تروي
أصدرت المحكمة الفدرالية في ديترويت، الأسبوع الماضي، حكماً لصالح جمعية إسلامية تسعى لبناء مسجد جديد على عقار تجاري بمدينة تروي، وذلك بعد سنوات من امتناع البلدية عن الموافقة على المشروع بذرائع تنظيمية واهية.
وكانت وزارة العدل الأميركية قد رفعت دعوى قضائية ضد بلدية تروي –عام 2019– تتهمها فيها بانتهاك الحقوق المدنية لجمعية «مركز آدم الاجتماعي» بحرمانها من إقامة دار للعبادة في المدينة.
وبعد أربع سنوات من النزاع القضائي، توصلت القاضية الفدرالية نانسي أدموندز –في حكمها– إلى أن المسؤولين في بلدية تروي استخدموا مراسيم التخطيط المدني في المدينة بشكل غير عادل، لمنع إقامة المنشأة الدينية على أرض عقار تجاري يضم حالياً مطعماً ومخازن على شارع روتشستر.
وأوضحت القاضية إن مسؤولي البلدية رفضوا الموافقة على طلبات الجمعية المتكررة لمنحها التصاريح اللازمة لإقامة مركز ديني، وبدلاً من ذلك تمسكوا بتفسير صارم للغاية لقواعد التخطيط المدني.
ووفقاً لما ورد في الحكم، اعتبرت القاضية أدموندز أن مراسيم بلدية تروي تتضمن شروطاً غير عادلة عندما يتعلق الأمر بإقامة مراكز تجمّع للعبادة، على عكس مراكز التجمع الأخرى، وهو ما يعد انتهاكاً صريحاً لقانون فدرالي صدر عام 2000 بمنع التمييز بين المؤسسات الدينية وغير الدينية في استخدام الأراضي.
وأشارت القاضية إلى أن القانون الأميركي الخاص باستخدام الأراضي لأغراض دينية –المعروف اختصاراً باسم RLUIPA– وُضع أساساً «لحماية مراكز التجمع، كمركز آدم، من التمييز في قوانين التنظيم المدني من خلال ذرائع غامضة وعمومية مثل حركة المرور أو الجماليات أو عدم التوافق مع خطط البلدية».
وجادل محامو بلدية تروي بأن المدينة لم تعمد إلى التمييز ضد الجمعية الإسلامية على أساس العقيدة الدينية، غير أن القاضية أدموندز وجدت دفاع البلدية «غير مقنع» لاسيما وأن البلدية منحت –على مدى العقود الماضية– استثناءات لحوالي 53 دار عبادة في المدينة، دون أن يكون من بينها أي مركز خاص بالمسلمين.
وتعتبر تروي أكبر مدن مقاطعة أوكلاند بعدد سكان يتجاوز 83 ألف نسمة، لكنها تخلو من أي مسجد أو مركز إسلامي على الرغم من وجود نسبة كبيرة ومتنامية من السكان المسلمين في المدينة.
ترحيب
من جانبه، استقبل «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير) قرار المحكمة الفدرالية بالترحيب. وقالت محامية فرع المنظمة في ميشيغن، أيمي دوكوري، إن «كير» لا تزال تتابع القضية نفسها في إطار دعوى منفصلة أمام القضاء الفدرالي، لكنها أعربت –في الوقت نفسه– عن أملها في أن يساهم الحكم الأخير بإزالة المعوقات التي لا تزال تحول دون افتتاح المسجد الجديد.
ولفتت دوكوري إلى أن جمعية «مركز آدم» التي لديها حالياً مقر صغير في تروي، سعت إلى بناء مسجد في المدينة منذ العام 2013، لكن كانت تواجه دائماً اعتراض البلدية على المواقع المقترحة.
واشترت الجمعية، العقار الكائن على شارع روتشستر، في العام 2018، بعد سنوات عديدة من البحث المتواصل لإيجاد موقع مناسب لإقامة مسجد في المدينة، غير أن الجمعية سرعان ما تفاجأت مرة أخرى برفض المشروع، مما دفعها إلى مقاضاة البلدية بالتعاون مع منظمة «كير–فرع ميشيغن»، قبل أن تبادر وزارة العدل الأميركية إلى فتح تحقيق في القضية أسفر أيضاً عن الادعاء على البلدية في قضية منفصلة عام 2019.
ومن شأن إدانة بلدية تروي في إطار دعوى وزارة العدل الأميركية، أن تفتح الباب أمام تحميل المدينة مسؤولية تعويض الخسائر التي لحقت بالجمعية من جراء المماطلة في الموافقة على المشروع.
وقال الدكتور نورال أمين، رئيس «مركز آدم»، إنه سعيد لأن معركة إقامة أول مسجد في تروي قد شارفت على نهايتها السعيدة.
وفي تعليقها على الحكم، أعربت المدعي العام الفدرالي في ديترويت، دون إيسون، عن سعادتها بقرار المحكمة، لافتة إلى أنه يلحظ معاملة تروي غير المتكافئة لأماكن العبادة وتأثير ذلك على المجتمع المسلم في المدينة.
وأضافت إيسون بأن مكتبها «سيسعى دائماً إلى التعاون مع الحكومات المحلية لحلّ نزاعات الحقوق المدنية. لكن عندما يتعذر ذلك، لن نتردد في ملاحقة تلك القضايا».
ومن شأن القرار القضائي، أن يمهد الطريق أمام جمعية «مركز آدم»، لتحويل الموقع إلى مسجد. لكن من غير المعروف ما إذا كانت البلدية ستستأنف الحكم أمام محكمة الاستئناف الفدرالية السادسة في سنسيناتي.
وفي منشور له عبر موقع «فيسبوك»، قال رئيس بلدية تروي، إيثان بيكر: «في هذه المرحلة، تراجع المدينة خياراتها وقد تستأنف قرار المحكمة، لأنها تعتقد بحسن نية أن هناك أخطاء أدت إلى القرار المعاكس».
وحرص بيكر في منشوره على تبرئة البلدية من التمييز ضد المسلمين، قائلاً إن «المدينة لم تعارض قط وجود مسجد أو أي مكان عبادة آخر في المدينة».
بدوره، علّق مدير «كير–ميشيغن»، داود وليد، بالتعبير عن أمله في أن يساهم حكم القاضية أدموندز بحل المسألة، لافتاً إلى أن «مدينة تروي تعتبر نفسها مدينة متنوعة وشاملة. ولقد حان الوقت لأن يكون فيها مسجد».
وأشار وليد إلى أن مدينة تروي تضم ما لا يقل عن أربعة آلاف مسلم، مؤكداً أن هؤلاء «يستحقون أن يكون لهم مكان للعبادة»، بدلاً من قيادة سياراتهم إلى المدن المجاورة مثل وورن وستيرلنغ هايتس وروتشستر هيلز لأداء الصلاة والمشاركة في المناسبات الدينية.
والجدير بالذكر أن جمعية «آدم» التي تأسست في مدينة ساوثفيلد عام 2010، هي ثالث مؤسسة إسلامية في ميشيغن تحصل على حكم قضائي من المحاكم الفدرالية للسماح لها بإنشاء مراكز دينية رغماً عن السلطات المحلية، وذلك بعد قضيتين مماثلتين شهدتهما مدينة ستيرلنغ هايتس بمقاطعة ماكومب، وبلدة بيتسفيلد في مقاطعة واشطنو.
Leave a Reply