بغداد – شهد العراق، مطلع الأسبوع الماضي، أكثر الأيام دموية منذ حوالي العامين، حيث قتل 111 شخصا، وأصيب حوالي 270، في تفجيرات وهجمات منسقة بلغ عددها 27 وتركز معظمها على اهداف شيعية، بعد يوم من تهديد أطلقه «أمير دولة العراق الإسلامية»، التابعة لتنظيم القاعدة، أبو بكر البغدادي، وأعلن فيه انطلاق ما وصفه بعملية «هدم الأسوار»، التي يبدو أنها تستهدف إثبات قدرة التنظيم على توجيه ضربات أمنية موجعة تستفز الفتنة المذهبية بين العراقيين، وتتقاطع مع التحولات الاخيرة التي تشهدها الأزمة السورية، والتي رفضت فيها الحكومة العراقية طلب الجامعة العربية بتنحي الأسد.
وأبرزت هذه التفجيرات والهجمات، التي دانتها دمشق وطهران على الفور، مدى تمكن البنية التحتية للإرهاب التي خلفها الأميركيون وراءهم بعد انسحابهم نهاية العام الماضي كما كشفت أوجه القصور في قوات الأمن العراقية التي لم تتمكن من منع المسلحين من استهداف مواقع متعددة في أنحاء متنوعة من البلاد. وكان البغدادي دعا «شباب المسلمين» إلى التوجه إلى العراق، معلنا عن «بدء عودة» التنظيم إلى مناطق سبق أن غادرها، وعن خطة جديدة لقتل القضاة والمحققين والقوات الأمنية. وأضاف إن دعوته هذه تأتي بهدف «توطيد أركان دولة الإسلام وجهاد الرافضة الصفويين شيعة المجوس».
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن بلاده ترفض سياسة المحاور في المنطقة رافضاً أن تحسب بلاده على أي منها، معتبراً أن التفجيرات المتواصلة في العراق تهدف الى تدمير قدرة العراق على النهوض وجعله ملعباً لصراعات المحاور.
وحسب «رويترز» حمل مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى «دولة العراق الإسلامية» المسؤولية عن التفجيرات والهجمات. وقال إن «الهجمات الأخيرة تمثل رسالة واضحة بأن القاعدة في العراق عازمة على إشعال حرب طائفية عنيفة».
وأضاف «مع ما يحدث في سوريا من تطورات فإننا يجب أن نتعامل بجدية مع التهديد الذي تمثله هذه التفجيرات ضد بلدنا. القاعدة تحاول أن تدفع العراق إلى حافة حرب أهلية بين الشيعة والسنة».
ووقع في اليوم الدامي 27 هجوما منسقا، شملت تفجيرات انتحارية وعبوات وسيارات وأخرى مسلحة، في 19 مدينة عراقية، استهدفت غالبيتها مراكز أمنية وعسكرية للشرطة والجيش في شمال ووسط وغرب وجنوب والبلاد. وهذه الهجمات هي الأكثر دموية منذ مقتل 119 شخصا في سلسلة تفجيرات وهجمات في أيار (مايو) العام 2010.
وأعلنت مصادر أمنية وطبية مقتل 111، وإصابة 268 على الأقل، في تفجيرات وإطلاق نار في مناطق شيعية من بغداد وبلدة التاجي التي تسكنها أغلبية شيعية ومدينتي كركوك والموصل شمال البلاد وأماكن أخرى.
ومن جهته، اعتبر «حزب الله»، في بيان، أن «هذه التفجيرات المجرمة، التي تترجم الممارسات الدموية لبعض الجماعات المسلحة، تلبي رغبة أعداء الأمة من خلال ترويعها المواطنين وقتلها الأبرياء ونشر الفتن الطائفية والمناطقية وتدمير مؤسسات الدولة، في ما تبدو أيادي أجهزة الاستخبارات الأجنبية واضحة في دفع هذه الجماعات الضالة، بعلمها أو من دون علمها، إلى ارتكاب المجازر والحؤول دون استعادة العراق عافيته بعد خروج قوات الاحتلال الأميركي منه».
Leave a Reply