الغريب والعيد
أكتب هذه الكلمات اليوم -نهار عيد الأضحى المبارك- متمنية، لكل مَن دينُه السلام والمحبة والإيمان بالله، عيداً سعيداً مباركاً.
يعيدني العيد في الغربة، بلمسة عصا سحرية، إلى لبنان الجميل وقريتي الوادعة الواقعة في جنوبه، حيث كان جو العيد خارج الزمان بروحانيته وبساطته، عندما ينبلج الفجر أسمع الآذان من عشرات المآذن في القرى المحيطة، فتنزل من عيني دمعة على هدية العيد الغابرة، حين كان يخفق قلبنا، نحن الصغار وقتذاك، إنتظاراً لفستان أو حذاء جديد، جربناه عند البائع وأُخفي عنا حتى صبيحة العيد، إلى مابعد ليلة الوقفة.
يومها كان لهدية العيد مذاق المحبة والشوق والقيمة، لكن اليوم تتكدس البضائع أمام وجوه الأهل والأطفال ويصير التسوق في الغربة، عيداً للكآبة وهرباً من الملل إلى الإنفاق والإستهلاك. إختفت بهجة العيد، وثياب العيد وأكلات العيد وألعاب العيد البسيطة المرحة الفرحة.
أيها الغريب الذي لم تعد تذكر لماذا غادرت ضيعتك ولم تعد تعرف كيف تعود إليها. كان عيدك مباركاً أيام البساطة والبركة، واليوم حزنك مباركاً أيضاً في أيام الخواء والتبذير وقلة الشكر.
خطيب أناني
إلى صبية صغيرة رقيقة سألتني كيف تتصرف مع خطيبها الأناني الذي قدم لها هدية في أيام تعارفهما الأولى وكانت إطاراً جميلاً مذهباً يُحيط صورته!!، واصطحبها يومها إلى مطعم الـ«سوشي» المفضل عنده، رغم أنه يعلم جيداً أنها لا تحب السوشي.. وإذا إمتدحته وقالت له كلاماً جميلاً، إبتسم لها قائلاً: «أوافقك الرأي يا عزيزتي ». وفي «يوم التنظيف السنوي»، دعاها للتعرف على أمه وتركها تقوم بمساعدتها.. وفي إحدى المرات دعاها لتناول العشاء في بيته فتركها تعده في المطبخ بينما هو متكئ على الأريكة يتابع من على شاشة التلفزيون مباراة كرة السلة. تابعت الصبية وقالت: إستدان مني ليدعوني إلى السينما، ولم يتخل عن مقعده الأمامي لسيدة عجوز ولكنه بعد قليل تخلى عنه لفتاة جميلة، كانت قصة الفيلم تدور حول سيدة مخلصة لحبيبها حاولت الإنتحار من أجله. وبعد خروجنا من السينما تباهى أمامي أن حبيبته السابقة حاولت الإنتحار عندما تركها. الأسبوع الماضي، إعتذر عن لقائي لأني كنت مصابة بالزكام وفي الأسبوع التالي طلب مني العناية به لأنه مصاب بالأنفلونزا.
وفوق ذلك كله فهو يزور أمه كل صباح لا طالباً رضاها بل لتقول له كم أنت «هاندسوم» ورائع.. قلت للصبية: لو أنت إبنتي لضربتك!!…
الضجيج والغباء
كلما حملتني رجلاي الأمّارتان بالغلط، لحضور عرس من الأعراس، هنا في ديربورن، يتأكد لي، أن الميكرفون -ومعه مكبر الصوت- من أسوأ الإختراعات التي ابتكرها الإنسان، هذا إلى جانب «الأورغ»، أبشع جريمة بحق الموسيقى.
ويبدو أن عازفي «الأورغ» ومعه المغنون في الأعراس والحفلات قد تأثروا بالزعماء العرب، وبعض المذيعين العرب، في أن الجمهور لا يفهم غير الزعيق والصراخ. ففي أغلب الحفلات، وبعد المعاناة والضجيح ومعركة مهندس الصوت مع الكيبورد ومكبر الصوت الذي لا يرحم، لا يخفض صوت الموسيقى «شوية» حتى يتسنى للحضور «الغلبان» سماع الموسيقى والغناء عندما يصدح المغني العرمرم بصوته وهو يحاول مجاراة عجقة الأصوات من «الأورغ» والطبل والزمر التي تغطي عليه، فيضطر الى رفع صوته من طبقة عالية إلى أعلى حتى النشاز دون نجاح. وليكتمل فصل التعذيب وإزعاج الحضور، يقرّب مطربنا الميكروفون من فمه ويتبادل البوس معه، مقلّداً مطربي ومطربات التهريج والرقص.
على كل حال، أنصح القراء باستعمال سدادات الأذن وإحكام دسها في الأذنين كلما ذهبوا إلى عرس أو حفلة، لأن علماء النفس يرون أن تحمل الضوضاء وعدم الإنزعاج منها من علامات الغباء.
Leave a Reply