.. والتائهون في سوريا يرتكبون مجزرة بحق الله
هو أحد أبرز ملوك الأغنية الشعبية في الساحة الفنية اليوم. وروحه الترابية المرحة تجعل منه محبوب الجماهير ونجم الشاشة الصغيرة. بعفويته وصدقه إحتل الفنان علي الديك، إبن ضيعة الزيتونة في رأس البسيط من ريف اللاذقية، قلوب معجبيه، وبصوته الجبلي وأغانيه الشعبية البسيطة إستطاع أن يحقق شهرة واسعة تميزّت بهوية خاصة.
يزور الفنان علي الديك الولايات المتحدة الأميركية في جولة غنائية إبتدأها في إحياء حفلة ليلة رأس السنة في صالة “بالاس كافيه” في مدينة ديربورن، والتي تكللت بالنجاح الكبير. وتستمر جولته في مدن أميركية أخرى، كشيكاغو وبوسطن وهيوستن ولوس أنجلوس وكليفلاند ويعود ليختتمها في صالة “أدونيس” في ديربورن في 28 كانون الثاني (يناير) 2012. “صدى الوطن” التقت الفنان علي الديك الذي أطلعنا على بعض محطات مسيرته الفنية وجديده للعام 2012.
– ما هي أبرز المحطات في مسيرتك الفنية والتي أسست لشهرتك؟
– في بداياتي، كنت أغني في الأعراس والحفلات والمطاعم وأمام البيوت في محافظة اللاذقية، وكنت ذا شهرة واسعة على صعيد منطقتي. وقد احتفظت بدفاتر مواعيد الحفلات التي تظهر إحيائي لـ365 حفلة في السنة الواحدة، فلم يمر يومٌ واحد دون إحيائي لحفلة خاصة.
في العام 1997 بدأت بإنتاج الأغاني الخاصة، ولكن الإنتاج كان “على قد الحال”. فلم يكن هنالك شركة إنتاج لتتبنى موهبتي ولكن ذلك لم يدفعني الى الاستسلام. وبدأت بإنتاج الأغاني الخاصة من دون تصوير أي فيديو كليب، وكنت كل شهر أو شهر ونصف أصدر “كاسيت” يضم أربع أغاني. هذه الأغاني نالت شهرة محلية ومنها الأغاني التي عرفت في الخارج ولكن لم يعرف صاحبها كأغنية “واعدتينا تحت التينة”. وأمتلك في رصيدي قبل شهرتي 180 أغنية، الى أن سطع نجمي مع أغنية “الحاصودي”.
جمعتني الصدفة بالملحنين ماهر وثائر العلي والكاتب أحمد شحادة الذي نتج عنها عمل جماعي تضمن أربع أغاني وهي، أغنية “الحاصودي” التي شاركت في كلماتها وألحانها و”يا حميد الشينينة” و”برمشها سكينة” و”يا طير الشادي”. صدرت هذه الأغاني في “كاسيت” ولم تكن مختلفة عن الاصدارات السابقة من حيث بساطة المعدات والتقنيات الإنتاجية. في أول خمسة أشهر من صدور “الحاصودي” لم يسمع لها أية أصداء ولكنها ما لبثت أن فاجئتني وانطلقت الانطلاقة الصاروخية الكبيرة. وكنت قد أصدرت أغاني غيرها ومللت من غنائها وقدمت كاسيت “عيد العشاق” في بداية العام 2001. ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يدهش عبده، فأدهشني بهذه الانطلاقة غير المتوقعة. وحتى اليوم لا أعرف كيف انتشرت هذه الأغنية ولكن أغلب الظن أنها استطاعت أن تتخطى الداخل لتصل الى العالم العربي عن طريق السواح الذين كانوا يزورون اللاذقية ويأخذون “الكاسيت” معهم الى الخارج. وفي شهر تموز (يوليو) حدث ما لم يكن متوقعاً، فقد بدأت الاتصالات تتوالى عليّ من الخارج لتلبية إحياء الحفلات في استراليا وبريطانيا وغيرها..
