اطلاق الصواريخ مؤشر .. وتطبيق الفصل السابع عاد يُطرح اتجاه لدى حكومة السنيورة لفتح معركة السلاح خارج المخيمات
بيروت – اثناء الحرب الاسرائيلية الثانية على لبنان في الصيف الماضي، خرج الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» ايمن الظواهري، واعلن ان عناصره سوف تتخذ من لبنان وجنوبه تحديداً، نقطة انطلاق لعمليات ضد اسرائيل، وارفق ذلك بشن حملة عنيفة على القوات الدولية ووجودها في لبنان ووصفه بالاحتلال، وان مجيئهم هو عودة للحروب الصليبية، وسيتم التعامل معهم على هذا الاساس.لم يتوقف اللبنانيون والقيادات منهم عند رسالة الظواهري المتلفزة كعادته، بل تعاطوا معها بكثير من اللامبالاة، الى ان ظهر تنظيم «فتح الاسلام»، فروجت اطراف السلطة على انه فرع من فروع المخابرات السورية، ولم تنظر اليه بجدية، الى ان وقعت جريمة عين علق وتبين ارتباطه بها، واشارت الجهة نفسها انها من صنع المخابرات السورية. بعد اطلاق صواريخ «الكاتيوشا» من منطقة العديسة المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة على مستعمرة «كريات شمونة» القريبة، وهو الحادث لاول من نوعه الذي يقع منذ وقف الاعمال العسكرية بين اسرائيل والمقاومة الاسلامية اثر صدور قرار مجلس الامن 1701، توقف المراقبون امام توقيت اطلاق هذه الصواريخ عشية ذكرى اندلاع العدوان الاسرائيلي على لبنان في 12 تموز 2006، وبدأ السؤال من يقف وراء هذه العملية والهدف منها.الجواب جاء اولاً من «حزب الله» ان لا علاقة له باطلاق الصواريخ دون ان يحدد الجهة التي تقف وراء العملية، ثم من تنظيمات فلسطينية نفت علمها بها لا سيما التي هي على علاقة تحالفية بسوريا كالجبهة الشعبية-القيادة العامة برئاسة احمد جبريل و«فتح الانتفاضة» برئاسة ابو موسى.ولم يمض وقت قليل على سقوط الصواريخ على المستعمرة اليهودية، حتى كان ايهود اولمرت رئيس حكومة العدو الاسرائيلي يعلن من واشنطن وقبل لقائه الرئيس الاميركي جورج بوش، عن احتمال ان يكون تنظيم «القاعدة» في لبنان وراء العملية، وقد اعلن تنظيم يطلق على نفسه «جهاد البدر» مسوؤليته عن اطلاق الصواريخ.وفي التحقيقات التي اجرتها الاجهزة الامنية والقضائية مع عناصر «القاعدة» الذين تم اعتقالهم في مخيم نهر البارد او مناطق لبنانية اخرى، كانوا يعترفون انهم في لبنان ليقاتلوا اليهود والقوات الصليبية (الدولية) والجيش الصليبي (اللبناني) ورفع راية السنة وعدم ترك الساحة للشيعة (حزب الله) يقاتلون اسرائيل، وهم سيتحركون باتجاه الجنوب لا سيما منطقة العرقوب التي فيها كثافة سكانية سنية لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والانطلاق نحو فلسطين.فهذا التنظيم قرر ان يكون لبنان ساحة جهاد لمقاتلة القوى اليهودية والصليبية والكفار والمرتدين والرافضة، وان اطلاق صواريخ «الكاتيوشا» يدخل في اطار ارسال رسالة منه، الى كل الاطراف ان قواعده اصبحت في الجنوب، وسيخوض المعارك ضد القوات الدولية والجيش اللبناني اذا وقفوا في طريق عناصره.