بإمكاناته المتنوعة، وفضاءاته المتعددة، يتيح عالم الفيسبوك لعشاق الانترنت فرصة إضافية لإقامة علاقات تفاعلية مع بشر آخرين، قد تجمع بينهم الصداقة والمعرفة الفعلية، أو الاهتمامات المشتركة، أو حتى مجرد الفضول!..المثير في الموضوع، أن عالم الفيسبوك قد يجمع بين أناس ينتمون إلى ثقافة واحدة، أو ثقافات متعددة، بل يمكن أيضاً أن تكون الثقافات متناقضة حدّ التصادم.. ودائماً بوجود تلك الفرصة التي تمكن متصفح الانترنت من إقامة حوارات جادة ورصينة، أو خفيفة ولذيذة، أو حتى عابثة وبذئية..
ومما لا شك فيه، أن الفيسبوك يمثل إضافة هامة، في تلك المجتمعات المحكومة بآليات القمع السياسي والاجتماعي والديني.. ولا غرابة في هذا السياق أن نقرأ أخباراً عن تضييق الخناق على مستخدمي الانترنت سواء على مستوى حجب بعض المواقع، أو عبر عدم توفير ودعم شبكة النت نفسها..أيضاً، إن التعامل اليومي مع الانترنت له سلبياته الكثيرة.. منها أنه قد يحول الحياة نفسها إلى ثمرة جافة، والأولى بها أن تكون ثمرة طازجة، لكن الصحيح أيضاً.. أن العلاقة مع الانترنت لها آثارها الإيجابية. ففي حالة الفيسبوك مثلاً، يستطيع الإنسان أن يتعرف على أشخاص كثيرين، ويتعرف على أسلوبهم في الحياة، وطرائق تفكيرهم، وأنماط سلوكهم، والطريقة التي يطرحون بها أفكارهم.. وهذه النقطة بحد ذاتها قد تساعد المرء على قبول أشخاص متمايزين ومختلفين عنه، الأمر الذي يزيد ويدعم القيم والأخلاقيات..خاصة تلك التي تؤكد على احترام الآخر وتجربته في الحياة.ثمة حقيقة لا يمكن إغفالها، وهي أن عالم الفيسبوك هو عالم مختلف عن العالم الذي نعيش فيه، ففي الحياة نحن نختار أصدقاءنا بعد أن نتعرف عليهم ونعاشرهم ونختبر أفكارهم وأخلاقهم، أما في الفيسبوك فنحن نختار الأصدقاء أولاً ونضيفهم إلى قائمة عالمنا، ثم نبدأ بالتعارف عليهم، وهذا الفارق قد يحفزنا في الحياة الحقيقة اليومية للتواصل مع الناس بيسر وسهولة..كذلك، يمنح الفيسبوك لمستخدميه فرصة إنشاء زغروباتز أو نوادٍ أو مجموعات تحمل الاهتمام نفسه، والتطلعات نفسها، والأفكار ذاتها.. وغالباً ما تكون هذه زالغروباتز مفتوحة للآخرين الذين يمكنهم الانضمام بسهولة..ويلاحظ أن الكثير من زالغروباتز التي ينشئها الأشخاص في العالم العربي، غالباً ما تطرح مواضيع قد يكون من الصعب طرحها في الحياة بسبب الرقابة، أو الحظر الاجتماعي والأخلاقي..ما يؤدي إل تبديد الركود والحراك الثقافي والاجتماعي!..الفيسبوك.. عالم إضافي يكشف عن تجربة المرء والثقافة التي تنتمي إليها، وطبيعة السلطة السياسية التي تتحكم به، وليس من المستغرب أن العديد من الباحثين الاجتماعيين والنفسانيين، إضافة إلى الدارسين في المجالات المعرفية والثقافية العامة، قد بدأت بدراسة هذه الظاهرة عبر رسائل الماجستير والدكتوراه في العديد من جامعات العالم العريقة!..
Leave a Reply