ترشيح جوني عبده يدخل لعبة الاسماء مدعوماً من آل الحريري كبديل عن جعجععون يضع كل الاحتمالات والخيارات ولا يضع «فيتو» على وصول قائد الجيش
تتناقص ايام انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، ويقترب موعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي اميل لحود وما زال هذا الاستحقاق قيد التداول والتجاذب وصراع المصالح السياسية والفئوية اللبنانية الداخلية والاقليمية والدولية، ولم تنضج بعد تسوية الوصول الى مرشح توافقي يمنع حصول فراغ رئاسي ودستوري، او اجراء انتخاب من جانب قوى 14 شباط وفق النصاب الذي ترتأيه مناسباً لها، وتحت عنوان منع الفراغ، والذي لن يمنع الانهيار السياسي والدستوري والمؤسساتي ووقوع الانفجار الامني.فالاستحقاق بدأ يدخل عنق الزجاجة والجلسة الثانية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 23 تشرين الاول الحالي، لن تكون افضل من جلسة 25 ايلول الماضي التي لم يحصل فيها النصاب القانوني، ولم يفتتحها الرئيس بري الذي يصر على ضرورة وجود ثلثي عدد اعضاء مجلس النواب لافتتاح الجلسة وبدء عملية الانتخاب ومن دون ذلك، فان الانتخابات الرئاسية قد تطير ويدخل معها الشر المستطير، الذي حذر منه بري قبل اشهر داعياً الى التوافق الذي وحده يؤمن النصاب، كما يأتي برئيس يجمع عليه اللبنانيون، ويبدأ عهده قوياً وبحكومة وحدة وطنية وبيان وزاري يستند الى اتفاق الطائف وتوصيات طاولة الحوار التي انعقدت في مجلس النواب، والى التطورات التي رافقت العدوان الاسرائيلي على لبنان في صيف عام 2006، ودور المقاومة في الصمود والتصدي له وتسجيل انتصار على جيش العدو الاسرائيلي، واثبات وجودها كقوة ردع تكمل الجيش اللبناني اذا ما تم تدريبه وتسليحه بأسلحة دفاعية واستراتيجية تجابه اي اعتداء اسرائيلي على لبنان.والرئيس بري حاسم بأن الاقرار بنصاب الثلثين لجلسة افتتاح انتخابات رئاسة الجمهورية، هو ممر اجباري الى التوافق، لان طرفي النزاع لا يمكنهما اجراء انتخاب من طرف واحد، لان ايا منهما سواء في الاغلبية النيابية للفريق الحاكم او في الاقلية النيابية الممثلة بالمعارضة، لايملك الحق الدستوري بإيصال مرشحه الى رئاسة الجمهورية، وهما محكومان بالوصول الى مرشح توافقي، وهذا ما يعمل له من خلال مبادرته الوفاقية، التي امّن لها دعماً وتأييداً لبنانياً داخلياً وعربياً ودولياً، وهذا ما يطمئنه الى انه سينجح في الوصول بها الى بر حصول الانتخابات الرئاسية بموعدها ووفق الدستور، وقد تبلغ من السعودية تأييدها لاجراء الانتخابات وفق نصاب الثلثين، اي الوصول الى التوافق، وقد ترسمل بهذا الدعم، ليفتح حواراً مع النائب سعد الحريري الذي لا يمكنه ان يخرج عن الارادة الملكية السعودية التي فتحت ابواب حوار مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، واتفقت معها على ان تجري انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان بالتوافق بين اللبنانيين، وقد انعكس ذلك على الاطراف اللبنانية التي ايدت مبادرة بري والحوار بينه وبين الحريري، وان كانت المعارضة ما زالت حذرة من التعطيل الذي يمارسه كل من النائب وليد جنبلاط وقائد «القوات اللبنانية»» سمير جعجع اللذان يرفضان البحث بمرشح توافقي من خارج قوى 14 شباط، وقد كشف الرئيس بري دورهما واعلن عنه واتهمهما بالعرقلة ومنع المساعي الوفاقية من ان تحقق اهدافها، وقد حاولا التأثير بذلك على موقف الحريري الذي يبدو مرتبكاً بحليفيه، فاذا وافقهما الرأي برفض التوافق والذهاب الى انتخاب رئيس من الاكثرية دون التطلع الى المعارضة، فسيصطدم بالسعودية التي تؤيد الوفاق الداخلي، وكذلك مع المبادرات التي تقوم بها بعض الدول الاوروبية وتحديداً فرنسا واسبانيا وايطاليا من اجل تأمين اجواء لبنانية داخلية توافقية تساهم في انجاز الاستحقاق الرئاسي بأقل الاضرار الممكنة، لان البديل سيكون الفوضى التي ستنعكس على وجود وعمل القوات الدولية في الجنوب، التي للدول الثلاث حضوراً فاعلاً فيها، وقد حضر وزراء خارجيتها الى بيروت من اجل استكشاف ما يحصل، والى اين ستصل الامور في ظل المواقف والمواقف المضادة من الانتخابات الرئاسية، وتأثير ذلك على القوات الدولية.