لا يوجد أي معنى مشترك بين مفردتي “العرّاب” و”العرب” رغم اشتراكهما بجذر لغوي واحد، ولكم أن لا تعربوا عن أسفكم حول هذه الملاحظة، إذ يمكن دوما إيجاد تقاطعات، في مستوى آخر، تبدو للوهلة الأولى غريبة، وعجيبة في مصادفاتها.
ولمن نسي قصة فيلم “العراب” وأحداثه، بسبب البعد وطول العهد، يمكنه أن يقوم بتنزيل لعبة الفيديو المعروفة بالإسم نفسه: العراب، أو الأب الروحي، على كمبيوتره الشخصي، فهي تتضمن بعض أحداث الفيلم وشخصياته الرئيسية.
وأما إذا كنتم لا تفضلون ألعاب الفيديو والبلايستيشن والإكس بوكس، فيمكنكم الاكتفاء بمشاهدة نشرات الأخبار، أو أشرطة الفيديو المسجلة التي تملأ “يوتيوب” و”فيسبوك”، حيث يتم يوميا إصدار أجزاء جديدة من الفيلم، بنسخ حقيقية هذه المرة.
وتدور أحداث فيلم العراب حول عائلة كورليوني التي تعتبر من أقوى عائلات المافيا الإيطالية في مدينة نيويورك والتي بسطت سيطرتها على إدارة نوادي القمار والبغاء واستطاعت أن تتربع على عرش الزعامة، بفضل علاقات زعيمها الدون فيتو كورليوني (يؤدي دوره مارلون براندو وزعماء عرب آخرون) مع شخصيات سياسية واجتماعية عامة منحته نفوذا قويا ووفرت تغطية لأعمال عائلته التي أخذ الناس يلجأون إليها لحمايتهم وحل مشاكلهم.
ولا تنقطع الإثارة الدرامية خلال أحداث الفيلم، والثورات العربية، فتتعرض مكانة عائلة كورليوني لعاصفة شديدة، ومحنة مؤلمة، حين يرفض العراب طلب تاجر المخدرات سالازو بحماية أعماله لقاء مبالغ طائلة، مما يدخل العائلة في حرب مع بقية العائلات.
ويزداد التشويق في الفيلم، وفي الحياة التي من لحم ودم، حين يتم اغتيال سوني، الابن الأكبر لفيتو، على أيدي الخصوم من العائلات الأخرى، وهنا يبدأ التحضير لتسليم القيادة والزعامة للابن الأصغر مايكل (يؤدي دوره آل باتشينو وزعيم عربي واحد)، وسط شكوك داخل عائلته بقدرته على الحلول مكان أخيه المقتول الذي كان يعده الأب لتولي سلطة الحكم.
على عكس مايكل، كان سوني يؤمن بالقوة وبحسنات القبضة الحقيقية وقدرتها الهائلة على تلقين الدروس للأعداء كحل أمثل لمعالجة القضايا المستعصية والطارئة، وتكون هذه الصفات التسلطية والعنفية سببا في مقتله، الأمر الذي دفع العائلة إلى استقدام الشقيق الأصغر من صقلية (وليس من بريطانيا) لتولي زمام الأمور.
لم يكن مايكل راغبا بالدور لكنه يضطر إلى دخول الحلبة بسبب رحيل أخيه، ويفاجئ العائلة والخصوم والشعب ببطشه وقسوته، ويستطيع أن يفرض نفسه، كقائد شاب من طراز مختلف، ويتمكن من الانتقام لمقتل شقيقه، وينجح في تصفية جميع خصومه، ويعيد للعائلة هيبتها وبسط نفوذها من جديد.
وما دمنا في السينما، وعلى أهبة الحروب، يمكننا أن نتذكر التحفة السينمائية الأخرى، فيلم “الدكتور سترينغلاف: كيف لي أن أتوقف عن القلق وأحب القنبلة”. وأن نتذكر الحوار الذي يدور بين اللواء جاك ريبر والكابتن ماندريك:
اللواء ريبر: هل تعلم ما قاله كليمنصو عن الحرب؟
ماندريك: لا يا سيدي..
اللواء ريبر: قال إنه من الخير أن تترك الحرب للجنرالات.. ربما كان محقا عندما قال ذلك قبل خمسين عاما.. واليوم أصبحت الحرب أهم حين تترك للسياسيين لعدم امتلاكهم لوقت كاف ولعدم امتلاكهم لحنكة التخطيط.
وفي الفيلم ذاته، يدور الحوار التالي بين الجنرال تريجستون والرئيس ميركن مافلاي:
الجنرال تريجستون: إننا نقترب من لحظة الصدق مع أنفسنا ومع أمتنا. الصدق ليس دائما سارا، لكن من الضروري أن نختار الآن بين فجيعتين ولكن مميزتين لهذه الحرب، الأولى يقتل فيها 20 مليون شخص، والثانية يقتل فيها 150 مليون.
الرئيس ميركن مافلاي: أنت تتكلم عن إبادة جماعية وليس حربا.
الجنرال تريجستون: أعلم أننا سنوسخ أيدينا قليلا..
Leave a Reply