عماد مرمل – «صدى الوطن»
يشكل الخوف من توطين النازحين السوريين فـي لبنان هاجساً ملازماً لخطاب التيار الوطني الحر الذي كان أول من حذر من مخاطر تدفق النازحين على التوازنات الداخلية والبنية التحتية الخدماتية.
لكن خطاب التيار هذا، لا يلقى صدى لدى خصومه الذي يجدون فـيه مجرد تحريض طائفـي وتعبئة عاطفـية للقواعد المسيحية، بغية إبقاء عصبها مشدوداً وانفعالها متأججاً، فـي خدمة المعارك السياسية التي يخوضها العماد ميشال عون، خصوصاً على جبهة الاستحقاق الرئاسي، بل إن البعض ذهب الى حد اتهام الجنرال بالسلوك العنصري حيال النازحين السوريين، واعتبار خشيته من توطينهم غير واقعية.
فـي المقابل، يصر عون على موقفه، وهو ينتهز كل فرصة مناسبة لرفع الصوت سواء ضد استخفاف شركائه فـي السلطة بخطر التوطين أو ضد السياسات المعتمدة من المجتمع الدولي والامم المتحدة فـي التعاطي مع ملف النازحين.
وفـي هذا الاطار، يؤكد الجنرال عون لـ«صدى الوطن» أن إصرار مجلس الأمن والمسؤولين الأمميين على الترويج لمعادلة «العودة الطوعية» بدل «العودة الآمنة» إنما يعزز المخاوف لدينا من وجود نيّة مبيّتة لفرض توطين النازحين السوريين، بقوة الأمر الواقع.
ويعتبر عون أن السعي الدولي الى تأمين التعليم والمقاعد الدراسية لأبناء النازحين، على المدى الطويل، ووضع خطط لتحسين شروط إقامة اللاجئين حتى عام 2018، برغم اطلاق مفاوضات الحل السياسي، يؤشرّ الى وجود حسابات مضمرة وخبيثة، قد يدفع لبنان ثمنها، ما لم يبادر الى حماية حقوقه ومصالحه.
ويلفت عون الانتباه الى أن هناك مساحات واسعة فـي سوريا أصبحت آمنة، بعدما أصبت تحت مظلة الدولة، متسائلا عن السبب الذي يمنع عودة جزء من النازحين، على الاقل، الى وطنهم، ومستغرباً بذل جهد كبير لتثبيت وجودهم فـي لبنان، فـي حين أن الأفضل توظيف هذا الجهد نحو حثّ النازحين على العودة.
وينبه عون الى ان شبكة الخدمات فـي لبنان من كهرباء ومياه وما شابه لا تحتمل هذا الضغط المتزايد عليها، نتيجة الأعباء المترتبة على وجود أعداد ضخمة من النازحين، إضافة الى أن سوق العمل تضيق باللبنانيين فكيف مع المنافسة الحاصلة فـي بعض المجالات من الوافدين السوريين.
ويوضح عون أن نسبة الكثافة السكانية فـي لبنان كانت قبل النزوح السوري بمعدل 400 شخص فـي الكلم المربع الواحد، ثم أصبحت 600 بعد النزوح، فـي حين أن النسبة هي قرابة أربعة اشخاص فـي الكلم المربع الواحد فـي كندا واثنين فـي أستراليا، مستهجناً أن يُطلب من لبنان تحمل الوزر الاكبر لقضية النازحين، بينما تتنصل الدول المتورطة فـي الحرب السورية من تحمل مسؤولياتها، برغم أن مواردها أكبر بكثير من مواردنا.
ويحذر عون من أن المساعدات التي تُعرض على لبنان غالباً ما تكون مرفقة بشروط تتعارض مع مصالحنا، مبدياً خشيته من تكرار سيناريو اللجوء الفلسطيني، مضيفاً: «ظلوا يقولون لنا إن توطين اللاجئين الفلسطينيين فزّاعة، حتى أصبح أمراً واقعاً، بعد مضي عشرات السنين على وجودهم فـي لبنان، ونحن نتخوف من استنساخ هذه التجربة مجدداً مع النازحين السوريين».
ويخشى عون من أن تُسرق أرضنا على مرأى ومسمع منا، كي تُستخدم فـي معالجة أزمات الآخرين على حساب لبنان، داعيا المواطن السوري الى التمسك بأرضه وهويته وعدم التفريط بهما أو التنازل عنهما.
ويرفض عون الاتهامات الموجهة اليه ولوزير الخارجية جبران باسيل بالمزايدة فـي ملف النازحين السوريين، معتبراً أن من يروج لذلك لم يسبق له أن تحسس يوماً بالمخاطر الداهمة التي تلاحق لبنان، أو تعاطى مرةً بمسؤولية مع التحديات المتلاحقة. ويضيف: «نحن ننبه ولا نزايد، وهناك فارق كبير بين الأمرين، إلا إذا كان المطلوب أن نتفرج على ما يحصل من دون أن نحرك ساكناً».
ويشير الجنرال الى أن باسيل لم يستقبل الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون فـي المطار خلال زيارته الأخيرة الى لبنان، لأنه يحترم مقتضيات البروتوكول، مؤكداً أن وزير الخارجية كان مستعدا للقائه فـي مقر الوزارة، لو طلب موعداً.
ويتابع: «بدل توجيه السهام الينا، لماذا لا يطلبون من الامم المتحدة أن تعلن صراحة عن أن النازحين السوريين سيرجعون الى وطنهم عندما يغدو آمنا ويعم السلام فـيه، وعندها يكون قد وصلنا حقُّنا».
ويحذر عون مما تعده المراجع الدولية فـي الكواليس، منبها الى أن هناك مقاربة مريبة ومشبوهة لقضية النازحين، ينبغي التصدّي لها من دون أي تأخير.
Leave a Reply