استخفافا بمعاناة العراقيين في نقص الخدمات وتفشي الفقر والبطالة والامراض القاتلة واستشراء الفساد والمحسوبية في مفاصل الدولة والحياة العامة، يستمر مسلسل خيانة المسؤول للمواطن والحاكم للمحكوم والمُنتخب للناخب في الاتجار بالامانة التي استأمنهم عليها الشعب والإيغال فيما هم عليه من فساد وهدر لمال الفقراء والارامل والايتام والعاطلين، الشعب المسكين الذي لا حول له ولا قوة سوى قوة الله العزيز المنتقم.
ففي رسالة بعث بها وزير التخطيط الاسبق جواد هاشم الى رئيس الوزراء تتضمن وثائق حول قيام وزارة الكهرباء توقيع عقود بناء محطات توليد للكهرباء في مناطق مختلفه من العراق مع شركات اجنبيه تبين انها اما وهمية او مفلسة حيث وقعت الوزارة عقدا مع شركة Capgent الكندية بقيمة 1.2 مليار دولار وهي شركة وهمية لا وجود لها. كما وقعت الوزارة عقدا مع شركة MBH الالمانية والتي اعلنت افلاسها قبل ستة اشهر من تاريخ توقيعها العقد مع وزارة الكهرباء بحضور الوزير رعد شلال!.
جاءت فضيحة الكهرباء تزامناً مع مطالب متظاهري ساحة التحرير بإقالة وزير الكهرباء ومحافظ بغداد. وحسب ما أشيع من معلومات تناقضت بين تبرئة ذمة الوزير رعد شلال وبين ادانته بالفساد، جاء تصريح صباح الساعدي ليضع النقاط على الحروف كاشفا بالدليل القاطع علم رئيس الوزراء بالصفقة وموافقة رئيس لجنة الطاقة حسين الشهرستاني عليها، لتتسع بذلك دائرة الاتهام.
بعيدا عن الاعلام وفي احد المجالس كشف عضو في القائمة العراقية عن حقيقة صرف “كومشن” بمبلغ 5 ملايين دولار من قبل بعض التجار المعنيين بعقود الكهرباء لنواب من ذات القائمة وبعض الموظفين والمعنيين بالقضية. وفي سياق الحديث كشف عن تقاسم غنيمة عقود الكهرباء بين الكتل السياسية الثلاث، العراقية، دولة القانون، الائتلاف الوطني. وذُكر بأن مجموعة نواب منتفعين أقنعوا الوزير شلال بإبرام عقود مع شركات “وهمية ومفلسة”.
تفاقم الخلاف بين “المتغانمين” على الكهرباء أجج الموقف بينهم فتلقاها الاعلام العراقي ثم المواطن التواق للكهرباء في صيف العراق القاتل.
مسؤولية ما يجري من احداث مؤلمة وفواجع ومآسي يعيشها العراقيون يتحملها بالمقام الاول تجار السياسة، فإستمرار نهب اموال الدولة بشكل منتظم واتساع نشاطات الفساد وإيغال الفاسدين في السرقة والاستثراء على حساب المواطنين وشيوع ثقافة الفساد بين مسؤولي الحكومة ونواب البرلمان، شرعنة وحماية الفساد وضمان ديمومته واضفاء طابع الدولة والقانون عليه دليل فشل الطبقة السياسية في بناء دولة مؤسسات ديمقراطية، وعدم جدية الحكومة والبرلمان في مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، فمن الحكمة وتخفيفا للعبء الملقى على كاهل الحكومة نقترح على السيد دولة رئيس الوزراء شمول وزارة الكهرباء (رحمها الله، واسكنها فسيح جناته) في حملة ترشيق الحكومة، لما شكلته هذه الوزارة من عبئا كبيرا وهدرا لاموال خزينة الدولة، فالعراقيون تقبلوا مرارة الحقيقة وودعوا الكهرباء منذ مدة طويلة ولجأوا للحلول اليدوية الناجعة.
Leave a Reply