الفلسطينيون منقسمون حول إنتفاضة جديدة.. والصهاينة يدشنون “معبد الخراب”
رام الله – ذكرت المواجهات التي اندلعت الأسبوع الماضي في القدس بعد تدشين كنيس يهودي يرتبط بناؤه بهدم المسجد الأقصى، حسب الأساطير الصهيونية، مؤخرا بالايام الاولى للانتفاضة التي تلت زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون الى المسجد الاقصى عام 2000، لكن امكانية حصول هبة شعبية جديدة تبدو ضئيلة في وقت يسعى فيه الفلسطينيون لحشد تأييد دولي لبناء “دولتهم”.
وفي رد غير مباشر على الدعوات المتصاعدة لاطلاق انتفاضة جديدة اكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاربعاء الماضي ان المفاوضات هي الطريق الوحيد للوصول الى حل للقضية الفلسطينية. وقال عباس خلال مؤتمر صحافي في رام الله مع نظيره البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا “اننا حريصون على الوصول الى السلام من خلال المفاوضات ولا طريق آخر غير المفاوضات”. اما “حماس” التي تسيطر على قطاع غزة فجددت الاربعاء الماضي الدعوة الى انتفاضة شعبية في وجه الممارسات الاسرائيلية في القدس الشرقية واستمرار الاستيطان. واكدت حكومة حماس المقالة في بيان على خيار “الانتفاضة في مواجهة المحتل” معتبرة اياها “خيارا اصيلا لوضع حد لحالة الاستخفاف بالشعب الفلسطيني ومقدساته”. الا ان العديد من المسؤولين الفلسطينيين يشددون على صعوبة اندلاع انتفاضة جديدة نظرا للعواقب الوخيمة التي قد تترتب عليها.
وقال مسؤول فلسطيني كبير، حسب وكالة “فرانس برس”، في لقاء مع صحافيين بلهجة لا تخلو من التهكم ان المطالبة باشعال انتفاضة جديدة ليس بسهولة طلب “صحن حمص”. وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه “لا تقوم الانتفاضة من دعوات قيادات تبتعد عنا اكثر من الفي كيلومتر، وكأنهم يعتقدون ان الانتفاضة صحن حمص يطلبونه وقتما يشاؤون مع اضافة بعض البهارات عليه”.
اما المتحدث باسم الاجهزة الامنية الفلسطينية في الضفة الغربية اللواء عدنان الضميري فقال لوكالة فرانس برس ان “حماس واسرائيل يريدون اعادة المنطقة الى حالة العنف والفلتان الامني”.
واعترف مسؤول من “حماس” في الضفة الغربية بصعوبة اطلاق الانتفاضة التي تطالب بها قيادة الحركة في الخارج وفي قطاع غزة. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان “اي انتفاضة بحاجة الى قيادة شعبية، ولا يوجد الان قيادة موحدة فلسطينية لقيادة اي انتفاضة، حتى في مدينة القدس”.
وتتهم حركة “حماس” السلطة الفلسطينية بـ”منع قيام تظاهرات في الاراضي الفلسطينية”. الا ان قيادي من خارج حركة “فتح” والسلطة اعتبر انه “لو كان هناك قرار سياسي من حركة حماس بانتفاضة ثالثة لقاموا بها دون انتظار ان تسمح لهم السلطة بذلك”. وتعمل اجهزة الامن الفلسطينية على “منع اي تظاهرة غير مرخص بها، ومنع عودة حالة الفلتان والفوضى”، حسب ما قال الضميري.
وعمم اللواء الضميري، بصفته مفوضا للتوجيه السياسي، بيانا سياسيا على الاجهزة الامنية العاملة في الضفة الغربية قال فيه ان “حكومة اليمين الاسرائيلي ومنذ العام 1996 تهدف الى اثارة الفلسطينيين وجرهم الى ساحة العنف، وهو الملعب الذي تفضل اسرائيل اللعب فيه”.
وقال الضميري في بيانه “في العام 1996 افتعلت قصة النفق (المحاذي للمسجد الاقصى في البلدة القديمة للقدس) واندلعت انتفاضة، وفي العام 2000 سمح باراك لارييل شارون بالدخول الى الاقصى واندلعت انتفاضة اخرى”. واضاف “واليوم تحاول الحكومة اليمينية في اسرائيل تكرار العملية من خلال افتعال قضايا دينية، بهدف جر الفلسطينيين الى المواجهة العنيفة وهو الملعب الناجح بالنسبة لاسرائيل لتتهرب من استحقاقاتها السياسية”.