وبدأت قيادة القوات الدولية تأخذ على محمل الجد تهديدات «القاعدة»، واقامت تحصينات حول مواقعها خوفاً من عمليات انتحارية، وكذلك شدد الجيش اللبناني من اجراءته ومراقبته، لان هذا التنظيم الذي تتفرع منه «فتح الاسلام» التي اصيبت بضربة قوية في مخيم نهر البارد، قرر نقل المعركة الى الجنوب، وقصف المستعمرات، لاشعال حرب مع اسرائيل التي هددت برد موجع لو تكررت مثل هذ العمليات، ووقعت اصابات في صفوف المستوطنين.وحاول بعض اطراف 14 شباط الغمز من قناة سوريا انها هي من يقف وراء اطلاق الصواريخ، بعد هزيمة «فتح الاسلام» في مخيم نهر البارد، وقد سعى بعض المسوؤلين الاسرائيليين الى مجاراة هؤلاء بهذا الادعاء، والاشارة الى ان اطرافا فلسطينية وليس تنظيم «القاعدة» وراء العملية لتبرير نشر قوات دولية عند الحدود اللبنانية-السورية وتوسيع نطاق عمل وصلاحيات القوات الدولية شمال الليطاني، وصولاً الى تطبيق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة على لبنان، واستقدام قوات متعدد الجنسيات للانتشار فيه، وتنفيذ القرارات لا سيما 1559 و1701. فمثل هذا التوجه لدى اطراف السلطة موجود، وهو ما كان تضمنه مشروع القرار الاميركي-الفرنسي الذي جرى تسويقه اثناء العدوان الاسرائيلي وكان يطالب باصدار قرار مجلس الامن تحت الفصل السابع، لكن المقاومة العسكرية اسقطته بصمودها والمقاومة السياسية التي كان يقودها الرئيس نبيه بري بمفاوضاته افشلته ومنعت تمريره، الذي لم يرفضه الرئيس فؤاد السنيورة. وهكذا، بدأ الجنوب يدخل مرحلة جديدة قد تهدد «الستاتيكو» الذي رسمه القرار 1701، وستدخل «القاعدة» كطرف في مواجهة اسرائيل لاستقطاب السنة ورفعهم.وفي ظل هذا التطور واذا كشفت التحقيقات ان عناصر من «القاعدة» تقف وراء اطلاق الصواريخ، فان لبنان يكون امام منعطف مصيري، وخلط اوراق في اللعبة الداخلية وحتى العربية والاقليمية والدولية، ويصبح موضوع السلاح ووجوده خارج الشرعية مطروحاً للمعالجة بقوة، وقد يكون اختبار الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد، هو «بروفة» لمعارك اخرى في مخيمات واماكن فيها وجود مسلح غير شرعي، وتحديداً للجبهة الشعبية-القيادة العامة في قوسايا (البقاع الغربي) والناعمة (بالقرب من بيروت في ساحل الشوف)، وحلوى في راشيا حيث يتمركز عناصر من «فتح-الانتفاضة»، ويكثر الحديث عن ان المعركة المقبلة للجيش هي مع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وقد طلبت حكومة السنيورة من الجامعة العربية ان تساعدها لتطلب من سوريا سحب هذه العناصر التي تقف عند حدودها الى داخل اراضيها، لان لبنان سوف ينفذ ما تم الاتفاق عليه على طاولة الحوار لجهة عدم وجود سلاح خارج المخيمات، وتطبيق القرار 1559.وتوجه الحكومة نحو هذه المعركة تحت عنوان السلاح خارج المخيمات، فانها تبعث برسالة الى سوريا انها قررت اجتثاث من يعمل لصالحها في لبنان وتتهمهم بانهم يقومون باعمال اغتيال وتفجير .فـ«القاعدة» التي تقوم بعمليات على مستوى العالم ضد مصالح اميركا وحلفائها، وضد الانظمة التي تتعامل معها وتتأمر على المسلمين وفق ما يقول قياديو هذا التنظيم الاسلامي الاصولي، فان وجوده في لبنان قرّبه من مقاتلة اسرائيل، وان ظهوره في غزة هو في الاتجاه نفسه، وعندها يصح ما قاله الكاتب الاسرائيلي في صحيفة هارتس افرام روبنشتين، بان على الحكومة الاسرائيلية ان تحاور «حماس» الان، حتى لا ترى نفسها قريباً امام تنظيم «القاعدة».
Leave a Reply