ردفورد – يوم 26 تموز (يوليو) المنصرم، تمكنت السلطات الفدرالية من إلقاء القبض على لاجئ عراقي قام بإزالة جهاز المراقبة الإلكتروني عنه، في محاولة منه لتفادي ترحيله إلى وطنه الأم بعيداً عن زوجته وأبنائه.
وكان من المقرر أن يتوجه علي نجم السعدون (34 عاماً)، إلى مطار ديترويت الدولي بتاريخ 23 حزيران (يونيو) الماضي ليستقل طائرة العودة إلى بلاده تنفيذاً لقرار ترحيله بناء على إدانته بجرائم جنائية سابقة ارتكبها عام 2012. إلا أن السعدون قرر في ذلك اليوم قطع جهاز المراقبة المثبت على كاحل قدمه، وظل مختفياً عن الأنظار إلى أن تمكنت السلطات من تحديد موقعه واعتقاله، بعد نحو شهر من تخلصه من جهاز الرصد الإلكتروني الذي تم العثور عليه بالقرب من تقاطع الطريق السريع «96» وشارع وست شيكاغو في ديترويت في اليوم التالي.
ومثل السعدون أمام المحكمة الفدرالية في ديترويت الاثنين الماضي، حيث قرر القاضي إبقاءه قيد الاحتجاز إلى حين مثوله مع محاميته مجدداً أمام القضاء في 5 آب (أغسطس) الحالي.
وقال خالد وولز، المتحدث باسم «آيس»، إن العملاء الفدراليين حددوا موقع السعدون أمام منزل في بلدة ردفورد يوم الجمعة الماضي. ولدى رؤيته لعناصر الوكالة، ركض السعدون إلى داخل سكنه محاولاً الاختباء، حيث قام بإقفال الأبواب الأمامية والخلفية وسدها بالأثاث والأجهزة المنزلية، على حد قول وولز.
وقال وولز إن عناصر «آيس» عرّفوا أنفسهم على أنهم من الشرطة وأنهم يريدون اعتقال السعدون بموجب مذكرة قضائية، لكن الأخير رفض الاستجابة لهم ولجأ إلى استخدام زوجته وابنتيه القاصرين كدرع حماية لمنع اعتقاله، قبل أن يتمكن عناصر «آيس» من مداهمة المنزل والقبض عليه، وفقاً لوولز.
وقالت محامية السعدون، شانتا درايفر، إن موكلها قضى معظم حياته في ميشيغن ولديه ستة أطفال مواطنين أميركيين، مشيرة إلى أنه قطع جهاز المراقبة لأنه غير متقبل لفكرة العودة إلى العراق. وأوضحت أن إبعاد السعدون سيكون بمثابة حكم بالإعدام بالنسبة له، لافتة إلى أن «شقيقه أعيد إلى العراق قبل نحو أربع سنوات ولم يسمع عنه أحد منذ ذلك الحين».
وحضرت زوجة السعدون، بلقيس فلوريدو، جلسة المحكمة مع اثنين من أطفالها، وقالت إن زوجها كان في منزله في بلدة ردفورد منذ قطع الجهاز الإلكتروني. وأضافت أن زوجها كان يعانق أطفاله الذين كانوا يتشبثون به عندما اقتحمت الشرطة منزلهم للقبض عليه، ولم يكن يستخدمهم كدروع.
ودعت فلوريدو إلى منح زوجها فرصة ثانية لإثبات أهليته للبقاء في الولايات المتحدة، واصفة قرار ترحيله بأنه أشبه بـ«الإعدام».
وأدين السعدون بعدة جنايات ارتكبها قبل العام 2013، فيما باشرت دائرة الهجرة والجمارك إجراءات ترحيله بناء على قرار قضائي صدر أثناء قضاء السعدون فترة عقوبته خلف القضبان عام 2015.
وفي عام 2017، انضم السعدون إلى دعوى جماعية تقدم بها «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» لمنع ترحيل مئات المهاجرين العراقيين الذين اعتقلتهم «آيس» صيف ذلك العام، في إطار حملة وطنية أسفرت عن اعتقال 1400 عراقي في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بينهم 114 من ميشيغن.
ورفض القضاء طلب السعدون لإعادة فتح قضية ترحيله في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، وظل محتجزاً مع سائر المهاجرين العراقيين المعتقلين، إلى أن أفرج عنه مع آخرين في كانون الأول (ديسمبر) 2018، بناء على قرار أصدره القاضي الفدرالي في محكمة ديترويت مارك غولدسميث، بعدم قانونية احتجاز الرعايا الأجانب لأجل غير مسمى.
غير أن محكمة الاستئناف الفدرالية السادسة نقضت قرار غولدسميث لعدم الصلاحية، وأمرت بمواصلة إجراءات الترحيل في نيسان (أبريل) المنصرم.
ووضع السعدون تحت المراقبة بواسطة جهاز إلكتروني لرصد تحركاته عبر نظام الملاحة GPS، وبعد إصدار الحكومة العراقية لوثائق السفر المطلوبة لإعادته إلى وطنه الأم، حددت سلطات الهجرة يوم 24 يونيو موعداً لسفره.
وقد ظهر السعدون وفقاً للتعليمات في مكاتب «آيس» يوم 21 يونيو، حيث تم إعطاؤه التعليمات بشأن عملية ترحيله، إلا أنه توارى عن الأنظار في يوم السفر المحدد، ولم يتم القبض عليه حتى 26 يوليو.
ويشار إلى أن للسعدون سجلاً عدلياً حافلاً بالسوابق الجنائية، إذ تشير سجلات محكمة مقاطعة وين إلى أنه حكم عليه بالسجن لمدة تتراوح بين 3 و15 سنة في 2012 بتهم الاقتحام والسرقة.
وقبل ذلك أدين بعدة تهم بين العامين 2004 و2009 دون أن يحكم عليه بالسجن، حيث أخضع للمراقبة بموجب عدة أحكام قضائية صادرة بحقه في حوادث منفصلة، من بينها السرقة، والكسر والخلع، ودخول منزل من دون إذن، وقيادة سيارة بشكل غير قانوني، والفرار من الشرطة.
وقالت فلوريدو للصحفيين خارج قاعة المحكمة الفدرالية الاثنين الماضي، إن زوجها نادم على ماضيه الإجرامي، مؤكدة أنه لو كان يعلم بأن هذه ستكون نتيجة أفعاله، «ما كان ليفعل ذلك أبداً… إنه يعلم الآن أنه أخطأ».
وستعيد المحكمة النظر في قضية ترحيل السعدون في جلسة استماع تعقد يوم 5 أغسطس القادم.
Leave a Reply