأن على المرأة أن تظهر دائماً نابضة بالحياة والشباب..فهو أمر ضروري في مجال عملها. ولذا تقوم باستمرار في تجديد صفحتها على إنستغرام المسماة (mimig74) بنصائح عن الجمال وتقوم بتحديد مواعيد للزبائن.
وأشارت ميمي إلى أن «الكثير من الناس في محيطها الاجتماعي قد خضعوا لأنواع مختلفة من العلاجات التجميلية ومعظمهم راضون عن النتائج». وأضافت «الجميع يفعل ذلك. درجت أنا وصديقي السابق على القيام بعمليات البوتوكس معاً، وشعرت -بعد أن أنهينا علاقتنا- أنه قام بتجميل شفتيه أيضاً».
حوراء (اسم مستعار)، من سكان ديربورن تبلغ من العمر 29 عاماً، قامت بتجميل أنفها قبل خمس سنوات ولا تخشى أن تقول للناس إنها فعلت ذلك لغرض وحيد هو تجديد شكلها.
«أردت أن يكون لي بروفايل لطيف»، ذكرت حوراء وتابعت «أعتقد أن ذلك من شأنه أن يجعلني أكثر أنوثة، وأنا راضية عن النتائج، مع أن إجراء عملية التجميل كان مؤلماً للغاية».
وفي حين أن حوراء حالفها الحظ بنجاح العملية، إلا أنها تعرف العديد من النساء العربيات المحليات اللواتي لم يحالفهن الحظ مثلها.
«ذات مرة حقنت أمي خديها بالبوتوكس فانتفخا لمدة ثلاثة أشهر لأن المزينة التي قامت بالتجميل زادت من كمية المادة المحقونة»، أكدت حوراء ومضت تقول إن إحدى صديقاتها أجرت جراحة في الأنف في ثلاث مناسبات مختلفة، بهدف تصغيره قدر الإمكان، وقد حذرها الأطباء بأن شكل أنفها الجديد، الذي تنشده، لا يتناسب مع بنية الأنف العظمية، وبعد العملية الثالثة بدأ الغضروف بالانهيار والآن لا سبيل أمامها الا سحب غضروف من أذنها لإعادة بناء أنفها، لأن طبيبها الأخير جعل أنفها صغيراً جداً بحيث أنها لم تعد -بحق- تستطيع التنفس.
وأشارت حوراء الى أن المشاهير وثقافة الانستغرام هم الدافع وراء هذا العدد الكبير من النساء العربيات اللواتي يزرن الجراحين التجميليين. وقالت: أعتقد ان هذا الهوس هو وباء موجود عند أجيال الشباب وكبار السن معاً. إن جيل الشباب يحاول تقليد مشاهير هوليود ونماذج «إنستغرام»، في حين أن المسنين يتطلعون لتقليد العدد الكبير من المشاهير اللبنانيين الذين يقومون بعمليات تجميل. هناك من كل الفئات العمرية من هو مولع ومُعجَب بمشاهير متعددين، لكنهم جميعاً يحاولون الحصول على طلة هؤلاء المشاهير.
أمل (اسم مستعار)، هي مديرة في مكتب محلي للجراحة التجميلية، أبلغت «صدى الوطن» أن العمليات كالحقن بمادة البوتوكس وحقن الشفاه وحشو الخد تنتشر سريعاً وتصبح أكثر شعبية.
وأضافت: إن الموضة الدارجة هذه الأيام كاشفة للخصوصية.. إذ لم يعد يُفرض على المرأة الذهاب للجراحة، كما أنها ليست بحاجة لأن تخضع للتخديرفالعمليات التجميلية أصبحت حلاً سهل المنال وسريعاً وأرخص بكثير.
وأشارت إلى أن المكتب الذي تعمل فيه لديه زبائن من كل الملل والنحل ويشمل نساء مسلمات ورجالا مسلمين، ومن جميع الفئات العمرية التي تتراوح بين الشباب وكبار السن.
وأوضحت «ليس هناك أي تمييز عندما يتعلق الأمر بهذه الإجراءات التي تجذب الجميع.. عندما بدأت العمل هنا فوجئت برؤية النساء المتقدمات بالسن، من المسلمات المحجبات، وهن يأتين من أجل البوتوكس وحقن الشفاه.. أصبح هذا الأمر شائعا جداً. وكل يوم يأتينا زوار جدد».
