فاطمة الزين هاشم
كثرت هذه الأيام الفتاوى الهدامة التي تأتي من كل حدب وصوب، ومن أشخاص يدعون المعرفة بأمور الدين وهم بعيدون عن الدين والمتدينين. مثلاً أفتى داعي إسلامي فـي السعودية بأن من حق الرجل أن يعاشر من ٣٠ إلى ٤٠ إمرأة وخاصة السوريات. أما الداعي المصري يحرض الرجل على أن يتلصص على المرأة التي ينوي الزواج منها عله يكتشف عيباً فـي جسدها تخفـيه عنه قبل الزواج. كما أن عالم دين مصري آخر قد أفتى بأن على الزوج أن يتصل بزوجته قبل عودته إلى البيت كي تصرف عشيقها منعاً للإحراج. مجتهد سعودي آخر قد حرم البوفـي المفتوح فـي المناسبات!!
بالله عليكم أي رجل هذا الذي يقبل بأن يكون لزوجته عشيقاً غيره، وهل من العقل أن يكون للزوجة عشيقاً احتياطياً مثلاً؟ للعلم أن جميع هذه الفتاوى عرضت على التلفاز بالصوت والصورة. هل المجتمع بحاجة إلى هؤلاء المتخلفـين وفتاويهم؟ هل يعقل أن يأخذ أحد بهذه الفتاوى التي لا تمت إلى الدين بصلة ولا إلى العقل والمنطق؟ يجب التصدي إلى هؤلاء المستخفـين بعقول الناس وإعطاؤهم حجمهم الطبيعي كي يكونوا عبرة لغيرهم من المتطفلين على الدين.
استضافت هذه القناة نفسها ضيفاً عربياً سمجاً على الشاشة مقيماً فـي إحدى الدول الأجنبية ذا لحية مشعثة تبدو للناظر كأنها غابة مهملة لم تطلها يد حطاب منذ سنوات. كان منظره داعشياً بإمتياز وهذا ما أكده أسلوبه السمج وأفكاره المسمومة الداعية للتفرقة بين الناس مؤكداً مقولة «فرّق تسد» سألته المضيفة عن رأيه بالاحتفال بعيد الميلاد فما كان منه إلا أن كفّر كل إنسان يحتفل بهذه المناسبة لأنها بدعة وكل بدعة ضلالة، وأما شجرة الميلاد بدعة أثنية كل من وضعها فـي بيته كافر وهذه من الكبائر. ثم عرّج على عيد المولد النبوي الشريف وحرمه أيضاً على المسلمين ووصفه بالبدعة وكل محتفل به كافر.
هنا كانت مداخلة لطيفة على الهاتف من أحد الإخوة المسيحيين قال «نحن إخوة فـي الإنسانية نعبد إلاهاً واحداً تجمعنا كلمة الله ويفرقنا مصير واحد هو الموت». وجاءت بعدها مداخلة ثانية من عالم دين لبناني معروف له تاريخه الدين العريق، حاول مناقشته بعقلانية وعمق ديني منفتح على الآخر، إنتفض هذا على الشاشة حتى خُيل لي أن سيخرج من التلفاز ويقتل هذا العالم الجليل، وصفه بالحبشي والقبوري والضلالي بعد أن أمطره بشتائم قذرة كوجه القبيح، وأخذ يصيح على مقدمة البرنامج أن تُسكت هذا الضلالي الكافر، كل هذا الغضب لأن عالم الدين أظهر هشاشة تفكيره وقلة معرفته وأوقد حقده الدفـين وغباءَه المستشري وإدعاءَه الكاذب.
هنا نفد صبر الشيخ الموجود داخل الإستديو لأن المناظرة كانت بينه وبين المتخلف الموجود على الشاشة. قائلاً له من أنت حتى تصدر سقوكاً إلى الجنة أو النار تحرم وتحلل على هوائك، تحرّم الإحتفالات بالمناسبات الدينية، أليس من الواجب أن ننعش الذاكرة بشمائل رسولنا الأعظم (ص) وخصائله الطيّبة وغزواته من أجل الدين الإسلامي؟ أليس عيسى إبن مريم نبياً أيضاً؟ ألم يأتي ذكره فـي القرآن الكريم؟ ومن حق الجميع أن يحتفل بيوم مولده. إنني أتسائل كيف لمحطة عريقة كهذه أن تسمح لهذا الداعشي بإمتياز أن يظهر على الملأ ويكفّر الأديان السماوية، ذبح الأبرياء ليس كفراً؟ وسبي النساء وبيعهن فـي سوق النخاسة دون رحمة أو خوف من الله؟. الأفظع من ذلك يطلقون على أنفسهم «الدولة الإسلامية»، الإسلام بريء منكم أيها المجرمون. الإسلام دين المحبة والتآخي والتسامح، بعيداً عن الإجرام والوحشية، سيضربكم الله بحجارة من سجيل وتكون كالعصف المأكول، إلى مذبلة التاريخ أيها الأوغاد. لا خلاص لنا إلا بالعمل المشترك ورفض التنابذ والتخاصم، النزاعات الدينية هي مقبرة الإستقرار وهذا ما يريده لنا الأعداء، عشنا أخوة ولا يفرقنا إلا الموت نذهب للمجسد والكنيسة معاً، نتشارك بأفراحنا أطراحنا، نحتفل بأعيدنا معنا أخوة فـي الإنسانية والوطن، سنبقى هكذا رغم أنوف المتآمرين على بلادنا، الدين لله والوطن للجميع.
تطبيقاً لقول الشاعر عمر الزعني:
الجهلاء حاكمين
والأرذال عايمين
والأنذال عايشن
والوادم عم تموت
يا ديعانك يا بيروت
Leave a Reply