تمثل مسألة تمويل الطلبة لدراستهم أحد أهم المشاكل التي تعترضهم وعائلاتهم، بسبب إرتفاع نسب الفائدة على القروض التي تقدمها الشركات الخاصة وكذلك الحكومية، مما يمثل مشكلة شائكة بالنسبة للطلبة والاولياء خاصة بعد التخرج حيث يعاني الكثير من المتخرجين من عسر في تسديد دفعات القروض الشهرية، نتيجة عدم وجود الوظائف وضعف الاجور مع إرتفاع متطلبات الحياة وتضاعف أسعار الفائدة. وتتوقع حكومة الولايات المتحدة أن تكسب المزيد من المال من القروض الطلابية هذه السنة المالية، أكثر من الأرباح التي حققتها شركة «إكسون موبيل»، و«آبل» و«أدلى جي بي مورغان تشيس» أو «فاني ماي مايد» حسب دراسة تحليلية جديدة.
ووفق أحدث توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس، والمشاريع الحكومية الاتحادية فإنّ أرباحا قياسية بقيمة 50 مليار دولار ستتحقق من خلال القروض الطلابية هذا العام. في المقابل حققت شركة اكسون موبيل 44 مليار و900 مليون دولار في عام 2012، وفقا لتقارير وقع نشرها مؤخرا، ممّا يجعلها الشركة الأكثر ربحية في البلاد. وإذا لم يوقف الكونجرس في 1 يوليو أسعار الفائدة على بعض القروض من التضاعف ، فسوف ترتفع الأرباح أكثر، وتصل إلى مبلغ إضافي قدره 21 مليار دولار حسب تقرير صدر مؤخرا. ومع ذلك هناك البعض من الذين يعتقدون أن هذه التوقعات لا تعكس بدقة المخاطر التي اتخذتها الحكومة وأنّ الأرباح ستكون أقل بكثير.
«أستطيع أن أفهم أنّ الشركات الخاصة تحقق أرباحا من القروض الطلابية ولكن لا معنى من أن تحقق الحكومة أرباحا ضخمة على حساب الطلاب الشباب الذي يحاولون أن يجدوا وظائف لأنفسهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة جدا» قالت كريستي كورير26 عام من ديترويت.
وأشارت كورير إلى أنّها تدفع بين 3.9 في المئة و10 في المئة كفائدة على مختلف القروض الطلابية، التي يبلغ مجموعها حوالي 75 ألف دولار. وقد نشرت هذه الإحصائيات في قاعدة بيانات: معدلات التخلف عن سداد القروض الطلابية والدعاوى القضائية في ولاية مشيغين ومن قاعدة البيانات: منح بيل المقدمة للطلاب في مدارس ميشيغن وتمت التغطية الشاملة لهذا الموضوع عبر: www.freep.com/studentdebt
وتمثل القروض المدرسية مشكلة للمقترضين حيث تمنع الكثير منهم من شراء بيوت أو سيارات حسب سوزن تامبر.
ويأتي إرتفاع الأرباح القياسي على القروض الطلابية خلال فترة إقتصادية صعبة حيث تنخفض معدلات الفائدة على القروض العقارية وقروض السيارات، ففي حين يمكن لمشتري منزل الحصول على قرض عقاري لمدة 30 عاما بفائدة 4.5 بالمئة، تقدم الحكومة الاتحادية قروضا بفائدة 6.8 بالمئة على القروض الطلابية غير المدعومة. وهي على بعد أقل من شهر عن مضاعفة سعر الفائدة تلقائيا على القروض التي تمنح إلى الطلاب الفقراء، ما لم يتّخذ الكونغرس إجراءات لخفض أو تجميد سعر الفائدة.
ويقول جوناثان وَالاَيْ إنّ دفعات القروض الشهرية للقرض الذي أسند اليه تمتص نحو سبعمائة وخمسين دولاراً شهريا من حسابه المصرفي. ويقوم جوناثان البالغ من العمر 25 عاما وهو من منطقة غراند رابيدز بدفع قروضه الفيدرالية و الخاصة. وتبلغ قيمة الفائدة بالنسبة لقروضه الخاصة 4 في المئة، في حين تبلغ قيمة الفائدة لقروضه الفديرالية 7 في المئة.
وبسبب أنّ الحكومة تكفل تقريبا لأيّ شخص الحصول على القروض التي يحتاج إليها، رفعت المدارس الأسعار دون النظر إلى مصدرها قال والاَيْ الذي أضاف «ومع ارتفاع الأسعار، يأخذ الطلاب قروضا أكثر من قدرتهم على تسديدها لاحقا وليس لهم خيار للمنافسة في ظل الإقتصاد الجديد». ويعمل والايْ مديرا ومحاميا في شركة الإستثمار في غراند رابيدز، وقد إقترض مائتين وخمسين ألف دولار لإتمام دراسته في جامعة دايتون ومدرسة ماريا للعلوم القانونية.
