حاوره: طارق عبدالواحد
على هامش حفل التكريم الذي أقامته الجالية اللبنانية بديربورن للقادة الأمنيين الثلاثة، التقت «صدى الوطن» بقائد قوات الأمن الداخلي في العاصمة بيروت العميد محمد الأيوبي، وكان الحوار التالي:
■ كيف تقيمون زيارتكم لمدينة ديربورن وتعاونكم مع محكمتها ودائرة شرطتها في إطار تطوير الخبرات القانونية والأمنية؟
– تندرج هذه الزيارة ضمن برنامج التعاون الأمني بين وزارة الخارجية الأميركية وقوى الأمن الداخلي بلبنان، للتنسيق بين الأجهزة الأمنية بين البلدين، من خلال برنامج يدعى «الشرطة المجتمعية»، الذي لاقى أصداء إيجابية في لبنان. مؤخراً حصل تنسيق بيننا وبين رئيس محكمة ديربورن القاضي سالم سلامة وقائد شرطة المدينة رونالد حداد لتطوير آليتنا القضائية المتعلقة بالمحاكم وكيفية التعامل مع الأفراد، بدءاً من التوقيف وصولاً إلى إصدار الأحكام القضائية. أؤكد أن الزيارة كانت مثمرة للغاية.. لقد اطلعنا على مقدار التطور الحاصل بمجال «الشرطة المجتمعية» هنا في ديربورن، واكتسبنا خلال الأيام الماضية الكثير من الخبرات في مجال مكافحة الجريمة وطرائق التواصل مع المجتمع المدني.. وسوف نعمل على توظيف هذه الخبرات في أجهزتنا الأمنية بلبنان.
■ الزيارة هي حلقة في سلسلة التعاون الأمني بين الولايات المتحدة ولبنان، متى بدأ انخراطكم ببرنامج «الشرطة المجتمعية» وما مدى قابلية المجتمع اللبناني لقبوله والتفاعل معه؟
– انطلق التعاون الأمني بين البلدين قبل نحو أربع سنوات، وبدأنا بتطبيق برنامج «الشرطة المجتمعية» من خلال فصيلة نموذجية، هي «فصيلة رأس بيروت» التي تطور عملها بشكل جذري منذ ذلك الحين، لجهة الطريقة التي يتم فيها استقبال المواطن وطبيعة الإجراءات القضائية وتقديم المساعدات للأفراد.. لقد قطعنا شوطاً مهماً في مجال تدريب عناصر المخفر وتطوير أدائهم للتعامل مع البيئة المحيطة والمجتمع المدني وأصحاب المحلات وموظفي المستشفيات والمخاتير وأهالي المنطقة. ويمكنني التأكيد على أن العلاقة بين عناصر المخفر وأهالي منطقة رأس بيروت قد تطورت بشكل كبير.. وفي هذه الأيام نقوم بنقل هذا النموذج إلى «فصيلة الأشرفية» وفي المستقبل سيتم تعميمه على كافة مخافر بيروت، ثم في مرحلة لاحقة سيعمم في كافة المدن والمناطق اللبنانية.
■ إلى أي مدى تغيرت العلاقة بين رجل الأمن اللبناني وبين المواطن، لاسيما وأنها تاريخياً علاقة يشوبها الكثير من فقدان الثقة والاشتباه والتوجس؟
– أؤكد أن العلاقة بين عنصر الأمن والمواطن قد تغيرت في لبنان إلى حد كبير. لا أقول إنها أصبحت مثالية فما زالت هنالك أخطاء تقع. لقد تعلمنا من خلال تعاوننا الأمني مع الولايات المتحدة ومع شرطة ديربورن تحديداً أنه من الضروري أن يشعر المواطن بأن المخفر هو جزء من المجتمع ومن البيئة المدنية، ونحن نبذل أقصى جهودنا لتطوير وسائل العمل كي نتمكن من تحليل المعلومات الأمنية المتوافرة في منطقة ما وتوظيفها لقمع الجريمة بطريقة أسرع وأنجع وبصورة لا تضايق المواطنين وتعرقل مصالحهم، وقد بات مواطنونا يدركون أن بعض التدابير الأمنية –في حال اتخاذها– ليست موجهة ضدهم وإنما لحماية المجتمع.
