تصرفه الطائش ومخالفته لنصائح المسؤولين كادت أن تفجر الوضع
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
في لحظة ما، بدا وكأن الأمر على أهبة الانفجار، عندما هبط القس المتعصب تيري جونز درجات مبنى المجلس البلدي لمدينة ديروبورن باتجاه شارع ميشيغن أفينيو، حيث تجمع على الجهة المقابلة من الشارع ما يزيد عن الـ500 شخص من أبناء الجاليات العربية والمسلمة، وبعض الأميركيين، مشكلين تظاهرة مضادة، لتظاهرة جونز التي انضم إليها حوالي خمسين شخصا.
وعندما وصل جونز إلى الحاجز المعدني الفاصل، تدفقت جموع المتظاهرين الغاضبين وقطعوا الشارع، رغم ممانعة رجال الشرطة وبعض الناشطين العرب، وأطلقوا الصيحات الغاضبة، وأمطروه بالأحذية وعبوات المياه، الأمر الذي استدعى تدخل عدد من عناصر الشرطة الإضافيين بهراوتهم ودرعهم الواقية ليشكلوا حاجزاً أمنياً يفصل بين الفريقين.
وكان جونز، في الساعة الخامسة من مساء يوم الجمعة (الماضي) قد بدأ بإلقاء خطاب حاد، من على منصة منصوبة أمام الباب الرئيسي لمبنى المجلس البلدي، دافع فيه عن “التعديل الأول في الدستور الأميركي” وعن حقه بالتظاهر، ومنتقداً سلطات المدينة التنفيذية والقضائية، التي منعته من التظاهر أمام “المركز الإسلامي في أميركا” في ديربورن، يوم الجمعة قبل الماضي، 22 نيسان (أبريل).
وكما بات معلوما، فإنه تم استدعاء جونز يومها من قبل المحكمة الـ19 في المدينة، على خلفية دعوى رفعتها المدعي العام لمقاطعة وين كيم وورثي رأت فيها أن تظاهر جونز أمام المركز الإسلامي يشكل تعكيراً للأمن والسلام في المنطقة.
وأصدرت المحكمة، بناء على قرار لجنة محلفين مؤلفة من ستة أشخاص، قرارا قضائياً يمنع جونز من التظاهر أمام المركز الإسلامي لمدة ثلاث سنوات، ويطالبه بدفع غرامة مالية قدرها دولار واحد. لكن جونز، الذي أعلن بداية رفضه للقرار، تراجع عنه لاحقا على مضض، وأكد أنه سيعود الى مدينة ديربورن للتظاهر ضد “قوانين الشريعة” و”الإسلام الراديكالي”.
وعاد جونز، بالفعل، وتظاهر أمام مبنى المجلس البلدي، حيث تتواجد “منطقة حرة للتعبير” لا تحتاج إلى إذن رسمي للتظاهر. وقد أشار جونز في خطابه أمام مؤيديه إلى هذه الفكرة بالقول: “لقد منعوني من التظاهر الجمعة الماضية، وقالوا بإمكانك أن تتظاهر في “منطقة حرة للتعبير”، ولكنني أقول لكم إن الولايات المتحدة هي كلها منطقة حرة للتعبير”.
ولكن جونز، الذي يتفق الكثيرون معه في حقه بالتظاهر بمن في ذلك الشخصيات والفعاليات الإسلامية العربية، هاجم الإسلام والقرآن والرئيس الأميركي باراك أوباما، وقال “إن القرآن لا يعترف بالحقوق وبالحريات المدنية، والأميركيون لا يقبلون أن تحكم أميركا بقوانين الشريعة، ولن يكون ذلك أبدا”.
ووصف جونز الرئيس باراك أوباما بالكاذب حين قال في خطابه في القاهرة: “إن الإسلام كان على الدوام فصلا من القصة الأميركية”. وأضاف “لم يكن الإسلام يوما فصلا من القصة الأميركية”.
وكان جونز قد توقف عدة مرات أثناء إلقائه لخطابه، مثيرا انتباه مؤيديه نحو التظاهرة المضادة، ومؤججا مشاهرهم العدائية، بالقول: “انظروا إليهم، إنهم لا يحملون أعلاما أميركية”. وأضاف أكثر من مرة: “انتهبوا لدينا شخص قوي هناك وغاضب”. ولكنه على الأرجح فشل باستفزازهم الى الحد المطلوب، فقرر بعدها التوجه نحو المتظاهرين له، متجاهلا نصائح المسؤولين الحكوميين والأمنيين بعدم التوجه والاقتراب من السور الفاصل، ومخاطبة المتظاهرين الذين كانوا في معظمهم من الشباب.
وتناوب جونز مع مساعده واين ساب على حمل لافتة كتب عليها “احظروا قوانين الشريعة في أميركا”. وكان ساب قد ألقى خطابا قال فيه “لقد آن للمسيحيين أن ينزلوا إلى الشارع”.
ولفت ساب في إشارة استفزازية أخرى إلى أن المسلمين لا يحترمون السيد المسيح ولا يؤمنون به كمخلص وقال: “سمعت أحد الأئمة المسلمين يقول إن القرآن ذكر المسيح 134 مرة، ولكنني أقول.. إن القرآن قد أهان المسيح 134 حين لم يعترف بصلبه، وبأنه ابن الله”.
ووصف رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي القس جونز بـ”صانع المشاكل” وبالشخص الذي يبحث عن تمويل لكنيسته المفلسة في فلوريدا.
وكان المتظاهرون المناهضون قد رفعوا الأعلام ألأميركية والفلسطينية واللبنانية، وطالبوا جونز بالعودة إلى مدينته، وداوموا على الهتاف “يو أس أي”. وفي اللحظات التي كان فيها يهاجم القرآن رفعوا له الأحذية.
جدير بالذكر أن فعاليات إسلامية وعربية طلبت من أبناء الجاليات العربية والمسلمة بعدم التوجه إلى مكان التظاهرة التي قرر جونز عقدها، وتجاهلها، وعدم الالتفاف إليها، ومع ذلك ذهب المئات ليتظاهروا ضد أسماه كثيرون منهم “دعاوى جونز الزائفة”.
Leave a Reply