طرابلس – حاول “الزعيم” الليبي معمر القذافي امتصاص “الصدمة الأولى” التي تمثلت بالثورة العارمة التي طردت نفوذه من أغلب المدن اللييبية وطرقت أبواب العاصمة طرابلس، وانقض على بعض المدن والمناطق الاستراتيجية في البلاد ليعيد تثبيت أقدامه، إلا أن الثوار الليبيون حققوا انتصارات على خط المواجهة مع القوات الموالية للرئيس باتجاه الغرب، بعدما تمكنوا من صد الهجوم، على بلدة البريقة الإستراتيجية في شرقي البلاد، دافعين بقوات النظام نحو بلدة رأس لانوف، التي أصبحت هدفاً جديداً قد يسهّل عليهم مواصلة التقدم باتجاه طرابلس لتحريرها من قبضة النظام، في وقت بدا أن الصراع بين الطرفين قد وصل إلى نقطة اللاعودة، وهو ما ظهر في رفضهما وساطة عرضها الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، صديق القذافي، لحل الأزمة، فيما جدد الرئيس الأميركي باراك أوباما مطالبة الرئيس الليبي بالتنحي، مشيراً إلى أنّ كل الخيارات ما زالت قائمة في تعامل الولايات المتحدة مع الوضع في ليبيا.
وقصفت طائرات حربية تابعة لنظام القذافي مدنا في عمق الشرق الذي يسيطر عليه المتمردون، لكن خط المواجهة البري تحرك إلى بلدة العقيلة الساحلية التي تقع على بعد 40 كيلومترا غربي البريقة. ويمثل الطريق الساحلي المطل على البحر المتوسط شريانا حيويا يربط بين المناطق الشرقية والغربية في ليبيا، ويفصل بين معارضي الرئيس الليبي ومنطقة مركزها طرابلس لا تزال تحت سيطرته.
وفي طرابلس، قال رئيس مؤسسة النفط الليبية شكري غانم إن انتاج ليبيا من النفط انخفض إلى النصف بسبب أعمال العنف التي تشهدها البلاد. وأوضح أن “إنتاج ليبيا من النفط انخفض إلى النصف بسبب خروج العمال الأجانب لعدم شعورهم بالاطمئنان”، مشيراً إلى أنّ “هناك أيضا خروج العمال الليبيين، لكن الأجانب بمعظمهم من الفنيين، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج”.
وساطة تشافيز
في هذا الوقت، أعلن الثوار والنظام، ممثلاً بابن الرئيس سيف الإسلام القذافي، رفضهم عرض فنزويلا تشكيل لجنة دولية لإجراء مفاوضات للتوصل إلى “حل سلمي” للنزاع.
وقال المتحدث باسم “المجلس الوطني” الذي شكلته المعارضة مصطفى الغرياني، من بنغازي، “لن نقبل أبداً بالتفاوض مع أي كان على دماء شعبنا. الشيء الوحيد الذي يمكن أن نتفاوض بشأنه مع تشافيز هو رحيل القذافي إلى فنزويلا”. وأضاف “بعدها سنطالبه بتسليمنا القذافي لتقديمه إلى العدالة”.
وقال ابن القذافي، سيف الإسلام، رداً على سؤال في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز” عن عرض وساطة من فنزويلا في الأزمة الليبية، إنه لا توجد حاجة لأي دور أجنبي في إنهاء الأزمة، مشيراً على أنه لم يسمع بشأن العرض من تشافيز.
وقال وزير الإعلام الفنزويلي اندريس اثارا، الذي أشار إلى أن تشافيز ناقش الاقتراح مع القذافي، إن ليبيا قبلت بهذه الخطة، فيما أعلنت الجامعة العربية أنها “تدرس” هذه العرض الفنزويلي.
أوباما
إلى ذلك، جدد الرئيس الأميركي باراك أوباما دعوته للزعيم الليبي إلى التنحي. وقال أوباما، خلال مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض مع نظيره المكسيكي فيليب كالديرون، إن “القذافي فقد شرعيته للقيادة وينبغي أن يرحل… وهذا هو الشيء الصحيح الذي يجب عمله”.
وحذر أوباما المسؤولين المحيطين بالقذافي من أنه تتم مراقبة أفعالهم، وأن المجتمع الدولي لن يسمح بالهجمات ضد المدنيين، مضيفاً أنه “يتعين عليهم أن يعلموا أن التاريخ يتحرك ضد العقيد القذافي… ودعمهم له واستعدادهم لتنفيذ الأوامر لتوجيه العنف ضد المدنيين هي أمور سوف يحاسبون عليها”.
وأشار اوباما إلى أن كل الخيارات متاحة امام الولايات المتحدة، بما في ذلك الخيار العسكري، لكنه شدد على أن التركيز حاليا ينصب على الوضع الإنساني. ولفت إلى أنّ فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا لحماية المدنيين من الطائرات الحكومية ما زال خيارا، لكنه تعهد بأن يتم تنسيق أي رد في اطار دولي، موضحاً “أود ان نتخذ قراراتنا على أساس الشيء الأفضل للشعب الليبي بالتشاور مع المجتمع الدولي”.
من جهته، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندريس فوغ راسموسن أن الناتو “ليس لديه النية” للتدخل في ليبيا من دون دعم الأمم المتحدة، ولكنه بصدد إعداد الخطط تحسبا لتلقي دعوة من الهيئة الدولية للتدخل.
ومن جهة أخرى، اعلنت وزارة الخزانة الاميركية الاثنين الماضي انها جمدت ارصدة ليبية بقيمة 30 مليار دولار بعد فرض عقوبات على نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، وهو اكبر مبلغ من المال يتم تجميده على الاطلاق. وقال ديفيد كوهن وكيل وزارة الخزانة الاميركية انه سيتم فرض مزيد من العقوبات على النظام الليبي. واشار الى ان الاتحاد الاوروبي تبنى مجموعة من العقوبات تطال 20 شخصا اضافة الى المشمولين في العقوبات الاميركية.
ويشتبه في ان ليبيا وقادتها يحتفظون بحسابات مصرفية بمليارات الدولارات في بنوك اجنبية، تم جنيها من الثروة النفطية الهائلة في ليبيا.
وبحسب رسالة بعثت بها السفارة الاميركية في طرابلس في عام 2010 وسربها موقع “ويكيليكس”، تبلغ قيمة صندوق الثروة السيادية الليبي 32 مليار دولار نقدا كما ان “العديد من البنوك الاميركية تدير ما بين 300 و500 مليون دولار”.
وطلبت وزارة الخزانة من البنوك في وقت سابق التنبه لاية تحويلات ترتبط بقادة ليبيا السياسيين.
وقال كوهن انه لا يوجد اي دليل حاليا على ان السلطات الليبية حاولت اخراج مبالغ نقدية من الولايات المتحدة قبل فرض العقوبات.
واضاف كوهن ان الولايات المتحدة تعتقد ان “ليبيا تمتلك ارصدة كبيرة في اوروبا وان العقيد القذافي واولاده يسيطرون على هذه الارصدة”.
Leave a Reply