قبول حكومة السنيورة بتعديل الدستور لقائد الجيش يسقط ادعاءات الاكثرية
القرار 1559 الذي صدر عن مجلس الامن الدولي في 2 ايلول 2004، وتزامن صدوره مع دعوة مجلس النواب التمديد لرئيس الجمهورية السابق اميل لحود، وورد في بنده الاول عدم المس بالدستور اللبناني، كان يحذر بذلك من تعديله لصالح بقاء الرئيس لحود في سدة الرئاسة لمدة ثلاث سنوات اضافية بعد انتهاء ولايته، كما تضمن القرار بندين يتعلقان بإنسحاب القوات السورية من لبنان، ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.هذا القرار اعتبره الرئيس نبيه بري قبل اشهر انه لم يعد موجوداً، بعد مشارفة ولاية الرئيس لحود الممددة على الانتهاء، وقد انتهت فعلاً في 42 تشرين الثاني الماضي، واصبح موقع الرئاسة الاولى فارغاً، بعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية.وكان واضحاً ان هذا القرار لم يكن يقصد رفض تعديل الدستور، لان من وقف ضد التمديد للحود، سبق له ومدد للرئيس الياس الهراوي في العام 1995 ولمدة ثلاث سنوات، وخاض كل من الرئيس رفيق الحريري والنائب وليد جنبلاط معركة بقاء الهراوي في القصر الجمهوري، وقد دعمت سوريا موقفهما، واعلن الرئيس حافظ الاسد موافقته على استمرار ولاية الهراوي لمدة ثلاث سنوات، ولم تعترض اميركا ولا فرنسا ولا الدول العربية، ولم يتحرك مجلس الامن لاستصدار قرار لمنع تعديل الدستور.وقد كشفت التطورات المتابعة للاستحقاق الرئاسي، والموافقة الدولية والعربية مع شبه الاجماع اللبناني على قائد الجيش العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي، والقبول بتعديل الدستور له لاسيما الفقرة الثالثة من المادة 49 التي تنص على انه لا يجوز لموظفي الفئة الاولى الترشح لرئاسة الجمهورية الا بعد تقديم استقالتهم من وظائفهم قبل سنتين من موعد الانتخابات، وقد اقرت الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة مشروع قانون لتعديل هذه الفقرة وتقدمت به الى مجلس النواب، وبذلك يكون القرار 1559 قد سقط عملياً، ولم يعد ذي جدوى، وعندما نعاه الرئيس بري كان على حق، لان كل بنوده قد تحققت عملياً، وان سلاح المقاومة لا تنطبق عليه الفقرة التي تدعو لنزع سلاح الميليشيات، لان المقاومة ووفق التعريف الرسمي اللبناني ليست ميليشيا، وقد اقر بذلك البيان الوزاري للحكومة الحالية، وايضاً جميع القوى السياسية اللبنانية.لكن المفارقة هي في ان ما كانت ترفضه الادارة الاميركية الحالية ومعها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك حول تعديل الدستور للتمديد للحود، تقبله ادارة بوش ومعها خليفة شيراك الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ومعنى ذلك، ان المسألة كانت شخصية، لان الرئيس الحريري الذي كان يعارض التمديد للحود، واشتكى بذلك الى صديقه الرئيس الفرنسي السابق، وجد ضالته في القرار المذكور الذي اعتبره صدوره قبل ثلاث سنوات انه مشروع فتنة للبنان، وهذا ما اكدته الوقائع والاحداث.لم يتحرك الرئيس بوش وحلفاؤه والتقدم من مجلس الامن الدولي للطلب من حكومةالسنيورة عدم المس بالدستور، اوتعديله لصالح انتخاب العماد سليمان، بل ان ثمة اتجاه لدى الادارة الاميركية بأن تذهب الى مجلس الامن للتدخل بشأن اجراء الانتخابات الرئاسية مع تعديل الدستور، واصدار قرار بذلك، وفرض عقوبات على كل من يعرقل العملية الانتخابية، وقد سبق للرئيس الاميركي ان اصدر قرارات رئاسية تفرض عقوبات على شخصيات لبنانية تناهض قوى 14 شباط وتعارض حكومة السنيورة.واظهر سياق الاحداث، بأن القرار 1559 لم يكن يستهدف رفض التمديد للرئيس لحود، الا لانه رفض نزع سلاح المقاومة او وقف عملياتها وتحجيمها وعزلها، وقد اصابت سوريا عندما وافقت على نصف ولاية جديدة له، لانها كانت تمتلك معلومات بأن ادارتي الرئيسين بوش وشيراك تعدان قراراً ضد المقاومة، لمحاصرتها، ورفع الغطاء عنها، من خلال افراغ لبنان من القوى المساندة لها، وقد شكلت بالقوات السورية الحماية المعنوية والمادية لها، وكذلك لحود ومن موقع رئاسة الجمهورية امّن المظلة السياسية والشرعية والدستورية للمقاومة، و كان الهدف من إخراج الجيش السوري من لبنان، وترحيل لحود من القصر الجمهوري، ان تفقد المقاومة عناصر قوة لها، يضاف اليها عمليات التحريض السياسية والتعبئة الشعبية التي اتخذت طابعاً مذهبياً، وقامت بها قوى 14 شباط وما زالت، لعزل المقاومة داخلياً واجبارها على رمي سلاحها، او الفرض عليها لاستخدامه في الداخل، وابطال صفة المقاومة عنه ولصق صفة الميليشيا به.الا ان هذه المحاولات باءت بالفشل سياسياً واعلامياً، وتحريضاً مذهبياً فكان العدوان الاسرائيلي في صيف 2006،الذي فشل وصمدت المقاومة بوجهه وانتصرت، وبقي سلاحها جنوب الليطاني وشماله، واستمرت على جهوزيتها، مما يؤكد بأن كل المعركة التي افتعلت ضد التمديد للحود، ، اثبت الوقائع ان المقصود كان ومازال المقاومة وسلاحها، والا لماذا قبل الفريق الحاكم في لبنان، بتعديل الدستور لصالح العماد سليمان، واصراره على نزع سلاح المقاومة عبر تنفيذ القرار 1559؟
Leave a Reply