باريس، طرابلس – احتفل الليبيون الأسبوع الماضي بعيد الفطر وبيوم الأول من أيلول (سبتمبر) دون قائد “ثورة الفاتح من سبتمبر”، لكن العيد حمل رسالتين متضاربتين إلى الشعب الليبي من نجلي العقيد الهارب معمر القذافي، سيف الإسلام، الذي عدّ الثوار “عدواً”، ودعا إلى مقاتلتهم، والساعدي، الذي وصفهم بـ”إخوة” ولا مانع لديه من أن يتسلّموا الحكم، أما القذافي، فكرر دعوته الليبيين إلى القتال.
وفي السياق الدبلوماسي، اتفق المجتمعون في أعمال المؤتمر الدولي لـ”أصدقاء ليبيا”، الذي دعت إليه فرنسا وبريطانيا وانعقد في قصر الإليزيه في باريس، على الإفراج عن الأموال الليبية المجمدة، ومواصلة العمليات العسكرية لحلف شمالي الأطلسي. وشارك في المؤتمر الى جانب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، رئيس الحكومة البريطانية، ديفيد كاميرون، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ورئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل، وأمير دولة قطر، حمد بن خليفه آل ثاني.
وقال ساركوزي، في مؤتمر صحافي مشترك عقب انتهاء أعمال المؤتمر إن “القرارات التي اتخذت تتعلق بمواصلة الحلف الأطلسي عملياته العسكرية لحماية المواطنين، ما دام القذافي ومرتزقته يشكلون خطراً”. وقال ساركوزي إن مؤتمر أصدقاء ليبيا وافق على الإفراج عن إجمالي 15 مليار دولار من الأموال المجمدة لليبيين.
ودعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، حكام ليبيا الانتقاليين إلى العمل من أجل المصالحة لا القصاص بعد انتصارهم على القذافي، وتعهدت بدعم العملية الانتقالية.
القذافي
وانبرى الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي، من خلال شريط صوتي دعا فيه أنصاره إلى إشعال ليبيا، وتعهد أن أنصاره لن يستسلموا، وقال إن من يعادونه منقسمون على أنفسهم.
ونقلت عن القذافي رسالة بثتها “قناة الرأي” من سوريا، قال فيها: “فلتكن معركة طويلة ولتشتعل ليبيا”. وأضاف القذافي إن القبائل في بني وليد وسرت مسلحة، ولا يمكن إخضاعها. وقال: “فلتكن معركة طويلة. سنقاتل من مكان إلى مكان، ومن مدينة إلى مدينة ومن واد إلى واد ومن جبل إلى جبل”، مضيفاً: “نحن مسلحون ونقاتل في كل واد وفي كل شارع وفي كل واحة ومدينة”. وتابع: “لن نسلم أنفسنا مرة أخرى ولسنا نساءً وسنواصل القتال”.
وكان سيف الإسلام القذافي قد أكد أنه موجود في ضاحية طرابلس، داعياً أنصاره إلى ضرب “أهداف العدو”، وذلك في تصريح نقله تلفزيون “الرأي”. وبشأن والده، قال سيف الإسلام: “أطمئنكم، نحن بخير والقيادة والقائد بخير، ومبسوطين ونشرب الشاي والقهوة، وقاعدين كلنا مع أهلنا ونقاتل ونجاهد”. وأكد سيف الإسلام، رداً على المهلة التي منحها الثوار لأهالي مدينة سرت (360 كيلومتراً شرقي طرابلس) والتي جرى تمديدها للأسبوع المقبل إضافياً، “تفضلوا هذه مدينة سرت إن كنتم ترون الدخول فيها نزهة بحرية. سرت فيها أكثر من 20 ألف شاب مسلح، وهم جاهزون”. وقال إن أهل سرت عقدوا “اجتماعاً كبيراً للرد على رسائل التهديد من العصابات والجرذان باقتحام المدينة، وأخذوا قراراً بالإجماع أن طز فيكم، وطز في الناتو اللي وراكم. سنحارب حتى النصر”.
في هذا الوقت، وصف مسؤول الشؤون العسكرية للثوار، عمر الحريري، كلام سيف الإسلام بأنه “كذب”، مضيفاً: “لا يوجد 20 ألف مسلح في سرت، والذين يعارضون الثورة هناك يمثلون عشرة في المئة من السكان”، مؤكداً أن “الثوار سيدخلون سرت من دون قتال”.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن ابنة العقيد القذافي، عائشة دخلت السبت الماضي إلى الجزائر، حيث أنجبت على الحدود الجزائرية الليبية من دون وجود طبيب، وذلك نقلاً عن رسالة وجهتها الحكومة الجزائرية إلى الأمم المتحدة. وقد رزقت ابنة القذافي فجر الأحد في مستشفى جنات جنوب شرق الجزائر طفلة أطلقت عليها اسم صفية. وكانت الجزائر قد أكدت الثلاثاء الماضي أنها استقبلت ثلاثة من أولاد القذافي وزوجته “لأسباب محض إنسانية”، في إشارة إلى عائشة وشقيقيها هنيبال ومحمد، وزوجة العقيد صفية، حسبما أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية.
٥٠ ألف قتيل
وفي إطار آخر، قال قائد عسكري في المجلس الانتقالي الحاكم في ليبيا الثلاثاء الماضي ان 50 ألف شخص قتلوا منذ اندلاع الانتفاضة الليبية لخلع معمر القذافي قبل ستة أشهر. وقال العقيد هشام أبو حجر قائد القوات المناهضة للقذافي التي تقدمت من الجبل الغربي واستولت على طرابلس قبل أسبوع، ان نحو 50 ألف شخص قتلوا منذ بدء الانتفاضة. واضاف أن ما بين 15 و17 ألف شخص قتلوا في مصراتة وزليتن، وأن جبل نفوسة (الجبل الغربي) شهد سقوط الكثير من الضحايا. وتابع ان مقاتلي المعارضة حرروا نحو 28 ألف سجين مشيرا الى انهم يعتبرون جميع المفقودين في عداد الموتى.
Leave a Reply