«كنت محظوظا عندما استطعت الصمود في سوق عمل صعبٌ جدا وتمكنت من توفير قدر من المال لتسديد بعض من قروضي حتى تظل عبئا ثقيلا وليس عبئا قاتلا، ولكن لدي العشرات من الأصدقاء الذين لم يحالفهم الحظ مثلي» قال والاَيْ مضيفاً «على الحكومة أن تنسحب من مجال القروض المدرسية وإلاّ فإنّها ستحطم جيلي»
عندما تخرّج الطالب أوبوشون من كلية والش في الخريف الماضي، بلغت قروضه الفدرالية 35 ألف دولار دفعها للدراسة في جامعة «وسترن ميشيغن» و«جامعة وين ستايت» وجامعة «والش». ويبلغ اوبوشون 31 سنة ويقطن بـ كومارس تاون شيب وهو شريك في شركة ريالتي وتبلغ دفعات قروضه الجامعية 172 دولاراً شهرياً. ليس لـ أوبوشون مشكلة في أن تجني الدولة الأرباح المالية من قروضه الجامعية حيث يقول «أرى الأمر على أنّ دافعي الضرائب هم من يتحصلون على المال وليس لي مشكلة مع ذلك لأنّه يجب تعويض دافعي الضرائب عن تكلفة الفرصة البديلة، والخطر من فقدان أموالهم».
أين تذهب الفوائد؟
يتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس أن تحقق الحكومة الإتحادية أكثر من 173 مليار دولار كأرباح من القروض الطلابية على مدار السنوات الـ 10 القادمة، وهذه التوقعات أعلى من توقعات إدارة أوباما التي تتوقع أن تبلغ أرباح هذا العام 34.3 مليار دولار مقابل الـ50 مليار دولار التي توقعها مكتب الميزانية في الكونغرس. وبإستخدام تقديرات الإدارة، فإنّ الحكومة تحصل على ما مقداره 18 سنتا صافي الربح من كل دولار يتم إقراضه.
وتقوم الحكومة بجني أرباح عن طريق إقراض المال بمعدلات أعلى ممّا تستعيره. بنك الإقراض يتوقع أن تستعير الحكومة بـ 2.1 في المئة خلال عام 2013 أمّا معدلات الفائدة على هذه القروض للمقترضين خلال نفس الفترة ستكون من 3.4 في المئة إلى 7.9 في المئة. الإستفادة من برنامج طالبي القروض هو محل تدقيق متزايد وجدل حول تكلفة التعليم العالي ومستويات الديون حتى في واشنطن تحت أعين طلاب الجامعات وأولياء أمورهم. وتم تحديد سعر الفائدة على قروض ستافورد المدعومة إتحاديا لتتضاعف في الأول من يوليو. وسيناقش الكونغرس عددا من مشاريع القوانين الرامية إلى إبقاء هذا المعدل منخفضا وقريبا من 3.4 في المئة.
مكتب مشاريع الميزانية في الكونغرس أكّد أنّ الحفاظ على سعر الفائدة على القروض بنحو 3.4 في المئة على القروض المدعومة سيكلف الحكومة 41 مليار دولار على مدى العقد المقبل، في حين أنّ التخلص من البرنامج المدعوم تماما من شأنه أن يزيد الأرباح بنسبة 49 مليار دولار. وتوقعات الميزانية من جانب إدارة أوباما تظهر أنّ الأرباح ستبلغ 26.3 مليار دولار في عام 2014، مع تنامي طفيف في معدّل الربح إلى ما يقرب من 19 سنتا مقابل كل دولار وقع إقراضه في عام 2014. وقال النائب الأميركي الجمهوري عن ميشيغن تيم والبرغ وهو عضو في اللجنة الفرعية للتعليم العالي في مجلس النواب «اعتقد أنّه ينبغي على الحكومة أن تُغطّي التكاليف، ولكن بالتأكيد ليس الربح من القروض الطلابية». وأضاف «أنت تأخذ أساسا الأموال من المواطنين الذين يحتاجونها ويمكن أن يستخدموها».
