حزمة مساعدات لصنعاء بأربعة مليارات دولار: أمن السعودية من أمن اليمن
صنعاء، الرياض – أقر “مؤتمر أصدقاء اليمن” في الرياض، الأسبوع الماضي حزمة مساعدات بقيمة أربعة مليارات دولار، غالبيتها سعودية، للبلد الأكثر فقراً في الجزيرة العربية، والمهدد اقتصاده بالانهيار بفعل الازمات المتعددة التي تعصف به.
ويأتي ذلك في وقت حذرت سبع وكالات إغاثة من ان نحو نصف سكان اليمن (حوالي 10 ملايين نسمة) ليس لديهم ما يكفي من الغذاء، وأن القوى العالمية غير مستعدة للمساعدة بسبب اضطراب الوضع السياسي في البلاد. ودعت وكالات الإغاثة الى القيام بإجراء سريع لتجنب الكارثة. وقال المدير الدولي في منظمة “أوكسفام” بيني لورانس إن “المانحين يتبنون سياسة قصيرة النظر لتركيزهم فقط على السياسة والامن في هذا البلد”. وأضافت في بيان “عدم الاستجابة على نحو كاف للاحتياجات الانسانية الآن سيعرض مزيدا من الارواح للخطر ويزيد من الفقر وقد يقوض الانتقال السياسي في البلاد”.
وأعلن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل انه “حرصا من المملكة على امن واستقرار اليمن، ستقدم السعودية 3 مليارات و250 مليون دولار مساهمة منها لدعم المشاريع الانمائية”، مشيرا الى “تمويل وضمان صادرات سعودية ووديعة في البنك المركزي اليمني” من دون ان يكشف حجمها.
وشاركت في “مؤتمر اصدقاء اليمن” نحو 30 دولة ومنظمة تعنى بالشأن الانساني، أبرزها دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وكبرى المنظمات التابعة للامم المتحدة.
ووصف الفيصل، الذي نفى وجود تفكير في ادخال قوات دولية إلى اليمن، لأن “هناك رفض للتدخل في شؤونه الداخلية”، اجتماع الرياض بأنه “بناء وايجابي .. والدعم السعودي يشمل التعاون مع الحكومة لتقديم الخبرة والمعونة التي تحتاجها في المجالات الاقتصادية والامنية والعسكرية”. وأعاد الفيصل، الذي اعلن ان بلاده “ستستضيف المؤتمر المقبل للمانحين بين 27 و30 حزيران المقبل”، التذكير بأن السعودية “قدمت خلال مؤتمر لندن للمانحين (2006) مبلغ مليار دولار.. كما قدمت مؤخراً دعماً في قطاعي البترول والكهرباء، ومن المتوقع ان يتم توقيع اتفاقيتين في قطاع الخدمات الصحية والكهرباء بقيمة 105 ملايين دولار”.
بدوره، قال وزير الدولة في وزارة الخارجية البريطانية اليستر بورت خلال مؤتمر صحافي في ختام الاجتماعات ان المؤتمر “اعلن مساعدات بقيمة اربعة مليارات دولار”، موضحاً ان حصة بلاده “تبلغ 44 مليون دولار”.
وفي شباط (فبراير) 2010، بحث اجتماع للمانحين في الرياض وسائل صرف ما تبقى من مساعدة مالية بقيمة 5,7 مليارات دولار وعد بها اليمن في لندن العام 2006، منها 2,5 مليار ملقاة على كاهل الدول الخليجية المجاورة لليمن.
من جهته، قال وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي ان “المملكة تدرك تماماً ان استقرار اليمن عنصر رئيسي في استقرارها”، رافضاً التدخل في الشأن اليمني. وقال “للأسف الشديد هناك من يحاول ان يخلق فتنة وصراعات طائفية.. يجب على إيران أن لا تتدخل في شؤون اليمن”، مؤكداً ان “اليمن لن يتحول الى افغانستان اخرى”.
خطر “القاعدة”
وأعادت المذبحة التي تعرّض لها الجيش اليمني في صنعاء، مطلع الأسبوع الماضي، مشهد القتل والدمار الى العاصمة المنهكة بتحديات نقل السلطة، وأوحى الهجوم الانتحاري الأعنف ضد القوات اليمنية منذ سنوات والذي أوقع خلال تمارين لعرض عسكري 96 قتيلا عسكريا و300 جريح، بأن المعركة المتواصلة في أبين ضد “انصار الشريعة” انتقلت الى العاصمة، خصوصا بعدما تبنت الجماعة التابعة لـ”القاعدة” الاعتداء “ردا على ما يقوم به الأمن المركزي اليمني ضد المجاهدين”، في وقت تعهد الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتشدد في مكافحة التنظيم مؤكدا ان “الحرب على الارهاب مستمرة مهما كانت التضحيات”.
وفي وقت كان الجنود اليمنيون يخضعون للتمرين استعدادا لعرض عسكري في ميدان السبعين عشية إحياء ذكرى الوحدة، فجّر عسكري نفسه وسط سريّة من الجنود ما اسفر عن مجزرة بحسب مصادر عسكرية وطبية. وأكد مصدر عسكري ميداني ان وزير الدفاع محمد ناصر احمد كان موجودا في المكان عندما وقع الانفجار، وكذلك رئيس الاركان في الجيش اليمني اللواء الركن احمد علي الاشول، الا انهما لم يصابا بأذى. والأمن المركزي هو جهاز عسكري نافذ يقود أركان الحرب فيه اللواء يحيى محمد عبد الله صالح، ابن أخي الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
ولم تتأخر حركة “أنصار الشريعة” في اعلان مسؤوليتها عن تفجير العاصمة الذي أعقبته تغييرات في القيادات الأمنية أصدرها هادي. وقالت الحركة في بيان إن الهجوم “وقع عبر استخدام حزام ناسف… ويأتي للرد على ما يقوم به الأمن المركزي اليمني من جرائم بحق شباب الثورة وبحق المجاهدين الذين تم استهدافهم في 11 شباط 2011 في العاصمة صنعاء”. كما قال جناح تنظيم “القاعدة” في اليمن إن التفجير الانتحاري كان “ردا على الحرب الأميركية” على أتباعه في جنوب اليمن، وإن الهجوم “استهدف وزير الدفاع اليمني وكبار القادة”. وحذرت الجماعة من المزيد من الهجمات ما لم تتوقف الحملة العسكرية في أبين.
وكان مسؤولون محليون يمنيون قد كشفوا أن اسلاميين متشددين اصابوا مدربا عسكريا أميركيا في اليمن بجروح خطيرة بعد اطلاق النار عليه الاحد الماضي. وتفقد قائد في القوات الأميركية الخاصة خط المواجهة في جنوب اليمن في زيارة سلطت الضوء على مدى انخراط واشنطن في العمليات القتالية داخل اليمن.
أوباما “قلق جدا”
بدوره، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه يشعر بقلق بالغ إزاء نشاط مسلحي “القاعدة”، وتعهد بمواصلة تقديم الدعم لمساعدة اليمن في التصدي للعنف. وأوضح أوباما للصحفيين في ختام قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في شيكاغو “سنواصل العمل مع الحكومة اليمنية من أجل التعرف على قادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية واستهدافهم وإلحاق الهزيمة بهم”، واعتبر أن تقديم الدعم للجيش اليمني يخدم الأمن القومي للولايات المتحدة مثلما يخدم استقرار اليمن والإقليم كله.
Leave a Reply