فالوفد الوزاري الاوروبي الثلاثي، أتى الى لبنان وفي جعبته نصائح واقتراحات ودعم للتوصل الى الاستحقاق الرئاسي من دون حصول فراغ او فوضى سياسية وامنية، والعمل على التوافق، حيث تدعم معظم الدول الاوروبية مرشحاً يكون على مسافة واحدة من الجميع، وهو الموقف المستنبط من التوجه الفاتيكاني ايضاً للحفاظ على موقع رئاسة الجمهورية لانه يمثل رمزية للمسيحيين في لبنان وبقائهم فيه، بعد ان بدأ عدد المسيحيين يتراجع بشكل كبير فيه وفي الشرق الادنى ايضاً، وان الكرسي البابوي ومعه دول اوروبا الكاثوليكية يعملون بكل قوة لحصول الانتخابات الرئاسية وبالتوافق، وقد اوكل البابا بنديكتوس السادس عشر الى البطريرك الماروني نصرالله صفير ان ينقذ هذه الانتخابات من الانهيار وان يتولى هو ومساعديه من المطارنة اجراء مصالحة مارونية-مارونية من خلال حوار بين القيادات المارونية الفاعلة، والتوصل معها الى حل، من خلال الاتفاق على مرشح واحد، لن يضع ممثلو الطوائف الاخرى «فيتو» عليه اذا حصل تفاهم مسيحي حوله، لان رئاستي مجلس النواب والحكومة تم التوافق عليهما اولاً داخل طائفة رئيس كل منهما، فوصل بري الى رئاسة المجلس بالتوافق مع «حزب الله»، وفؤاد السنيورة الى رئاسة الحكومة مدعوماً من اغلبية سنية في مجلس النواب ومن آل الحريري و«تيار المستقبل» ودار الفتوى. لكن البطريرك صفير الذي اجتمع مع قادة موارنة من الموالاة والمعارضة، لم يتمكن من جمعهما، وتعثرت عملية تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين لتحضر الاجواء الايجابية وتشيع جواً من الثقة بينهما، وتذليل العراقيل والعقبات من امام التقائهما على قواسم مشتركة توصلهما الى توافق على مرشح واحد، وهذا امر يبدو غير متيسر بسبب تعنت كل طرف وتشبثه بمرشحه، حيث ابلغ العماد ميشال عون انه ينسحب لمرشح يتأمن التوافق حوله، فيما اكد موارنة 14 شباط، ان بطرس حرب ونسيب لحود هما مرشحين توافقيين من قبلهم، وان تاريخ كل واحد منهما يؤكد على اعتدالهما وقربهما من كل الاطراف، ولهما سجل نظيف.ومع عدم انعقاد الحوار عبر لجنة مشتركة من موارنة السلطة وموارنة المعارضة، وتبادل الشروط والشروط المضادة، فان البطريرك صفير شعر بأن مبادرة بكركي لن تصل الى نتيجة وتضرع الى السماء لتحل المشكلة، ويهبط «روح القدس» على الموارنة ليتفقوا فيما بينهم على مرشح كي لا يخسروا ليس رئاسة الجمهورية بل لبنان ايضاً.ويعيش سيد بكركي هذه الايام بحالة من الاحباط واليأس والقلق على مصير لبنان والمسيحيين فيه وتحديداً الموارنة الذين يحفرون قبرهم بيدهم كما يقول امام زواره، وانهم لم يتعلموا من دروس التاريخ وعبره، وكل ست سنوات يقعون في ازمة رئاسة الجمهورية، ويغرق لبنان معهم في اتون فتنة داخلية.وهناك من ينصح البطريرك صفير بأن يسمي مرشحاً هذه المرة وليتحمل كل طرف مسؤوليته، بالرغم من انه يحاول ان يبتعد عن التسمية، ويقع بما وقع به عام 1988 عندما اقترح خمسة اسماء لم يؤخذ بها من صناع القرار في الخارج اي اميركا وسوريا اللتين اتفقنا في حينه على النائب السابق مخايل الضاهر عبر ما سمي اتفاق حافظ الاسد (الرئيس السوري) وريتشارد مورفي (المندوب الاميركي).وتشجع الفاتيكان البطريرك الماروني على ان يقدم مرشحاً او اكثر للاتفاق عليه، حتى لا يقع لبنان في المحظور، حيث تشير المعلومات الى ان لدى صفير اسماء يحبذها ولديها مواصفات، لكنه لا يطرحها كي لا تشكل له متاعب مع مرشحين آخرين، وتخلق شرخاً داخل الطائفة المارونية، فهو يقدم الوزير السابق ميشال اده على مرشحين آخرين، ولا توجد لديه تحفظات على وزير المال السابق دميانوس قطار، ويمتدح النائب فريد الخازن وهو من كتلة العماد عون النيابية (الاصلاح والتغيير)، ولا يضع «فيتو» على وصول العماد ميشال سليمان كما لا يمانع في تعديل الدستور له كقائد للجيش اذا كان في ذلك انقاذ للبنان. والاسماء التي تروق في مواصفاتها للبطريرك صفير، لا تتناسب مع قوى 14 شباط، ولا تلقى ترحيباً من المعارضة، لكن الوقت القصير المتبقي من الاستحقاق الرئاسي، تفرض الدخول بالاسماء وتحديدها وغربلتها، وهذا ما اقترحه الرئيس بري على النائب سعد الحريري، وكذلك حاول مع البطريرك صفير وتمنى عليه ان يحدد الاسماء التي يراها مناسبة لغربلتها ثم اخراج مرشح منها للتوافق عليه.