لا يمكن تتبع بدقة أين ستنتهي الأرباح لأنّها عملية معقدة، فبعض المال أستعمل بتوجيه قانوني إلى المساعدة في تمويل مشاريع الرعاية الصحية، في حين ذهب البعض الآخر إلى خفض العجز في الموازنة العامة الإتحادية. توقع الأرباح بدقة هو أمر صعب إستنادا إلى التوقعات بشأن أسعار الفائدة. وهذا ما يتضح في مراجعة الحسابات لعام 2012 لمكتب الحكومة الفدرالية لمساعدة الطلبة وهو يوفرأحدث البيانات المدققة المتاحة. وقد كانت التوقعات بالنسبة للحكومة الإتحادية أن تحقق أرباحا بقيمة 22.900 مليار دولار على القروض الطلابية في عام 2012. ومع ذلك، نزل هذا العدد إلى نسبة 12.2 مليار دولار. تغييرات أسعار الفائدة، والزيادات في معدلات الوفيات والعجز والإفلاس، وإنخفاض طفيف في حجم القروض كانت وراء تراجع الأرباح.
القروض أكثر أمانا للحكومة لأنّها منخفضة المخاطر
عندما يبحث المقترضون عن تمويل لتعليمهم ، يجدون أمامهم فرصة للإختيار بين عدد من القروض الإتحادية
أكثر القروض المعروفة والتي تحدثنا عنها سابقا وهي قروض ستافورد المدعومة، والمتاحة للطلبة الذين يلبون الشروط المادية المطلوبة. يمكن للطلبة إقتراض ما يصل إلى 5.500 دولار من هذه القروض في السنة، إعتمادا على السنة الدراسية التي هم فيها. وتدفع الحكومة الإتحادية الفائدة على هذه القروض أثناء وجود الطالب في المدرسة.
هذا النوع من القروض ليس مربحا بالنسبة للحكومة. و تُظهر تقديرات الميزانية أن الحكومة تفقد ما يزيد قليلا عن 3 سنتات عن كل دولار يقرض في إطار برنامج هذه القروض. ومن المتوقع أن يكون متوسط قرض ستافورد المدعوم 3204 دولار في السنة في عام 2013 حسب وثائق الميزانية.
أمّا القروض المشتركة الأخرى وهي قروض ستافورد المدعومة وقروض زائد (بلاس)، والتي تقرض إلى أولياء أمور الطلبة الذين يعتمد عليهم ابناؤهم. ومن خلال هذين النوعين من القروض تجني الحكومة أكثر أرباحها المالية. ووفق وثائق الميزانية فإنّ قروض ستافورد المدعومة هي القروض الأكثر شيوعا التي تسندها الحكومة الفيدرالية . ومن المتوقع أن يكون مقدار القرض هذه السنة 5394 دولاراً. ومن هذه القروض من المتوقع ان تجني الحكومة أرباحا بأكثر من 26 سنتاً على كل دولار تقرضه.
أمّا بالنسبة للقروض التي تسند إلى الآباء، فيبلغ متوسط القرض 14.410 دولار هذا العام. وتتوقع الحكومة الفديرالية هذه السنة ان تجني أرباحاً بـ34 سنتاً عن كل دولار تقرضه، ضمن برنامج القروض هذا حسب وثائق الميزانية. ويقول خبراء في هذا المجال أنّ هذا النوع من القروض يعتبر نسبيا منخفض المخاطر بالنسبة للحكومة أثناء عملية إسترجاع القروض مع أرباحها.
في بعض الحالات، مثل قروض الطلاب، للحكومة الإتحادية أدوات فعالة لجمع المال من المقترضين المتعثرين لا يمتلكها المقرضون من القطاع الخاص، ممّا اعطى البرامج الاتحادية ميزة حقيقية على حساب شركات القطاع الخاص، حيث أقر مكتب الموازنة بالكونجرس في تقرير له في حزيران (يونيو) 2012 بخصوص نظام القروض الاتحادية بأنّ القروض لا يسقط تسديدها حتى في حالة إشهار الإفلاس وللحكومة إمتيازات استرداد أموالها عبر الضريبة على الدخل كما كثفت الحكومة أيضا مجهوداتها لجمع ديون الماضي وتعاقدت مع شركات خاصة لمتابعة كل من يضربون القوانين عرض الحائط. وقد تضمنت الاجراءات لأسترجاع القروض زيادة الجهود من قبل المحامين الخاصين العاملين بعقود طوارئ من الحكومة الاتحادية لجلب المتعثرين في سداد القروض إلى المحاكم الإتحادية للحصول على احكام ضدهم، مما يسمح للحكومة من تحويل أجورهم اليها، كما يمكن حجز ممتلكاتهم العينية والنقدية .