■ كيف تغلبتم على الحساسية الاجتماعية في هذا الإطار.. ففي ثقافتنا ما يزال ينظر الكثير من الناس إلى المتعاملين مع الأجهزة الأمنية على أنهم مخبرون؟
– برنامج «الشرطة المجتمعية» لم ينطلق من الفراغ، ولم نعمد إلى استنساخ التجارب في البلدان الأخرى التي تختلف عنا بثقافتها وبأنظمتها الأمنية والقانونية. إنه برنامج قائم على الدراسة والتحليل الموضوعي حيث نفذت دراسات وإحصاءات لفهم طبيعة المشاكل التي يعاني منها المواطنون وردود أفعالهم على دوريات وحواجز الشرطة، وعلى ضوء تلك المعلومات والدراسات بدأنا –أولاً– بتدريب عناصرنا على كيفية التعامل مع الناس بطريقة تحفظ كرامتهم وحقوقهم..
■ طالعتنا وسائل الإعلام اللبنانية مؤخراً بحادثة أقدم فيها ضابط شرطة رفيع على صفع أحد العمال المياومين، وقد أثارت تلك الحادثة جدلاً في لبنان؟
– دعني أقول لك شيئاً.. إن وسائل السوشال ميديا يتم استخدامها في لبنان بطريقة مبالغ بها. الضابط الذي تتحدث عنه هو شخص مختص لديه مؤلفات ومحاضرات في موضوع «الشرطة المجتمعية».
■ ألا يشير هذا الأمر إلى مفارقة؟
– أنا لا أحاول التخفيف من أهمية الحادثة أو تسخيفها.. فما حصل خطأ غير مقبول. الضابط يتحمل بلاشك مسؤولية كبيرة لكن وسائل الإعلام اللبنانية أخرجت الحادثة عن سياقها وعمدت إلى تضخيم الأمور بطريقة غير منطقية.. ومن حق المواطن أن يشتكي في حال تعرض للظلم من قبل عنصر الأمن مهما كانت رتبته.
■ ربما.. لولا وسائل الإعلام، لما عرف أحد بالحادثة، ولاضطر المواطن إلى ابتلاع الإهانة التي تعرض لها؟
– إطلاقاً.. المدير العام لقوى الأمن الداخلي بلبنان اللواء عماد عثمان لا يقبل بأية تجاوزات بهذا الخصوص، ولا يتهاون مع العناصر الذين يتعاملون مع المواطنين بتعجرف أو تعسف.
(عند هذه النقطة دخل على الخط قائد قوات الأمن المكلفة بأمن السفارات في لبنان العميد وليد جوهر، وأكد أن إدارة الأمن العام تقوم لأول مرة بمحاسبة العناصر والضباط الذين يتجاوزون القوانين، وقال: لقد أحيل ضباط إلى مجلس تأديبي بسبب بعض هذه الممارسات مؤكداً هو الآخر على أن اللواء عثمان لا يقبل بأي خطأ).
■ بالعودة إلى الزيارة، فإن القوانين والوسائل اللوجيستية والتكنولوجية لدى الشرطة الأميركية مختلفة تماماً عما هو موجود لدى الدرك في لبنان.. كيف تعالجون هذه الإشكالية؟
– في هذا الإطار، قمنا بدراسة خطة خمسية لتطوير قوى الأمن الداخلي بلبنان، وسوف تعرض هذه الخطة على مجلس النواب اللبناني، كذلك توجد مؤتمرات يمكن الاستفادة منها مثل «مؤتمر روما» لتطوير عمل الأجهزة الأمنية ومكننة عمل الأمن الداخلي اللبناني وتطوير أساليب عمله، إضافة إلى تدريب العنصر البشري وتحسين الوسائل اللوجيستية ونحن نطمح لتحسين أجهزتنا حتى نصل إلى مستوى الدول المتطورة في هذا المجال.
Leave a Reply