من جهتها، قالت خالدة جرار القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “ان اي انتفاضة بحاجة الى مقومات وقيادة موحدة، وما يجري الان هو فعاليات وانشطة لكنها لم ترتق الى مستوى انتفاضة”. ودعت الفصائل والقوى الوطنية الثلاثاء الماضي الى تظاهرة سلمية وسط رام الله احتجاجا على ما يجري في مدينة القدس، الا ان حجم الحضور الجماهيري كان متواضعا.
معبد الخراب
وكانت أحياء القدس المحتلة قد شهدت الثلاثاء الماضي مواجهات ضارية بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال أعادت المدينة إلى أجواء انتفاضة الحجارة، في إشارة إلى قيام مئات الشبان برشق الجنود الإسرائيليين بالججارة. وجاءت هذه الهبة الجماهيرية بعد يوم من افتتاح إسرائيل معبد “الخراب” اليهودي بالقرب من المسجد الأقصى، وهو ما اعتبره الفلسطينيون خطوة دنيئة من شأنها أن تكون مقدمة لهدم المسجد الأقصى.
ويرتبط كنيس الخراب بالأساطير الصهيونية التي باتت تطبق فعلا على الأرض وتترجم في المسجد الأقصى ومحيطه. ويحاول الصهاينة طمس الطابع الإسلامي لمدينة القدس وإضفاء الصبغة اليهودية عليها تمهيدا لبناء المعبد داخل “مدينة داوود” المزعومة، وذلك بخلق المتاحف الصهيونية.
كذلك أقام الصهاينة خلال السنوات الأخيرة عدد من الكنس الصهيونية التي حلت محل الأوقاف الإسلامية بجوار المسجد الأقصى وحتى داخل حدود المسجد حتى بات عدد الكنس في البلدة العتيقة يضاهي عدد المساجد والكنائس فيها، ومن هذه الكنس التي ما زالت تبنى لتخدم قضية التهويد والمزاعم وقيام المعبد.
ويبنى “كنيس ها حوربا” أو “كنيس الخراب” في مدينة القدس العتيقة كأحد المعالم البارزة جدا والمرتفعة فيها بجانب “المسجد العمري الكبير” على أنقاض حارة الشرف الإسلامية التي قام الصهاينة بتحويلها إلى حارة اليهود. ويشكل “كنيس ها حوربا” منعطفا كبيرا جدا في العقيدة الصهيونية وفي قضية تهويد مدينة القدس من الناحية الدينية للشعب اليهودي ووجود المعبد ومن الناحية السياسية والسيطرة على المدينة المقدسة وجبل البيت كما يزعمون. فوجود هذا الكنيس بهذا الوقت تحديدا وخلال هذا العام أمر لابد منه كي تتحقق رواية صهيونية لأحد الحاخامات عرفت بنبوءة إيليا بن شلومو زلمان المعروف بـ”جاؤون فيلنا” والتي ادعى فيها في القرن الثامن عشر ميلادي خلال زيارته أن بناء المعبد (الهيكل) يكون في النصف الثاني من الشهر الثالث من العام 2010 كما أشار فيلنا إلى أن بناء المعبد يأتي بعد تدشين معبد حوربا (كنيس الخراب) الموجود في الحي اليهودي في مدينة القدس العتيقة…
هذه النبوءة التي تمثلت في بناء كنيس الخراب واقتراب الموعد الحاسم لبناء الهيكل باتت تمثل دستورا يطبق على الأرض عند المتدينين الصهاينة! ليكون أحد أهم دور العبادة اليهودية في القدس… وعلى الأرض، فإن تدشين هذا الكنيس الصهيوني يتزامن مع حملة تهويدية شرسة غير مسبوقة تشهدها مدينة القدس والمسجد الأقصى منذ بداية العام 2010 وكأن هذا العام بات نقطة الفصل لدى المتدينين اليهود والدولة العبرية في قضية القدس، فعند النظر إلى حفريات المؤسسة الصهيونية في محيط المسجد الأقصى فقد باتت متسارعة وبشكل جنوني لتترجم خطورتها فعلا في بلدة سلوان والانهيارات المتلاحقة فيها والتي شاهدها الجميع خلال الأيام القليلة الماضية، ولتتوسع الحفريات في جنوب المسجد الأقصى وفي محيط القصور الأموية وباتجاه المتحف الإسلامي في الزاوية الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى ليصبح الجدار الجنوبي من المسجد الأقصى بما فيه 72 متر من الجدار الغربي للمسجد بالقرب من القوس الأموي كله معرضاً للإنهيار الكامل والتكشف.
والمسجد الأقصى خلال هذه الأيام يقف على حافة المنحدر، يواجه مراحل التهويد الأخيرة، يتعرض للهدم الفعلي والتبديل!
Leave a Reply