الحملة على زيارة بارود لدمشق لم تؤد مهمتها وجنبلاط يبقى وحيداً ويندم
قوى «14 آذار» لا تريدها بل ترغب باسقاط النظام وهذا لن يحصل
بلال ومتري في دمشق |
لن تتحسن العلاقات اللبنانية-السورية، وتعود الى طبيعتها، وتستعيد دورتها الاقتصادية والاجتماعية، وتصبح اكثر من مميزة كما نص اتفاق الطائف، الا بإلغاء التوتر القائم بين سوريا والسعودية، حيث يعول رئيس مجلس النواب نبيه بري، على تحسن العلاقات بين الدولتين العربيتين المحوريتين، واللتين تتنازعان النفوذ، وتتصارعان على مشروعين متناقضين في النظرة الى الصراع مع العدو الاسرائيلي، كما الى العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية ومشاريعها في المنطقة، كما الى موقع ايران في المعادلة الاقليمية.وكل هذه الوقائع من العلاقات السعودية-السورية، التي افقدت التضامن العربي روحه، انعكست سلباً على لبنان، وهو ما ظهر في سلوك حليف السعودية الرئيس رفيق الحريري قبل اغتياله، من موضوع الوجود السوري في لبنان، وقرار مجلس الامن الدولي 1559 الذي طالب سوريا سحب قواتها من لبنان تحت عنوان، عدم وجود قوات غير لبنانية على ارضه، كما ان الصراع مع ايران حول ما اعلنه معارضون لنفوذها ومشاريعها ومنهم العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني انها تسعى الى قيام «هلال شيعي» يمتد من اراضيها الى سواحل البحر الابيض المتوسط لجهة سوريا ولبنان، عزز الخلاف السوري-السعودي الذي ظهرت تداعياته في لبنان، ولم يخف اقطاب «ثورة الارز» المجاهرة بوقوفهم ضد مشروع «الامبراطورية الفارسية»، وكان افصحهم النائب وليد جنبلاط الذي نقل «بارودته» من الكتف الايراني، الى الكتف السعودي، وباتت المملكة محجته السياسية وقبلته المالية، يتلقى منها المبالغ الطائلة، التي زادت عما كان يحصل عليه من الجمهورية الاسلامية الايرانية كمساعدات تربوية واجتماعية اضعاف اضعاف، ليقف بوجه المشروع الفارسي، ويمنع «التمدد الشيعي» وقد حاول ان يكون رأس حربة مباشرة ضد «حزب الله» الذي يمثل «ولاية الفقيه» وامتداد للمرشد الروحي للثورة الاسلامية الايرانية آية الله على الخامنئي، وشن حملة منظمة على المقاومة وطالب بنزع سلاحها، وأنه قادر على اخذ صواريخها، واسكات شبكة اتصالاتها.كل هذه التطورات، كانت تقف حجر عثرة في تطوير العلاقات اللبنانية-السورية، لان السعودية ترفض عودة النفوذ السوري المرتبط بتحالف مع ايران ، والذي له حلفاء في لبنان، مما يقضي وبحسب المسؤولين السعوديين على موقع حلفائهم في لبنان، وعلى دور السنّة فيه، وعلى سلطة آل الحريري وتيارهم السياسي «المستقبل»، اضافة الى المرجعية الدينية الممثلة بدار الفتوى.وتوتر العلاقات السورية-السعودية، لن يوفر الاستقرار للبنان ايضاً، اذ ان طرفاً فيه سيبقى رافعاً شعار العداء لسوريا واسقاط النظام فيها، من خلال احتضان المعارضين له ودعمهم، وهذا ما ظهر من خلال تامين حضور للمعارضة السورية في بيروت، وانشاء مراكزلها، وتوفير منابر اعلامية للإطلالة منها، وتم تحويل الارض اللبنانية منصة لانطلاق المعارضة السورية منها للتحريض على النظام، وزعزعة الامن والاستقرار في سوريا، وهو ما كشفته التحقيقات معالشبكة الارهابية التي اعترفت بتورطها في تفجير دمشق، وانتمائها الى تنظيم «فتح الاسلام» المحمول من «تيار المستقبل» كما قال بعض افراد الشبكة في اعترافاتهم التي اذاعتها وسائل الاعلام السورية.ففي ظل الاجواء المتوترة مع سوريا من قبل اطراف لبنانية لها ارتباطات خارجية مع اميركا والسعودية، وتتلقى الدعم منها، فان العلاقات اللبنانية-السورية لن تتطور، لان قوى 14 شباط، ستبقيها في حالة من التوتر والصدام والتشكيك، طالما ان النظام لم يسقط برأس هؤلاء، وهو ما اعنله قادة هذه القوى علناً، وصرح جنبلاط، بانه ذهب الى واشنطن واكثر من دولة عربية واجنبية، مطالباً بانهاء وجود الحكم في سوريا عبر انقلاب تقوم به المعارضة السورية من الداخل والتحريض عليه، اما اعتماد نموذج صدام حسين باحتلال سوريا، او باستخدام المحكمة الدولية باغتيال الحريري وتوجيه اتهام الى رأس النظام في سوريا اي الرئيس بشار الاسد وسوقه مع معاونيه ومسؤولين سوريين الى المحكمة.