– تعكس كلمات أغانيك بساطة حياة الضيعة وحبك لها ولأهلها، لماذا تتجه دائما الى إبراز هذه الناحية؟
– أنا لم أغنِ من أجل الشهرة بل غنيت للأرض وللضيعة وللناس التي أحبها. تخصصت بغناء اللون الريفي الأصيل الذي يحكي عن الأرض، وأنا متعلق كثيراً بأرضي وأصدقائي وأهلي، وأعشق ضيعتي وبساطتها وأعشق ضوء القمر على سطوح ضيعتي ومسائها، ومهما شربت من مياه في العالم يبقى لمياه العين في ضيعتي طعم خاص. عين ضيعتنا تشفي العليل وتروي الظمآن وليس هنالك أطيب من هذه الماء. فعندما نكون عائدين من سهراتنا، نمر من جنب العين ونسمع رقرقة الماء تدق بصوت أجمل من موسيقى بيتهوفن، فنروي عطشنا منها ونغسل وجوهنا قبل أن نكمل المسير الى بيوتنا.
– ماذا تقول عن الأغنية الشعبية اليوم؟
– مع احترامي للجميع في الوطن العربي، الكل أصبح يقلد ويغني اللون الشعبي حتى لو لم يلق بهم. فبعد أن كان هذا اللون غير معروف وحتى غير مرغوب، أصبحت كل السهرات قائمة على الغناء الشعبي، ليصبح “الستيل” السائد.
– ما هو سر عشقك وأدائك للأغنية الشعبية عن سواها؟
– أنا تربيت على أغاني العملاق وديع الصافي وهو بنظري أكبر فنان في العالم وتميز بلون شعبي خاص فكانت البداية الحقيقة لهذا اللون معه. فهو الذي غنى “غابت الشمس وبردت النسمات.. ولبست قميصها الليل ضيعتنا” وغنى: “دق باب البيت عالسكيت وكنت وحدي بالهمسا بالبيت” وغيرها.. وأنا غنيت: “معاود عالضيعة يامي اشتاقت للزرع زنودي ولك يا سنابل لا تهتمي راجعلك الحاصودي”. فاللون الذي أغنيه امتداد لما غناه الصافي ولكن بأسلوبي الخاص. وقال لي الصافي في إحدى المناسبات التي كان لي شرف الغناء معه فيها: “صوتك من الجرد وصوتك جبل”. بكل بساطة اللون الشعبي يلامسني ويحاكي ذاتي لذلك اخترته عن باقي الألوان الغنائية.
– الى أي مدى تتدخل في كلمات وألحان أغنياتك؟
– لا يمكن أن أوافق على أي أغنية دون أن أتدخل فيها، لأتأكد أنها تعكس ما أريد. فتجدني أتدخل بالكلمة واللحن والتوزيع والتسجيل والميكس والكورال لأتأكد أن كل شيء كما يجب وكما أريد.
– كيف كانت سنة الـ2011 عليك؟
– لا أريد ان أجامل كالذي “يضع يده أمام عينيه فلا يراها.. فيكون أعمى”. الحمدلله كانت سنة أكثر من ممتازة على الصعيد العائلي والفني. ولكنني حزين جداً على ما يحدث في العالم العربي أجمع لأننا بلدان تعشق السلام ولم نتربَ على جرح وأذية بعضنا البعض.
– ما هو موقفك مما يدور في سوريا اليوم؟
– لن أدخل في التفاصيل حول ما يدور في سوريا. ولكن أدعو الله أن تبقى هذه الأمة بخير ويبقى بلدنا وقائدنا وشعبنا بخير، وتبقى سوريا أم الفقير، فهي قلب العروبة النابض منذ الأزل كما قال عنها جمال عبد الناصر وكما دعا لها سيدنا الرسول (ص). والله اذا أراد إمتحان الانسان، يمتحنه بصحته وهو اليوم يمتحننا بصحة بلدنا وان شاء الله سوف تمر هذه المحنة بسلام. وأقول للتائه: أنت اليوم اذا كنت صاحب حق لا تأتي وتذبح أخاك في الشارع وتظن أنك بذلك تحقق بطولة. هؤلاء التائهون يرتكبون مجزرة بحق الله وبحق الوطن وبحق العروبة. فنحن كشعب لم ننم يوما جائعين أو عطشانين وكنا دائماً معززين مكرمين.. نحن سوريا العروبة وسوريا الصمود..
