في «صفعة سياسية» متوقعة بالنظر الى التفوق الميداني للنظام السوري، بشر الغرب المعارضة خلال اجتماع مجموعة «أصدقاء سوريا» في لندن الأسبوع الماضي، ببقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة، حيث تبلغ المجتمعون أن مؤتمر «جنيف 2» قد لا يؤدي إلى تنحي الأسد، وأنه يجب أن يكون هناك دور رئيسي في أي عملية سياسية انتقالية للجيش والقوى الأمنية، لمحاربة تنظيم «القاعدة» والمجموعات المسلحة المرتبطة به.
أحد مسلحي المعارضة في اشتباك مع القوات النظامية في حلب. (رويترز) |
وأعلنت خولة مطر الناطقة باسم المبعوث الدوليّ إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، تحديد مكان انعقاد المؤتمر الدوليّ المقبل حول سوريا في بلدة مونترو، على ضفاف بحيرة ليمان في سويسرا في 22 كانون الثاني (يناير) المقبل، مشيرة إلى أن أسباب نقل المؤتمر من مدينة جنيف «لوجيستية».
وبانتظار تحديد الأطراف المشاركة في المؤتمر يبقى حضور إيران والسعودية غير محسوم، الى جانب وجود عقبة حقيقية أمام تشكيل وفد المعارضة، واحتمال إشراك «الجهاديين» من «الجبهة الإسلامية» المشكلة حديثاً. وتعقدت مسألة تمثيل المعارضة، بعد انهيار «الجيش الحر» ورفض الجبهة الاسلامية الانصياع للرغبة الاميركية لاسيما بحضور المؤتمر تحت مظلة «الإئتلاف» الذي لن يتمكن من إعلان أسماء وفده لحين إجراء إنتخابات «رئاسة الائتلاف» وهيئته السياسية في السابع من كانون الثاني المقبل (يناير). وأمام ذلك كله يتابع الجيش السوري والقوات الموالية له تقدمه على الأرض محققا نتائج عسكرية كبيرة تعزز من موقف دمشق التفاوضي في جنيف، حيث من المرجح أن يترأس الوفد السوري، وزير الخارجية وليد المعلم.
وقالت المصادر إن الوفد سيتشكل أيضاً من نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، والمستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة بثينة شعبان، تحت «مرجعية» الرئيس الأسد.
ووسط إصرار الرياض على انتهاج المسار العسكري، أعلن السفير السعودي في بريطانيا أن السعودية سوف تتحرك بمفردها وستواصل مد يد قوية ماليا وعسكريا للمعارضة في سوريا في ظل عدم تحرك الغرب.
واعتبر الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز آل سعود في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز» موجه إلى (أصدقائه الغربيين) إن العلاقات بين المملكة وشركائها كانت على المحك خصوصا بسبب الخلافات حول إيران وسوريا. وأضاف «أن خيارات السياسة الخارجية من قبل بعض العواصم الغربية ترهن استقرار المنطقة وخصوصا أمن العالم العربي بأسره».
وقال «إنه سواء مع إيران التي وقعت معها القوى العظمى إتفاقا أوليا حول النووي أو مع سوريا بشار الأسد فإن الغرب يسمح لنظام بالبقاء وللآخر بمواصلة برنامجه لتخصيب اليورانيوم مع كل المخاطر العسكرية التي يتضمنها».
وأوضح أن الرياض بإعلانها التصرف بمفردها فهي ليس لها خيار آخر غير التحرك بمزيد من العزم في الشؤون الدولية.
وأشار إلى أن المملكة سوف تتحرك لتحمل مسؤولياتها مع أو بدون دعم شركائنا الغربيين.
وبالنسبة للأصوات التي تعرب عن قلقها من الجهاديين المرتبطين بالقاعدة والذين يتمتعون بنفوذ داخل المعارضة في سوريا، أجاب محمد بن نواف بن عبد العزيز بأنه «من السهل للبعض استعمال تهديد «القاعدة» بأعمال إرهابية كحجة للتردد او لعدم التحرك».
واعتبر أن الوسيلة لتحاشي تمادي التطرف في سوريا وفي أماكن أخرى يكون بدعم الإعتدال ماليا وماديا ونعم عسكريا إذا تطلب الأمر ذلك.
وصرح الأمير السعودي تركي الفيصل في موناكو السبت أن النزاع و«المجازر» في سوريا ستستمر بسبب نقص الدعم الغربي لمسلحي المعارضة، منتقدا خصوصا موقف واشنطن ولندن حيال مقاتلي «الجيش الحر».
وفي سياق متصل، صرح زعيم «جبهة النصرة» في سوريا، أبو محمد الجولاني، الأربعاء الماضي، بأنه لا ينوي السيطرة على الحكم في سوريا، مشدداً على أن الحكم في المستقبل يجب أن يكون مبنياً على «الشريعة الإسلامية».
وفي مقابلة مع قناة «الجزيرة» القطرية والتي ظهر فيها ملثماً قال: إن الجبهة لا تسعى إلى حكم سوريا وإنها في حال وصولها فإنها لن تنفرد به ورأى أنه بعد سقوط دمشق فإن مجالس الشورى ستنعقد لوضع خطة مناسبة لإدارة سوريا بحسب قوله.
ميدانيا، أبطأت العواصف الثلجية العمليات العسكرية في ريف دمشق وجبال القلمون حيث يواصل الجيش السوري حشد قواته لمعركة استعادة يبرود ورنكوس آخر معاقل المعارضة الواقعة على طريق دمشق-حمص الدولي، إلا أن حماوة المعارك انتقلت الى شرق البلاد وبالتحديد الى مدينة دير الزور التي شهدت تصعيداً ميدانياً، بعد أيام من إطلاق تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) عملية «غزوة الخير في ولاية الخير»، وذلك لتعزيز سيطرته على المنطقة الغنية بالنفط. وقد فجّر إنتحاري سيارة عند مدخل المدينة، ما أدى إلى وقوع إصابات في القوات السورية التي تخوض قتالاً عنيفاً مع المسلحين لمنعهم من السيطرة على مناطق حيوية في المدينة القريبة من الحدود العراقية.
وفي ريف دمشق واصل الجيش السوري حصاره لمئات المسلحين الذين اقتحموا مدينة عدرا العمالية ونفذوا مجازر بحق أهلها على أساس طائفي، بحسب التقارير الإعلامية والشهادات الواردة من هناك. وقد أعلن الجيش السوري الخميس الماضي عن قتل 45 مسلحا تابعا لتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي قرب مدينة عدرا العمالية مع إحكام الحصار على المسلحين بداخلها.
وكان عناصر من جبهة «النصرة» و«داعش» و«لواء الإسلام» قد دخلت مدينة عدرا العمالية منتصف الشهر الجاري، وقامت بإعدامات ميدانية وقطع رؤوس لعدد كبير من الموظفين الحكوميين والمدنيين على خلفيات طائفية، وفيما قالت مصادر إعلامية مقربة من الحكومة السورية إن عدد القتلى بلغ 80 شخصاً بينهم أطفال ونساء وبعضهم أحرق في الأفران.
Leave a Reply