وتشير اجواء العماد عون انه يدرس كل احتمالات معركة الرئاسة، وحظوظ وصوله اليها، ويضع امامه كل الخيارات ومنها ان يكون ناخباً اساسياً، ولكن تحت شرط ان لا يكون المرشح من الفريق الحاكم، وهو لا يمانع بوصول العماد ميشال سليمان وقد رشحه لرئاسة حكومة انتقالية تمهد لاجراء انتخابات نيابية وفق قانون جديد ومن ثم اجراء انتخابات رئاسية، وهو الحل الذي يمنع وصول لبنان الى الفراغ والمجهول حسب ما يؤكد عون، ويصب ايضاً في اقتراح طرحه الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بالدعوة الى استفتاء شعبي حول رئيس الجمهورية، او قيام شركات ومؤسسات استطلاع باجراء استطلاع حول ابرز ثلاثة مرشحين، كي يقوم مجلس النواب بإنتخاب احدهم، لكن اقتراحه جوبه بالرفض وبأنه تعديل للطائف والدستور وهو مجرد اقتراح للنقاش للخروج من الازمة اذا لم يحصل التوافق، والتي تلجأ اليه الدول الديمقراطية.فكل الحلول السلمية والديمقراطية من قبل المعارضةتم رفضها من قبل قوى 14 شباط و«صقورها» وتحديداً جنبلاط وجعجع ومن معهما امثال سمير فرنجية وفارس سعيد وكارلوس اده ودوري شمعون، حيث يذهب هؤلاء الى رفض التوافق او مرشح تسوية، و تأكيدهم على اجراء انتخابات من جانب واحد ولو ادى ذلك الى «وجع يوم ولا كل يوم» كما قال جعجع الذي يؤكد انه يخوض معركة ضد «حزب الله» وسوريا وايران، وليس ضد العماد عون، لاعطاء المعركة طابعاً طائفياً واقليمياً لتحريك غرائز المسيحيين داخلياً، ولاستقدام مساعدات خارجية، ومثله يفعل جنبلاط الذي اعلن ان ايران سمحت لـ«حزب الله» بإجتياح السراي الحكومي واسقاط السنيورة واحتلال بيروت، وهو يحرض كما تتهمه المعارضة على الفتنة المذهبية واقتتال السنة والشيعة وهذا ما حاولت قوى السلطة ان تفعله في احداث جامعة بيروت العربية في 25 كانون الثاني الماضي، لكن محاولة جنبلاط وحلفائه فشلت رغم سقوط ضحايا.ففريق «الصقور» داخل قوى الموالاة يهدد بأن تقبل المعارضة بنسيب لحود او بطرس حرب، والا فستندم لان المرشح الثالث سيصدمهم ويخيب آمالهم، كما قال جعجع، الذي يعد نفسه بأنه هو المرشح المنتظر الذي سيكون رئيساً للجمهورية، بعد ان اتفق مع جنبلاط في عشاء جمعهما قبل اشهر، بأنه اذا لم يتم قبول نسيب لحود مرشحاً توافقياً، فان جعجع سيكون هو مرشح التحدي.ودخل على خط الترشيحات اسم السفير ومدير المخابرات السابق في الجيش جوني عبدو، الذي يقبل به سعد الحريري كمرشح معركة، وكان والده رفيق الحريري طرح اسمه في العام 1988، واقترحه فيما بعد، لكنه لم يوفق.وان اعادة تزكيته من جديد من قبل آل الحريري قد يكون تنفيذاً لتوصية تركها الشهيد الحريري، وان اسمه لن يكون كإسم جعجع الذي صدر حكم عليه بإغتيال الرئيس رشيد كرامي وقد يسبب مشكلة لآل الحريري وحلفائهم بقبلوهم بقاتل رئيس حكومة لبنان رئيسا للجمهورية، وهو الوضع الذي يشبه اغتيال رفيق الحريري، لذلك فان جوني عبده يملأ هذا الفراغ.وقد حمل كل من سمير فرنجية وفارس سعيد الى البطريرك صفير اسمي جعجع وعبده كمرشحين للرئاسة وهما يقبلان بإجراء الانتخابات بالنصف زائداً واحدا، وهو ما يرفضه كل من بطرس حرب ونسيب لحود وايضاً روبير غانم، ولا بدّ من مرشح قوي يخوض معركة منع حصول فراغ رئاسي، لكن رد سيد بكركي كان ان هذا الاقتراح هو مشروع فتنة اولاً مسيحية-مسيحية، و من ثم اندلاع حرب اهلية، وهو لايوافق على ذلك، ويصر على مرشح توافقي، ولا بدّ انه سيتم التوصل اليه.
Leave a Reply