وزعت مشاريع القروض الحكومية حوالي 133.5 مليار دولار إلى ما يقرب من 23 مليون من المقترضين هذا العام الدراسي. وقال خبراء إنّ تحديد الأرباح التي من الممكن أن تحققها الحكومة من القروض أمر صعب ومعقد ويستند إلى مجموعة متنوعة من العوامل منها: كم ستسقط الحكومة من المال عن بعض المقترضين وكم من الإعانات ستضطر إلى دفعها. وقد ضبط قانون إصلاح الائتمان الاتحادي لعام 1990 الطريقة التي على الحكومة أن تحدد بها القروض المسترجعة، حيث تقاس التدفقات النقدية وعملية صرف مبلغ القرض الرئيسي و المدفوعات من الفوائد وأصل الدين ناقصاً المبالغ غير المدفوعة، بالإضافة إلى أية رسوم تحصلها الحكومة من المقترض.
ولكن هناك البعض ممّن يعتقدون أنّ هذه وسيلة سيئة للقياس والتنبؤ بما تنفقه الحكومة من قروض. إنهم يحبّون ما يسمى محاسبة القيمة العادلة، والتي يعتقدون أنّها تقوم بعمل أفضل لتحديد تكلفة جمع القروض المتأخرة أو المتعثرة ، كما أنها تبحث في المخاطر التي تواجهها الحكومة عندما تقرض المال. كما يعتقدون أنّ الحكومة تحصّل في الواقع ربحا لا يذكر أو أنّها لا تربح اطلاقا. لذلك ستحقق ميزانية الحكومة الفدرالية وفق تقديرات نظرية محاسبة القيمة العادلة، ربحا يقدر هذا العام ب6 مليارات دولار هذا العام.
جاء في التقرير السنوي للمكتب الاتحادي لمعونة الطلبة لعام 2012 وهو احدث تقرير متاح أنّ نفقات القروض التي صرفت للطلبة المقترضين بلغت ما فاق إجمالي 948 مليار دولار. أنفق منها ما يعادل 18.94 دولار لكل مقترض على خدمة القرض. وقامت بتوزيع مكافأة بـ 28.350 دولار إلى مديرها العام التنفيذي ، كما أعطت خمسة من أعضاء اللجنة التنفيذية والذين حصلوا على أعلى المكافآت بـ 20.607 دولار للشخص الواحد.
تغييرات قد تعني مزيداً من الأرباح العالية
يقول تيري لوي وهو احد آباء الطلبة المقترضين انه يساعد ابنه على دفع قرضه في نفس الوقت الذي يواصل فيه هذا الأخير البحث عن وظيفة. وقال انه يدفع حوالي نصف الـ 120 دولاراً المحددة لإبنه كدفعات شهرية على قرضه إلى الحكومة الاتحادية. ويعمل لوي البالغ من العمر 54 عاماً والقاطن بشيستر فيلد تاون شيب نصف يوم عمل لا أريد أن أرى تاريخ إقتراض ابني كريدتى يخرب لذلك فأنا سعيد بمساعدته. لم أكن أعلم أنّ الحكومة الفديرالية تجني أرباحا من خلال القروض التي تسندها إلى الطلبة. كنت أظن أنهم يسترجعون نفس الاموال التي اقرضوها أو يغطون التكلفة من خلال أموال الضرائب،أما إذا كانوا يربحون أموال، فيجب عليهم أن يخفضوا أسعار الفائدة.
ويعتقد مارك كانترويتز وهو خبير مالي وناشر في موقع «FinAid.org»
إنّ التغييرات الأخيرة على القروض الطلابية، بما في ذلك قروض الحكومة الإتحادية والتي لم يعد دفع الفائدة على قروض ستافورد المدعومة خلال الأشهر الستة الأولى بعد التخرج، سوف تستمر في التأثيرعلى الأرباح. وأضاف «من المحتمل أن نرى في المستقبل المزيد من التغييرات التي تجعل القروض الطلابية أكثر ربحية بالنسبة للمقرضين»
يعاني بعض الخريجين من الطلبة من ضغط الدفعات الشهرية للقروض الجامعية وتجربة كريستي كورير ليست بعيدة عن ذلك. فقد تخرجت فى ديسمبر 2011، وأستطاعت أن تحصل على وظيفة بعد ستة أشهر ولكن تم الاستغناء عنها بعد خمسة أشهر، وبقيت عاطلة عن العمل حتى كانون الثاني الماضي، بعدها وجدت وظيفة بأجر قليل لا يمكنها من أن تدفع 600 دولار شهريا لتغطية دفعات قرضها المدرسي ونفقات المعيشة.
وقالت كورير «أشعر بأني لن أستطيع أبدا الخروج من ديون قرضي المدرسي، لعدم قدرتي على توفير أية أموال وإذا لم أكن أعيش مع خطيبي كنت سأكون مضطرة للعيش مع أمي، لأني مطالبة بدفع أغلب دخلي الى القرض المدرسي. وتمثل تجربة كورير نموذجا لتجارب أكثر خريجي الجامعة».
Leave a Reply