– ما هو جديدك للعام 2012؟
– استقبلت العام الجديد بأغنيتين، احداهما “ديو” مع الفنانة لورا خليل واسمها “ما زمر ابنيك” كلمات أجسم شويرا وألحاني وألحان أجسم شويرا أيضاً. وأغنية باللهجة العراقية اسمها “خانتني” من كلمات مجبور انساك وألحان أيسر القاسم وتقول: حلفتلي ترجعلي تالي راحت ما جتني شمسوي يا ربي مأمن بيه وخانتني..
– ماذا قدم لك أبناء الجاليات العربية في الاغتراب؟
– هم الذين صنعوا علي الديك، ولهم كل الفضل في شهرتي. الجاليات العربية قدمت لي نجاحي ولولا دعمهم لي لما استمريت. وأهم شيء أن يكون الفنان مجتهدا وطموحا وصادقا مع نفسه كي يكون صادقاً مع الآخرين.
– لماذا لم تتعاقد مع أي شركة إنتاج حتى الآن؟
– أنا حتى اليوم لم أوقع مع شركة إنتاج ولن أوقع على أي عقد الا اذا جاء ما هو أكثر مما أريد وأطمح له. لأنه بأيام المحن والعزا والشحار كنت أنتج الأغاني وانشاء الله سأستمر بالإنتاج لي وللكثيرين معي. وعرضت عليّ الكثير من الشركات عقوداً مختلفة ومنها أهم شركة إنتاج في العالم العربي، أتحفظ عن ذكر اسمها، ولكن العقد بقدر ما كان مغرياً كان ملتوياً، خصوصاً في البند الأخير الذي مفاده “اذا صدر أي خلل من الفنان يحق للشركة أن تفسخ العقد”، فقلت لهم وماذا ان حدث الخلل من قبل الشركة؟ فكان جوابهم أنه لا يحق لي أن أفسخ العقد، فرفضت العرض من أساسه..
– من هم منافسوك في الوسط الفني؟
– أبشع شيء أن يظن الفنان أن بإمكانه إحتكار الناس. فالناس ستحبني وستحب غيري وهذا هو المنطق الطبيعي، وعلى هذا الأساس ليس هنالك من منافسة وعلى كل فنان أن يجتهد ليقدم الجديد للناس مع الحفاظ على الرقي المطلوب والالتزام بمعايير شرقيتنا.
– من له الفضل في شهرتك ونجوميتك؟
– رضا الله ورضا الوالدين.
– كلمة أخيرة؟
– أطلب من الله السميع العليم أن يحفظ الأمة العربية من كل غمة وأن يبقى العرب منارة في سماء العالم. فيجوز الاختلاف في الآراء ولكن يجب دائماً أن نجتمع على محبة الله ومحبة بعضنا البعض ومحبة أمتنا.
نبذة عن حياته
ولد الفنان علي الديك في ضيعة الزيتونة في رأس البسيط في اللاذقية وهي من المناطق الجميلة على الساحل السوري. تتألف عائلته من أربعة أخوة وأختين، كان لقب عائلته هرمز ولكن جرى تغييره الى الديك. اشتهر بأغانيه الشعبية ولونه الغنائي الخاص والمتميز التي حقق له شهرة في كل انحاء العالم العربي.
أشهر أغنياته: “الحاصودي”، “الشاه بندر”، “علوش”، “حسنا”، “الموعد”، “ع كرومي لاقيني”، “وحياتك رح تندم”، “هاتي الحطب يا جده”، “الضيعة”، “أبو شحاده”، “يا حامل الشنينه”، “مشعلك يا تنور”، “يا عمري”، “الناطور”، “صايعين وضايعين”، “خانتني”، “ما زمر ابنيك” وغيرها من الأغاني..
Leave a Reply