ضغوط على بوش فـي العراق ليغير سلوكه فـي لبنان وفلسطين
التأجيل المتكرر لجلسات الانتخاب الرئاسية متواصل لأجل غير مسمى
اصبح تأجيل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، يمر طبيعياً وعبر بيان يصدر عن رئاسة مجلس النواب، حيث بلغ عدد الجلسات المؤجلة الى 16، لان الخلاف السياسي ما زال مستحكماً بين الموالاة والمعارضة حول من يمتلك القرار السياسي، الذي عليه سيتحدد موقع لبنان في لعبة المحاور الاقليمية والدولية، والمشاريع المرسومة للمنطقة، ودوره في الصراع العربي-الاسرائيلي، ولهذه الاسباب، تبدو الحلول متعثرة، والمبادرات معقدة، ولم تنفع محاولات اتخاذ محطة القمة العربية في دمشق، من اجل الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، حيث هدد بعض الدول العربية وتحديداً السعودية ومصر بعدم حضورها، اذالم تساعد سوريا في تسهيل اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، كما اعلن قادة 14 شباط ان القمة لن تعقد اذا لم يحضرها رئيس جمهورية لبنان، لكن رغبات وتهديدات الفريق الحاكم ومؤيديه من العرب، لم تتحقق، لكن ما زالت الفرصة متاحة لجلسة 25 آذار وقبل اربعة ايام من موعد انعقاد القمة العربية، حيث يراهن الرئيس بري على اتصالات الربع ساعة الاخير لنجاح المبادرة العربية، او تقدم مبادرات واقتراحات اخرى، لكن مصادر مواكبة للاتصالات العربية لا ترجح حظوظ انتخاب رئيس جديد، قبل القمة وتعتبره صعباً، لكنها تؤكد ان اسهم العماد ميشال سليمات ما زالت مرتفعة كمرشح توافقي، وان شبه الاجماع حوله لم يتراجع.
ومع التأجيل المتكرر لجلسات انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم تقدم اللبنانيين نحو التوافق فيما بينهم، ومساعدةهم في الحل فان المبادرة العربية، ستتجمد حتى القمة العربية، لمعرفة كيف سيتعاطى الرؤساء والملوك والامراء العرب مع الازمة اللبنانية، ويتوقف الاتجاه الذي ستسلكه المعالجة على مستوى الحضور في القمة، فإذا تغيب العاهل السعودي الملك عبدالله وايضاً الرئيس المصري حسني مبارك، فان الحل سوف يؤجل، لان الخلاف السعودي-السوري، سيبقى يراوح مكانه، وسينعكس على الازمة اللبنانية التي ستزداد تعقيداً، حيث ثمة تخوف من ان الاحتقان السياسي قد ينفجر في الشارع بعد القمة، والبعض ينقل معلومات عن ان حدثاً امنياً-سياسياً، قد يقع قبل القمة لخلط الاوراق، وهو ما بدأ يقلق قيادات لبنانية وعربية واجنبية، وان التحذيرات التي ابلغت الى رعايا عرب واجانب بمغادرة لبنان، تشير الى احتمالات تدهور الاوضاع فيه.
فإستمرار الجمود في حل الازمة اللبنانية، وعدم عودة امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت لمتابعة تطبيق المبادرة العربية، يؤكد ان تعريب الحل قد يتراجع ما بعد القمة العربية، لتتقدم مبادرات اخرى، لا سيما الاوروبية، وتعويم تحرك فرنسي جديد، قد يتجه بالأزمة نحو التدويل، وهو ما بشّر به وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، الذي قد يخرج من الحكومة الفرنسية، ويتولى الملف اللبناني طاقم قريب من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، لكن المساعي الفرنسية تنتظر الى ما ستنتهي اليه المبادرة العربية.
وتؤكد اوساط المعارضة، ان لا الجامعة العربية ولا الاتحاد الاوروبي يملكان قرار الحل، وان الولايات المتحدة الاميركية، تعطل اي حل عربي واوروبي، اذا لم يصب في اطار مصالحها ويخدم استراتيجيتها ووجودها ومشروعها في المنطقة، اذ لا يمكن ان تفاوض على حل في لبنان، يكون لسوريا وايران نفوذ سياسي فيه، ودون ان تأخذ منهما في المنطقة، وتحديداً في العراق وفلسطين، وان واشنطن لا تستطيع تحمل خسارة في لبنان، الذي تعتبره من ضمن مشروعها، وان الاغلبية النيابية التي تمثلها الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة تدخل في اطار زالامن القومي الاميركيس، ولا يمكن التفريط بها.
وتمنع اميركا الحل في لبنان، قبل ان تعرف تطورات المنطقة، و الى اين ستنهي الملفات الساخنة فيها، والتي تعمل على معالجتها وفق نظريات الرئيس جورج بوش ومشاريعه، سواء في ادعائه نشر الديمقراطية التي فشلت في العراق، او تحقيق دولتين من ضمن حل الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، وقد ربط ازمة لبنان بأزمات المنطقة، لان الادارة الاميركية لن تفرج عن الحل في لبنان، قبل ان تؤمن الحلول الاخرى لصالها وضمان حلفائها كي لا تخسر في العراق وفلسطين.
لقد غضب الرئيس بوش، عندما شاهد نظيره الايراني يزور بغداد، ويقدم مليار دولار مساعدات للعراق، واعتبر الزيارة انها رسالة لواشنطن ان ايران اقوى منها في بلاد الرافدين، وباتت هي من يملك المفتاح فيها، وهو ما كشفه ايضاً تقرير بايكر-هاميلتون الذي قال ان الاستقرار في العراق وتأمين انسحاب القوات الاميركية منه بهدؤ ودون خسائر، هو عبر حوار مع ايران وسوريا، وهذا ما اغضب الرئيس الاميركي الذي لم تنفع كل قراراته واجراءاته معهما اضافة الى قرارات مجلس الامن، في اضعاف النظامين في طهران ودمشق، وتحجيمهما اقليمياً، ونزع اوراق منهما، لا بل انهما اصبحا اللاعبين الاساسيين في المنطقة ويملكان الاوراق فيها ويحركان حلفاء لهما في لبنان وفلسطين والعراق، اضافة الى ما لهما من تأثير في اكثر من دولة عربية.
فالإحتلال الاميركي يترنح في العراق، وقد ارتفع عدد جنوده القتلى الى اربعة الاف، وقد ازدادت العمليات ضده في الاسابيع الاخيرة لزيادة الضغوط على وجوده العسكري، لفرض تغييرعلى السلوك الاميركي في المنطقة سواء في فلسطين او لبنان، واستعجال الانسحاب من العراق.
هذه التطورات تعكس حالها على لبنان، وسوف يبرز الفشل الاميركي اكثر، وعند اقتراب الرئيس بوش من الانتخابات الاميركية، ستنكشف الخسائر اكثر لمشروعه في المنطقة والتي تسبب بها لبلاده وشعبه وارهقه بتكاليف لحرب غير مبررة، مما سيضعفه، وسينفك عنه حلفائه في لبنان الذي يستخدمهم لاغراضه وباتوا يعلمون ذلك ويتحدثون في مجالسهم عنه، بالرغم من التطمينات التي تصل من واشنطن لقوى 14 شباط، انه لو تغيرت الرئاسة الاميركية ومعها الادارة الاميركية، فان السياسة الاميركية ثابتة في لبنان، ولن تتبدل.
Leave a Reply