عواصم – طغت معارك الكرّ والفرّ بين الثوار الليبيين من جهة وكتائب القذافي الأمنية من جهة أخرى، على أحداث أن الرئيس الليبي معمر القذافي، فيما استمرت الولايات المتحدة والدول الغربية في رفع وتيرة ضغطها على النظام الليبي، رغم تلاقيها معه في عدة مواقف.
ففيما يمضي القذافي في جر البلاد إلى حرب أهلية، تسابق المسؤولون الغربيون، من واشنطن إلى بروكسل، إلى التحذير من عواقبها، بالحديث عن احتمال التقسيم، بعدما نجحت قواته في فرز ليبيا بين غرب تسيطر عليه الكتائب الأمنية التابعة للنظام على معظمه، وشرق يقاتل الثوار للحفاظ على مواقعهم فيه، في مواجهة الآلة المدفعية والجوية التي أجبرتهم على انسحاب من مدينة رأس لانوف الإستراتيجية، في وقت بدأ الحديث يتراجع عن اقتراح فرض حظر جوي فوق أجواء ليبيا، بسبب الخلافات العميقة سواء في الأمم المتحدة أو حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وتقدمت القوات الموالية للنظام الليبي مدعومة بقصف جوي وبري باتجاه مدينة رأس لانوف، المعقل الاستراتيجي الأكثر تقدما للثوار في الشرق، ما اضطر هؤلاء إلى الانسحاب باتجاه مواقع خلفية، من دون أن يتأكد ما إذا كانت القوات الحكومية قد أحكمت سيطرتها على المدينة النفطية.
لكن المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي، الذي شكله الثوار في بنغازي، عبد الحفيظ غوقة، نفى هذه المعلومات، موضحاً أن “كل ما يرى هناك هو القصف بالمدفعية الثقيلة من البحر والجو”، فيما قال مقاتل عرف عن نفسه باسم محمد العربي إن الثوار يسيطرون سيطرة كاملة على المدينة، وإن الوضع “على ما يرام”.
هذه العينة من التناقض في المعلومات كانت الطاغية على جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية.
وفي الغرب، قال شهود عيان إن مدينة الزاوية (40 كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس) باتت تخضع لسيطرة القوات الموالية للقذافي بعد أيام من المواجهات العنيفة مع المعارضين.
في هذا الوقت، قال سيف الإسلام القذافي ان النظام الليبي “لن يستسلم أبدا”، متوعداً الثوار بـ”حرب شاملة”. وقال سيف الإسلام، في مقابلات صحافية، إن “هذه بلادنا، ونحن لن نستسلم أبدا أبدا. هذه بلادنا. ونحن نقاتل هنا في ليبيا وسنموت هنا في ليبيا”. وقال “سنحررها منتصرين”، متوعدا الثوار في بنغازي بالقول “إننا قادمون”.
في المقابل، تعهد الثوار بمواصلة القتال ضد حكم معمر القذافي حتى من دون منطقة حظر جوي. وقالت مسؤولة الإعلام في “تحالف 17 فبراير”، خلال مؤتمر صحافي، إنه “إذا فرضوا (دول الغرب) منطقة حظر جوي فستكون لنا مطالب أخرى، وإذا لم يطبقوها فإننا سنواصل القتال”. وأضافت “لا تراجع بالنسبة لنا. هذا البلد لن يتحملنا معا. إما نحن أو عائلته (القذافي). بعد ما حدث في الزاوية، كيف يمكننا أن نعيش مع هذا الشخص”.
ونفت مصادر المثورة الليبية مزاعم القذافي بأن تنظيم “القاعدة” وراء الانتفاضة التي تهدد حكمه المستمر منذ 41 عاما. وقالت المتحدثة باسم التحالف إن “القذافي يستأجر موظفي علاقات عامة ومستشارين. نحن نتحدث بشكل تلقائي لكن الحق إلى جانبنا”، مضيفة “إذا كنا نحمل السلاح فهو للدفاع عن أنفسنا فحسب. كل ما يقوله (القذافي) عن القاعدة هي دعايته. (وزيرة الخارجية الأميركية) هيلاري كلينتون قالت إنها تشعر بالقلق إزاء القاعدة واحتمالات الحرب الأهلية. نحن فحسب ضد هذه العائلة (عائلة القذافي)، فكيف يمكن أن يكون هذا تصورها”
وفي تقييم ميداني، قال مسؤولون استخباراتيون أميركيون، خلال جلسة استماع امام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ، إن القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي الأفضل تجهيزا من الثوار استعادت زمام المبادرة على ما يبدو، وتستعد لمعركة طويلة قد تكون لصالحها في نهاية المطاف.
وقال مدير الاستخبارات العسكرية الأميركي الجنرال رونالد بورجس أنه “في البداية، كانت قوة الزخم عند الجانب الاخر، وقد بدأ ذلك في التغير. وصلنا إلى نقطة توازن، وقد يكون زمام المبادرة في يد النظام”.
من جهته، قال مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر إنه “مع الوقت اعتقد ان النظام سيتغلب”، مشيراً إلى أن على الثوار أن “يتوقعوا أياما صعبة”. وأضاف أن القذافي بنى جيشه عبر تزويده بأفضل المعدات، وزوّد الوحدات التي ضمن ولاءها له، بأفضل تدريب، لافتاً إلى أن “البنى التحتية للدفاعات الجوية الليبية مع أجهزة الرادارات والصواريخ المضادة للطائرات تعتبر كبيرة، وهي الأكبر في الشرق الأوسط بعد مصر”.
وأوضح كلابر ان نظام القذافي يملك قرابة 31 موقعا مضادا للطائرات ورادارات مخصصة للمراقبة وحماية الساحل الليبي حيث يتركز 80 إلى 85 بالمئة من سكان البلاد، بالإضافة إلى “عدد كبير جدا من قاذفات الصواريخ المحمولة”، موضحا ان الاستخبارات الأميركية “قلقة جدا” من احتمال سقوطها “في أيد غير موثوقة”. وأشار إلى ان القذافي لا يعتزم بأي حال التخلي عن السلطة، و”يبدو انه باق”، مشيراً إلى أنه “في حال عدم تمكن أي من الطرفين من التغلب على الآخر، سيؤدي ذلك إلى تقسيم البلاد فيسيطر القذافي على طرابلس والثوار على بنغازي، أو ان يؤدي إلى ظهور صومال جديدة”.
وفي بروكسل، بات ممثلو حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي موافقين على تسريع إنهاء نظام القذافي والاتصال مع الثوار، ولكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق حول سبل إنهاء الأزمة التي كانت محور مشاورات أجروها الأسبوع الماضي.
وناقش وزراء الدفاع في الحلف الأطلسي مجموعة من الخيارات العسكرية التي أعدها مسؤولو الحلف من ضمنها استخدام سفن تابعة للبحرية للقيام بعمليات إنسانية، وفرض حظر جوي على ليبيا.
من جهة أخرى، قالت مصادر مقربة من الرئاسة الفرنسية إن الرئيس نيكولا ساركوزي سيقترح على شركائه الأوروبيين “ضربات جوية محددة الأهداف” في ليبيا ضد قوات العقيد معمر القذافي، في حين أكد حلف شمال الأطلسي (ناتو) أن أي عمل عسكري له في ليبيا يجب أن يستند إلى تفويض واضح ودعم إقليمي.
Leave a Reply