وقالت: إن الأخوات كارداشيان رفعن سقف التجمل لدى الكثيرات من فتيات الجالية، مما عزز الاتجاه لديهن لحقن الشفاه وتكبير المؤخرات. وأضافت: إن نساء كثيرات يأتين باستمرار إلى المكتب ويطلبن أن تكون شفاههن مثل شفتي كيلي جينر وشقيقتها الصغرى التي تطل على الجمهور من خلال أحد برامج «تلفزيون الواقع»، ومع ذلك يضطر فنانو التجميل -ولعدة مرات- إلى «ركلجة» توقعات الزبائن العالية.
وخلصت إلى القول: إنهن يردن دائماً المزيد من التجميل بأكثر مما نوصي به في العادة.. فهم يردن الحصول على شكل خارجي مبالغ فيه، لكن مكتبنا يحاول الحفاظ على الجمال الطبيعي ما أمكن، ولكنك تجد دائماً تلك المراة التي تريد المزيد من التجميل.. إنهن يردن حصول معجزة ونحن لا يمكن أن نغير هيئة الشخص الخارجية تماماً. يمكننا فقط أن نقوم بالتجميل.
سوق البوتوكس السوداء
وقد حذرت شيرمان داوود، وهي ممرضة جراحة طبية من أصول عراقية، الجالية من تنامي السوق السوداء للبوتوكس الذي من شأنه الإضرار بمظهر المرأة الضعيفة.
وقالت داوود التي تدير مركز «زارا لمستحضرات التجميل» في ديربورن: إنها غالباً ما تلتقي بزبائن أجريت لهم عمليات البوتوكس أو حقن الشفاه الفاشل بشكل مريع.. تلك العمليات التي يجريها أشخاص لا يملكون التراخيص المطلوبة لتنفيذ العمليات التجميلية.
«الناس لا يعرفون أنه من غير القانوني القيام بعمليات الحقن وعمليات التجميل الأخرى بدون ترخيص» أفادت داوود وأضافت: بعضهم يشتري البوتوكس من السوق السوداء ويدعي أن لديه شهادة… أي شخص يمكنه طباعة شهادة عبر الانترنت. وشرحت داوود أن العديد من ربات البيوت يعلنّ عن عمليات التجميل عبر وسائل التواصل الإعلامي، وما لا يدركنه هو حجم العقوبة القاسية التي تنجم عن إجراء عمليات في الوجه من دون رخصة تمنحها الولاية، وقد تصل غرامة المخالفين للقانون إلى 10،000 دولار أو قضاء مدة في السجن. وعبرت داوود عن قلقها من «أن الأفراد الذين يزاولون عمليات التجميل من غير رخصة يمكن ان يساهموا في انتشار التهاب الكبد الوبائي أو فيروس نقص المناعة البشرية (الأيدز) وهناك الكثير من ربات البيوت يقمن بعمليات تجميل للزبائن في طوابق بيوتهن السفلية (بيسمنت)».
وتساءلت «من يدري فيما إذا كن يستخدمن إبرا نظيفة، أم لا؟ إنهن لا يعرفن في هذه الأمور. ومكالمة واحدة لوزارة الصحة، تجعلهن يواجهن العار».
واستدلت داوود على مثال حصل مؤخراً مع فتاة عربية تبلغ من العمر 21 عاماً «حيث قامت بحقن شفتيها على يد مزينة لا تحمل ترخيصاً.. ولم تتلق الشابة حتى مجرد كتيب أو معلومات حول هذا الإجراء. وكانت النتيجة النهائية بمثابة مسرحية مرعبة. لقد انتفخت شفتاها أكثر مما كانت تتصور وأصابها الاكتئاب لدرجة أنها توقفت عن إرضاع طفلها، كما كان زوجها مستاءاً جداً من شكلها الجديد. لكن لم يكن هناك أي دليل على أنها ذهبت إلى منزل أحد ما لتجميل شفتيها ولا تعرف حتى بماذا حُقنت».
ودعت حكومة الولاية لتطبيق القوانين على هذه الإصلاحات التجميلية السريعة والسهلة. وخلصت الى القول”الجميع يريدون أن يكون منظرهم طافحا بالشباب والحيوية، لكن بدلاً من ذلك يواجه النَّاس شفاهاً ووجوهاً مشوهة وحقنا بمواد خاصة يحضرها المزينون.. إنه عمل ضد القانون ان تُحقن مادة السيليكون في الوجه والشفتين.. ومُدّو التجميل ليسوا أطباء ولا يعرفون شيئا عن البنية التشريحية للوجه، كالعضلات والأعصاب، وبالتالي فهم غير مؤهلين للقيام بالعمل المطلوب.
Leave a Reply