بقلم: طالب الجبوري
منذ استلام حزب البعث الصدامي السلطة في العراق، والعراقيون يعيشون حياة الخوف والموت والدمار، الحزب الذي أسس لثقافة الكره والعدوان والإعتداء، لم يدع رذيلة الا وارتكبها ولا دونية الا واستعملها ضد أبناء شعبه ووطنه، حتى فاق بأفعاله النكرة حدود الخيال والتصوّر، كان وباءً لا يقل خطورة عن الجدري والطواعين في القرون السابقة، وباءً ضرب العراق في ستينيات القرن الماضي، لم ينجُ من اصابته الا ذو حظ عظيم، لم تفلح جميع الثورات والإنتفاضات الشعبية التي قام بها أبناء الرافدين للإطاحة بذلك الحزب الفاشي، فشلت جميعها وخلّفت وراءَها ملايين الضحايا من الشهداء والمشردين والأرامل والمغتربين، كان العراقيون وقتها مستعدون لأن يتعاونوا مع الشيطان لإسقاط ذلك النظام الجائر والفاسد الذي عاث في الأرض ظلما وفسادا وتخريبا.
كان استلام الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن للسلطة سنة 2001 بارقة أمل وخير للعراقيين للتخلص من نظام صدام وأعوانه، خصوصا بعد أحداث أيلول الدامية في نيويورك التي عجلّت بسقوط فرعون العراق، وبعد الأحداث بأقل من سنتين توجهت الجيوش الأميركية لإزالة النظام، وأقامت بدلاً عنه نظاماً ديمقراطياً تعددياً، واليوم يتساءل بعض علماء السوء والفتنة وبعض المتربصين وتجار الموت، لماذا لم يصدر سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني فتوى الجهاد ضد القوات الأميركية الغازية التي دخلت البلاد دون موافقة المجتمع الدولي؟ بينما أصدر سماحته فتوى الجهاد الكفائي ضد عصابات داعش وأعوانها. وكما نرى أن الأسباب هي كالآتي:
1- انّ عملية التغيير الأميركية للنظام البعثي في العراق جاءت بمباركة الأغلبية من أبناء الشعب العراقي، بما فيه القوات المسلحة العراقية، والدليل أن المقاومة كانت ضعيفة.
2- لم يكن هدف أميركا ابادة الشيعة في العراق، ولم يكن شعارها لا شيعة بعد اليوم كما هو حال داعش والمتحالفين معهم.
3- لم يكن هدف أميركا تدمير المراقد والأضرحة الشيعية المقدسة، والدليل انها لم تقترب منها.
4- لم يكن من نوايا أميركا الإعتداء على الحرمات والأعراض ومصادرة الممتلكات.
5- لم تسرق أميركا البنوك والمال العام، بل تبرعت بعشرات المليارات من الدولارات لإعادة بناء العراق.
6- ساعدت الولايات المتحدة الأميركية على حذف 80 بالمئة من ديون العراق الدولية.
7- منذ بدء العمليات الحربية أعلنت أميركا انها محررة للشعب العراقي وليست محتلة، والدليل انها خرجت من البلاد بعد انجاز مهمتها في اسقاط النظام.
أنا لا أريد أن أكون بموضع المدافع عن الولايات المتحدة الأميركية، رغم أنّ لدينا بعض التحفظ على بعض الأعمال التي ارتكبتها أميركا داخل العراق، ولكن نريد أن نوضح الصورة الى بعض الخونة والى بعض علماء السوء المدفوع ثمن أصواتهم الذين أوجعوا رؤوسنا ليل نهار بالتنديد والإستنكار لفتوى سماحة السيد علي السيستاني دام ظله، تلك الفتوى التي حمت العراق من السقوط وأسست لعراق متكاتف وواعٍ ومنتبه للأخطار والمؤامرات، لكنها بحاجة الى مؤسسة عسكرية قوية ورصينة وقادرة على تنظيم وتدريب واستيعاب المتطوعين، مؤسسة قادرة على هيكلة جيوش المتطوعين على أسس عقائدية صحيحة وقوية، مؤسسة قادرة على التعلم من انتكاسة الموصل الكبرى، تلك الانتكاسة التي كانت درسا مهما وحيويا لإعادة التنظيم وحشد وتعبئة الصفوف بشكل علمي وأكاديمي لسحق فلول الهمجية والتخلف المتمثلة بداعش وأزلام النظام البعثي البائد الذين يحلمون بالوصول الى دفة الحكم مرة أخرى، لكنهم لن يصلوا، مادام في العراق رجال مؤمنون وقادرون على تمريغ أنوف الجناة بالوحل واطعامهم مرارة الهزيمة.
Leave a Reply