جون عاقوري: يسجل أنه قد مرت 24 ساعة بدون اعتذار من عاصي الحلاني لإهانته مجتمعي (“المسيحي”، قبل أن يعيد كتابة تعليقه) ويتساءل فيما إذا كان (عاصي الحلاني) غير مهتم باستلامه لعلم أميركي كان قد رفرف فوق مبنى الكابيتول الأميركي تكريماً لزيارته البلاد، وإذا كان الأمر كذلك.. فعلى الأمن القومي ووكالة أمن النقل الأميركية أن يضعاه على متن أول طائرة لتعيده إلى الصحراء (التي جاء منها).
بيل كوالسكي: (يوافق على إعادته الى الصحراء) مع تفتيش خاص جداً من وكالة أمن النقل، (لمعرفة) المقاييس الصحيحة!
قبلان فارس: جون.. أنا أعرف أنك تعرف ما سأقوله، ولكنني سأقوله من أجل القراء الآخرين. لا يوجد صحارى في لبنان. لبنان بلد جبلي خصب وهو البلد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط الذي ليس فيه صحراء.
بنيامين غاشيندا آمينوفسكي: لا أعتقد أن جون كان يعني أن يقول أن لبنان (موجود) في صحراء. أعتقد أنه كان يقصد إهانة المغني بشخصه لأنه قام بأمر غير حضاري يدل على أنه ينتمي إلى الصحراء، وليس إلى بلد كلبنان.. إن ما فعله عاصي الحلاني كان معيباً.
إلى هنا يبدو هذا الحوار دردشة من النوع الدارج والشائع (والعادي) بين “أصدقاء” يتبادلون الآراء والأفكار والتعليقات على صفحات الموقع الاجتماعي “فيسبوك” (مع الملاحظة إلى الأسماء ودلالاتها). ولكي لا يبدو الأمر سريالياً أو غامضاً، تكفي الإشارة إلى أن الحوار السابق مقتطع من صفحة شخص يدعى جون عاقوري أطلق من خلالها صرخة (حادة) لمقاطعة حفلات الفنان عاصي الحلاني، بدعوى إهانة الحلاني لـ”مجتمع عاقوري”، لأن الحلاني لم يذهب إلى حفلة خاصة نظمها العاقوري نفسه.
ولسنا هنا بصدد الدفاع عن النجم عاصي الحلاني، فالرجل له حضوره وتاريخه وإنجازاته التي يعرفها القاصي والداني والتي وصلت إلى البلاد التي يعيش فيها جون عاقوري الذي بدوره يعرف أن “جامعة ميشيغن –آناربر”، وهي من أرقى الجامعات الأميركية قد قامت بتكريم الفنان اللبناني. وليس أكثر من إعادة اختراع دولاب.. في القول: لا كرامة لنبي في قومه.
وكذلك.. لسنا بصدد الدفاع عن قيم “الصحراء” التي جاء منها الحلاني وعاقوري كلاهما، مع فارق أن أحدهما (الحلاني) يعتز ببلده، والآخر (عاقوري) يتندر عليه، ويسخر منه!
ليس دفاعاً عن عاصي ولا عن الصحراء، ولكن وباستعارة تعبير “الصديق” بنيامين غاشيندا آمينوفسكي: إن ما فعله جون عاقوري كان معيباً!
في المقلب الآخر، من غير اللائق على شخص “متمدن ومتحضر” (كلاس) عاش وترعرع على القيم الأميركية الحقيقية والنبيلة، أن يطالب بترحيل الحلاني إلى الصحراء، مستعملاً تعبيراً عنصرياً يردده المتعصبون والموتورون والتمييزيون ضد العرب والمسلمين. ومن غير الملائم تهديد الحلاني بالتشكيك برغبته بـ”استلام” علم أميركي كهدية، فخلف هذه الكلمات يتم تمرير تهديدات مبطنة وابتزازات من النوع الرخيص والسوقي والمبتذل الذي يستعمله المرضى بعقد البارانويا الذين ينشأون في ظل النظم الديكتاتورية. ولعلم العاقوري فهذه سلوكيات يأنف منها البشر الأصحاء، ويخجل منها جميع الناس، سواء أكانوا أولاد ذوات، أو كانوا .. من البدو القادمين من الصحراء.
ولن نتكلم أكثر حول هذا الشخص الذي لا يمتلك أي حيثية رغم أنه من النوع الذي ينسب لنفسه ألقاباً ومناصب وظيفية وهمية متنوعة بعرض لفت الانتباه، ويقتصر دوره “الاجتماعي” من خلال “مؤسسة” تدعى “غرفة التجارة اللبنانية الأميركية” التي لا تتعدى أنشطتها إقامة حفلات الكوكتيل الخاصة.