لكن رغبات جنبلاط وحلفاءه لم تنفذ، لا بل صُدم عندما تم ابلاغه بان العلاقة مع النظام في سوريا، هي في تغيير سلوكه تجاه لبنان وقضايا اخرى في المنطقة، وهذا ما حصل لجهة مساعدتها في اتفاق الدوحة الذي كانت خارجه السعودية، ولعبت قطر دوراً فيه مع فرنسا، والذي ادى الى انتخاب رئيس توافقي للجمهورية العماد ميشال سليمان وشكلت حكومة وحدة وطنية، وصدر قانون الانتخاب، وانعقدت طاولة الحوار للبحث في الاستراتيجية الدفاعية، وتم التوقيع على قيام تبادل دبلوماسي بين لبنان وسوريا، بعد قمة جمعت رئيسي البلدين، وانتهت الى اتفاق على تعزيز التعاون والتنسيق اللذين تربطهما معاهدة اخوية بين الدولتين، ويجمعهما مجلس اعلى لتعبر العلاقات عبر المؤسسات، لأن مرحلة الوجود السوري في لبنان، فأثرت عليها افرغ العمل من مضمونه، وغلب الامن على العلاقات فشابت فيها الاخطاء والارتكابات والتجاوزات، ودخل عليها طفيليون استفادوا منها سياسياً ومالياً، مما ترسخ في ذهن اللبنانيين، كما السوريين صورة بشعة، بدلاً من ان ترسم لهم لوحة جميلة، لعلاقات اقتصادية واجتماعية تنمي البلدين، في وقت كان التفاهم السياسي كاملاً حول مقاومة اسرائيل، وترابط المسار والمصير بين البلدين في عملية السلام التي لا تخرج عن القرارات الدولية واستعادة الارض المحتلة كاملة.فبعد انتخاب العماد سليمان وضعت العلاقات على سكة الثقة التي فقدت بعد الانسحاب السوري، وانغماس فريق 14 شباط الذي امسك بالسلطة مع المشروع الاميركي، ومع محور عربي، وبدأ يروّج لما سماه «ثقافة الحياة»، للقضاء على ثقافة المقاومة وانهاء وجودها ونزع سلاحها.كان وصول رئيس جمهورية توافقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، فاتحة لعودة العلاقات واستعادة الثقة، وبدأ تبادل الزيارات لفتح حوار بين المسؤولين في البلدين، وكانت ابرز الزيارات تلك التي قام بها وزير الداخلية زياد بارود والتي ووجهت بحملة انتقادات من قبل 14 شباط، واعتبرت دعوته الى دمشق استدعاءاً، وقيام لجنة متابعة عودة الامن السوري الى الداخل اللبناني، في عملية تشويه وتضليل من اجل منع عودة العلاقات، حيث تبين ان الزيارة كانت ناجحة وجيدة، وان المسؤولين السوريين زودوا القادة الامنيين اللبنانيين، لاسيما مخابرات الجيش وقيادته، بمعلومات امنية اوصلت الى كشف شبكات ارهابية في لبنان.ولكن هذه الحملة على بارود، لم تدم سوى ايام فدحضها هو نفسه، وكشف قيادي في المعارضة عن ان قوى 14 شباط لا تريد ان تعود وتتحسن العلاقات بل ان تبقى متوترة لاهداف عربية واقليمية ودولية، وازعجتهم عودة العلاقات الفرنسية-السورية وايضاً علاقات دول اوروبية مع سوريا، وعاتبت السعودية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على زيارته الى سوريا وانفتاحه عليها، كما لم تكن الاداره الاميركية مسرورة ابداً.فكل ما يريده فريق الاغلبية النيابية هو اللعب على الوقت الضائع، لمعرفة مدى تطور العلاقة مع النظام في سوريا مع الخارج اذا يخشى قادة هذا الفريق، من صفقة اميركية-سورية جديدة، مع وصول الحزب الديمقراطي الى البيت الابيض عبر انتخاب باراك اوباما، والحوار المفتوح من قبل هذا الحزب مع سوريا وقبل زياره ساركوزي مما يؤشر الى ان تغييراً للسلوك سيظهر من الادارة الاميركية الجديدة تجاه القيادة السورية، التي يزعج بقاءها جنبلاط وسعد الحريري، اللذين راهنا على اسقاطها، والاول هو من دفع برفيق الحريري الى تبني التصعيد ضد سوريا، بعد الاحتلال الاميركي للعراق.وجنبلاط هو اكثر المتضررين من استمرار الحكم في سوريا، وهو الذي عطّل نتائج زيارة الرئيس قؤاد السنيورة اليها، بعد تشكيل الحكومة في اب 2005، وهو الذي رفض على طاولة الحوار في اذار 2006، تشكيل وفد من المتحاورين من كل الاطراف لزيارة سوريا، والتصارح مع قيادتها على علاقات جيدة، لمصلحة الاستقرار في البلدين، وهو الان يخشى من الانفتاح الاوروبي والحوار الاميركي معها، واكثر ما يخاف منه ومع حلفائه لا سيما المسيحيين منهم، هو زيارة العماد ميشال عون الى دمشق، والاستقبال الذي ينتظره والنتائج التي ستنتهي اليها من عودة الثقة للعلاقات مع شخص قاد حرباً ضد سوريا والان يصالحها.جنبلاط يقول في سره سأبقى وحيداً وأندم…
Leave a Reply