أبو ظبي - نال الكاتب الفلسطيني ربعي المدهون الأسبوع الماضي جائزة «بوكر» للرواية العربية فـي دورتها التاسعة، عن روايته «مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، علماً أنّ روايته السابقة «السيدة من تل أبيب» (2010) كانت قد وصلت أيضاً إلى القائمة القصيرة لجائزة «بوكر» بنسختها العربية.
وأعلنت أمينة ذيبان، رئيسة لجنة التحكيم، عن اسم الفائز خلال حفل افتتاح معرض أبو ظبي للكتاب.
ويحصل الفائز بالجائزة على مبلغ تصل قيمته إلى 50،000 دولار أميركي، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى الإنكليزية.
والمدهون، هو أول فلسطيني يحوز الجائزة منذ تأسيسها، وقد تم اختيار روايته «مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة» من بين الكتب الأخرى التي تنافست فـي القائمة القصيرة التي كانت تضم -بالاضافة إلى الفائز- كلاً من «نوميديا» للمغربي طارق بكاري، و«عطارد» للمصري محمد ربيع، و«مديح لنساء العائلة» للفلسطيني محمود شقير، و«سماء قريبة من بيتنا» للسورية شهلا العجيلي، و«حارس الموتى» للبناني جورج يرق. وقد حصل الكتاب المتأهلون إلى اللائحة القصيرة على جائزة 10 آلاف دولار لكل منهم.
وتشكلت لجنة تحكيم الجائزة برئاسة الكاتبة والناقدة الإماراتية أمينة ذيبان، وعضوية كل من الصحفـي والشاعر المصري سيد محمود، والأكاديمي المغربي محمد مشبال، والناقد اللبناني عبده وازن، والمترجم منير مويتش من البوسنة.
وتعليقا على قرار لجنة التحكيم، قالت أمينة ذيبان إن رواية «مصائر» تبتدع «نسيجاً روائياً فنياً جديداً يصور تحولات المسألة الفلسطينية وتثير أسئلة الهوية وتستند إلى رؤية إنسانية للصراع».
وأضافت: «تعد (مصائر) الرواية الفلسطينية الشاملة… فهي ترجع إلى زمن ما قبل النكبة لتلقي ضوءا على المأساة الراهنة المتمثلة فـي الشتات والاستلاب الداخلي. إنها رواية ذات طابع بوليفوني مأساوي تستعير رمز الكونشرتو لتجسد تعدد المصائر».
يشار إلى أن ربعي المدهون، كاتب فلسطيني ولد فـي مدينة المجدل عسقلان، فـي جنوب فلسطين عام 1945، هاجرت عائلته خلال النكبة عام 1948 إلى خان يونس فـي قطاع غزة، تلقى تعليمه الجامعي فـي القاهرة والإسكندرية، ثم أُبعد من مصر سنة 1970 قبل التخرج بسبب نشاطه السياسي، يقيم فـي لندن حيث يعمل محررا لصحيفة «الشرق الأوسط»، وله ثلاث روايات إضافة إلى دراسات ومجموعة قصصية.
«المصائر»
حين اختيرت الرواية للائحة القصيرة، وصفتها لجنة البوكر العربية بأنها تضيف الى السرد الفلسطيني أفقا غير معهود سابقا، ويمكن وصفها بالرواية الفلسطينية الشاملة التي تتناول، فـي آن، مأساة فلسطين من جوانبها كافة.
تقع الرواية فـي أربعة أقسام، يمثل كل منها إحدى حركات الكونشرتو وحين يصل النص إلى الحركة الرابعة والأخيرة، تبدأ الحكايات الأربع فـي التوالف والتكامل حول أسئلة النكبة، والهولوكوست، وحق العودة. إنها رواية الفلسطينيين المقيمين فـي الداخل الذين يعانون مشكلة الوجود المنفصم وقد وجدوا أنفسهم يحملون «جنسية إسرائيلية» فُرضت عليهم قسرا. وهي رواية الفلسطينيين الذين هاجروا من أرضهم إلى المنفى الكبير ثم راحوا يحاولون العودة بطرق فردية إلى بلادهم المحتلة. إنها رواية فلسطين الداخل والخارج.
تبدأ الرواية بحكاية إيفانا الفلسطينية الأرمنية، التي أحبت فـي صباها طبيباً بريطانياً فـي زمن الانتداب على فلسطين، فأنجبت منه بنتًا أسمياها جولي، وهربا بها إلى لندن عشية نكبة عام 1948، وبعد سنوات طويلة، وقبل وفاتها توصي إيفانا ابنتها أن تحرق جثتها وتنثر نصف رمادها فوق نهر التايمز، وتعيد نصفه الآخر إلى موطنها الأصلي «عكا القديمة»..
تقول إيفانا فـي وصيتها «خذوا بعضي وكل روحي إلى عكا يعتذران لها حارة حارة.. خذوا ما تبقى مني وشيعوني حيث ولدت، مثلما ستشيعني لندن حيث أموت.. يا أصدقائي وأحبتي، يوماً ما، لا أظنه بعيداً.. سأموت.. أريد أن أدفن هنا وأن أدفن هناك». بعد وفاتها تنفذ جولي وصية أمها بمساعدة زوجها وليد دهمان (بطل رواية المدهون السابقة «السيدة من تل أبيب»)، فـيسافران إلى فلسطين ويتجولان فـي مدنها، ويقعان فـي عشقها.
Leave a Reply