لكن البحصة التي لا بد من بقها.. هي، كيف لشخص معجب بالديمقرطية الإسرائيلية وبإسرائيل التي جزرت آلاف اللبنانيين وسفكت دماءهم واحتلت أراضيهم طوال عقود من الزمن، ناهيك عن أنها (إسرائيل) الكيان الذي مايزال مصنفاً على المستوى الوطني اللبناني ككيان غاصب وعدو، كيف لكائن كهذا أن يعتلي منبراً أعد للاحتفال بيوم الاستقلال الوطني اللبناني، وسط شريحة لبنانية كبيرة ومن مختلف الطوائف عانت الأمرين من طغيان وآثار الآلة العسكرية التي لم تبقِ ولم تذر، والتي ماتزال تواصل اعتداءاتها الغاشمة يومياً، وتعد نفسها كل لحظة للانقضاض الكبير على الجنوب، بل وكامل لبنان، ثأراً لهزيمتها في حرب تموز العام 2006؟
ثم ما هي المواهب الأصيلة، والإمكانيات الفذة، التي تجعل قنصل لبنان العام في ديترويت بالوكالة بشير طوق يصر على إعطائه هذا الدور؟ هل أصبح جون عاقوري “بيضة الديك”؟ ليس لدى طوق أي تعليل سوى أنه وعد عاقوري بأن يكون عريف الاحتفال في ذكرى الاستقلال ولم يرد إعفاءه من تلك المهمة، أو الاعتذار منه، رغم علمه بكل ما قام به وبتلك التعابير المشينة التي وضعها في صفحته على “الفيسبوك”.
لقد تفاجأ الكثيرون ممن حضروا الاحتفال بذكرى الاستقلال يوم الاثنين الماضي في فندق “حياة ريجنسي” في ديربورن، وهم يرون جون عاقوري يرقى إلى منصة الحفل، وأبلغوا قنصل لبنان العام في ديترويت بالوكالة بشير طوق بما كتبه عاقوري على صفحته في “الفيسبوك”، ولكن القنصل (الذي كان عارفاً بذلك) رد على تلك الاعتراضات، بأن “هذا بلد حر ومن حق أي واحد أن يعبر عن رأيه”.
والكل يعرف أنه من حق عاقوري أن يقول ما يريد، ولكن ليس من حق أي شخص الإساءة للآخرين، وليس من حق القنصل إهانة شريحة كبيرة من اللبنانيين باعتماده عاقوري عريفاً للحفل.. الأمر الذي دفع ببعض الحاضرين إلى مغادرة الاحتفال إضافة إلى استياء الكثيرين، الذين قرروا البقاء وبلع الموسى بحديها الجارحين، حفاظاً على الشكل العام لعيد الاستقلال، ورغبة منهم بإنجاح الحفل.
واللبنانيون جميعاً يتوقعون من القنصل طوق أن يمثل جميع اللبنانيين، ويطالبونه بالحفاظ على القنصلية كرمز وطني، وتكريس موقعها ودورها الجامع الذي لعبته على مدى عقود من الزمن وفي أحلك الظروف التي مر بها لبنان، بما فيها أيام الحرب الأهلية.
وهم يأملون من القنصل ألا يفسح المجال لأشخاص لا يرون في الوطن أكثر من سوق و”بيزنس علاقات عامة”، وعلى العكس فالجالية اللبنانية لديها الكثير من الطاقات التي تحظى باحترام كل الأطياف وجميع مكونات الشعب اللبناني، وكان الحري بالقنصل طوق الاعتماد على أشخاص موثوقين ومعروفين بحبهم للبنان وافتخارهم به وولائهم له، وليس على اشخاص طفيليين ومتسلقين وباحثين عن أدوار.
كما يعتب الكثيرون على القنصل طوق الذي كان على علم بالفعلة الشائنة التي عمد إليها عاقوري، والذي كان لديه مروحة من الخيارات أبسطها طلبه الجدي سحب تعليقات عاقوري العنصرية من صفحته على “الفيسبوك”، كما كان بإمكان طوق سحب تكليف عاقوري بتقديم الحفل وتكليف شخص آخر بتلك المناسبة الوطنية الجامعة.
ويشعر عاقوري نفسه بصبيانته وأدائه البائس حين يقوم بحذف تلك التعليقات، نزولاً عند طلب القنصل في اليوم الذي تلا الاحتفال، ويقوم بالإضافة إلى ذلك بحذف بعض الأصدقاء لكي لا يتمكنوا من الدخول إلى صفحته مرة أخرى، في خطوة تعكس خجله من نفسه ومن فعلته، فالشخص الحقيقي لا يفعل بالسر ما يخجل منه في العلن!
وتستغرب شريحة كبيرة من اللبنانيين مواقف القنصل بشير طوق وسلوكياته رغم أنها فتحت له قلوبها وأبواب بيوتها ومؤسساتها ورغم أنها كرمته وأصرت على وجوده في جميع مناسباتها. تستغرب هذه الشريحة إصرار طوق على عدم احترام مشاعرها وتاريخها ودورها الوطني، وهي تنتظر منه توضيحاً رسمياً بهذا الخصوص، لاسيما وأن الأمر يتكرر للمرة الثانية، بعد قيام فريق لبناني في المرة الأولى بإصدار بيان، يعتقد أن القنصل طوق على علاقة به، نعت فيه “شريحة كبيرة” من اللبنانيين بالطائفية، على خلفية تعيين موظف في القنصلية.
ويبقى السؤال الكبير: لماذا يضع القنصل طوق عاقوري في كفة، وشريحة كبيرة من الجالية اللبنانية في كفة أخرى؟
نعم.. الكرة للمرة الثانية في ملعب القنصل طوق!
Leave a Reply